اقتصادصحيفة البعث

أيها السادة أنتم لستم صناعيين..!.

حسن النابلسي

ربما لا نجد دليلاً أفضل من المعرض الدولي لتجهيزات المعامل وتصنيع وبيع خطوط الإنتاج “برودكس 2019” على هشاشة المشهد الصناعي، إذ إن ما عرضه وقتها من خطوط إنتاج “هزيلة” متخصص أغلبها بأعمال التعبئة والتغليف لـ”البسكويت – السكاكر- ظروف الشامبو” وفي أحسن الأحوال آلات الخياطة والحياكة، وأخرى لتصنيع أقراص بعض الحلويات، يعكس –وللأسف- مدى افتقار الاقتصاد الوطني للقامات الصناعية الوطنية..!.

ويعكس هذا المعرض أيضاً حقيقة تصدّر معبئي “الرز والمتة والسكر والشاي ..” المشهد الصناعي، وكيفية تقديمهم لأنفسهم على أنهم صناعيون حقيقيون يمثلون شريحة الصناعيين سواء في غرف الصناعة أم في الاجتماعات الرسمية أم في المؤتمرات وورش العمل الاقتصادية..!.

أغلب الظن أن تشوّه المشهد الصناعي واختلال توازنه يعود إلى غياب أو تغييب القامات الصناعية التي تعمل بصمت بعيداً عن الأضواء، وتمتلك منشآت صناعية تعتبر فخر الصناعة السورية، وذلك يعني أن وراء الأكمة ما وراءها..!.

وربما هنا يكمن أُسّ المشكلة، فإذا كان السبب في ذلك نأي كبار الصناعيين بأنفسهم عن المشهد الصناعي، فمن الطبيعي أن يحل الصغار محلهم، ولاشك أن الكبار يتحملون المسؤولية في هذا الشأن..!.

أما إذا كان السبب هو تنحية الكبار بطرق ملتوية، فعندها لابد لوزارة الصناعة من تكبير عدسة مجهر البحث عن المشتبه فيهم من المشوّهين لقطاع يُعدّ قاطرة النمو للاقتصاد الوطني، ويعوّل عليه أن يقينا شر الاستيراد المستنزف للقطع الأجنبي..!.

فإذا كان نشاط جلّ من يدّعون أنهم “صناعيون” مجرد تغليف وتوضيب، ألأجل هذا يطالب رجال الأعمال بإعفاءات جمركية على مستلزمات وآلات الإنتاج..؟.

إن من يطلب مثل هذه الامتيازات عليه أن يكون صناعياً بامتياز لا مجرد متسلق.. فهل من يصنّع الألبسة من الألف إلى الياء، أو من ينتج موادّ غذائية محلية 100% بدءاً من المادة الأولية الزراعية، مروراً بعمليات تصنيعها ومعالجتها وانتهاء بتغليفها وتوضيبها، مثل من يكتفي بالتغليف والتوضيب..؟.

وإذا ما استبعدنا معيار حجم المنشأة الصناعية، نجد أن القيمة المضافة من تصنيع منتج قمر الدين –على سبيل المثال لا الحصر- محلياً وبأدوات تقليدية، أفضل بكثير من تعبئة المتة بأحدث الآلات والتكنولوجيا.. فالأول منتج وطني يفتخر به وخاصة أنه يصدّر إلى دول الجوار بعد أن يلبّي حاجة السوق المحلية، وبالتالي فهو يشكل مصدراً للقطع الأجنبي. بينما الثاني “أي المتة” منتج مستورد يستنزف القطع الأجنبي ويحقق أرباحاً فلكية لمورّده، ولا ندري إن كانت وزارة المالية ممثلة بالهيئة العامة للضرائب والرسوم بصورة هذا الأمر أم لا..!.

hasanla@yahoo.com