دراساتصحيفة البعث

على الاتحاد الأوروبي أن يتطلع إلى آسيا

ترجمة: هناء شروف

عن الفاينيشال تايمز

فشلت بروكسل في بناء هياكل جذابة للتعاون الدولي، وبالنسبة للكثيرين يعد ترشيح أنتوني بلينكن لمنصب وزير الخارجية الأمريكي القادم أمراً مرحب به. إذ سيواصل العمل لاستكشاف كيفية التغلب على الخلافات وبناء جبهات مشتركة حول القضايا ذات الاهتمام المشترك مع أوروبا، خاصةً أنه كان هناك تركيز أقل على كيفية اعتماد العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على سياسات أوروبا تجاه أجزاء أخرى من العالم.

لقد أكد السيد بلينكن نفسه العام الماضي على هذا المنظور في مقال كتبه مع المفكر المحافظ في السياسة الخارجية روبرت كاجان. وكتبا: “تحالفاتنا عفا عليها الزمن من ناحية رئيسية واحدة هو أن الولايات المتحدة لديها حلفاء أوروبيون وحلفاء آسيويون، لكن لا توجد مؤسسة تربط الديمقراطيات الآسيوية والأوروبية. ونظراً لأن مبادرة الحزام والطريق الصينية تقرب آسيا وأوروبا والشرق الأوسط معاً بطرق تخدم مصالح بكين، لذلك تحتاج الديمقراطيات أيضاً إلى منظور عالمي”.

وقد لفت أولريش شبيك، الزائر الأول في صندوق مارشال الألماني، الانتباه إلى هذه الملاحظة مشيراً إلى أن محتوى العلاقة عبر الأطلسي أصبح أكثر بكثير منه حول العالم الخارجي. وقال شبيك: “من خلال القواعد والمعايير الصناعية كانت الصين تسعى وراء الكتلة الحرجة على نطاق عالمي.. وبالنسبة إلى الكتلة الحرجة  فإن البلدان الواقعة في المنطقة الرمادية أي الواقعة بين القوى الكبرى تبدأ في الأهمية، وهي آسيا الوسطى وجنوب القوقاز وأوروبا الشرقية ودول الآسيان”.

كل هذه المناطق مناطق توصي بها السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إذ يستعد الاتحاد الأوروبي للمعركة على الرغم من الوجوه الجديدة في البيت الأبيض. المفارقة هي أن المؤسسات المتعددة الأطراف والمعايير هي خبز الاتحاد الأوروبي حيث يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتحدى الولايات المتحدة. ومع ذلك، كانت واشنطن وليس بروكسل من اتبعت لسنوات هيكلاً تجارياً متعدد الأطراف – الشراكة عبر المحيط الهادئ – لربط القوى الصديقة في آسيا معاً وإرساء أسس أكثر ثباتاً صممتها الولايات المتحدة للنظام الإقليمي، الذي كانت الصين تبرز فيه بسرعة. لقد تم تدمير اتفاق الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية عبر المحيط الهادئ من قبل دونالد ترامب بعد توقيع اتفاقيات تجارية ثنائية مع دول آسيوية في السنوات الأخيرة، لا سيما مع اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة. في المقابل، لم يبد الاتحاد الأوروبي أن لديه الكثير من البدائل الشاملة لعلاقات مع المنطقة الأكثر سكاناً في العالم. والسؤال لماذا فشل الاتحاد الأوروبي في بناء هياكل جذابة للتعاون الدولي على أساس قيمه وممارساته؟.

يقول شبيك: “قد يكون أحد الأسباب أن الاتحاد متنوع للغاية مع مزيد من التماسك. من جانبنا سيكون هناك تأثير أكبر”. والمشكلة الأخرى هي أن أدوات الاتحاد الأوروبي الواعدة قد لا تكون مناسبة تماماً للإستراتيجية الجيوسياسية. من جهتها، حددت أنو برادفورد، أستاذة القانون بجامعة كولومبيا، “تأثير بروكسل”  حيث يتم تبني معايير الاتحاد الأوروبي طواعية، والمنطق الأساسي لهذه العملية يعتمد على المصلحة الذاتية للشركات العالمية لتتوافق مع قواعد بروكسل، إنه ليس شيئاً ينطوي على فرض أو إكراه. إن القضايا الجيوسياسية لا تتبع منطق السوق الذي يجعل الشركات تمتثل، أما بالنسبة لتصدير قواعده التنظيمية من خلال الاتفاقيات التجارية ، فقد جادلت برادفورد بأن “سجل الإنفاذ لدى الاتحاد الأوروبي كئيب إلى حد ما”، حتى فيما يتعلق بسيادة القانون داخل أوروبا نفسها. كما حذرت من أن الصين تعمل على ترسيخ معاييرها بشأن التكنولوجيا الرقمية، مضيفة: إن على أوروبا الالتزام الحقيقي بإكمال السوق الرقمية الموحدة..