ما بين المدرستين الأوروبية والأمريكية.. سلتنا بحاجة لتغيير آليات العمل القديمة!!
“البعث الأسبوعية” ــ عماد درويش
تحولات جذرية طرأت على سلتنا من خلال تغيير المدرسة التدريبية التي اعتمدت عليها فيما مضى، وعلى مدار التاريخ الطويل للعبة التي انتشرت، عام ١٩٢٢، عبر تأسيس فريق في “مدرسة اللاييك”، وبدأت تتحسن، في عام ١٩٢٤، حيث تابعت الفرق نشاطها بإقامة المباريات، حتى تم تبنيها عبر نادي بردى. وفي عام ١٩٤٢، أقيمت أول دورة وضمت أندية بردى والفتيان والأهلي والغوطة وفتيات بدر؛ وما يهم في الموضوع هو مشاركة منتخباتنا الوطنية في البطولات الدولية، وأولها كان عام ١٩٤٩ في بطولة أوروبا، وأقيمت في مصر، وآخرها الأسبوع الماضي حيث لعب منتخبنا مباريات النافذة الثانية من التصفيات الآسيوية المؤهلة للنهائيات.
تطور بالأداء
الجميع شاهد التطور في أداء منتخبنا سواء من ناحية الدفاع أو الهجوم، ويعود ذلك للفكر الجديد للمدرب الأمريكي جوزيف ساليرنو “الذي غير من فكر اللاعبين، وتمكن من التفريق ما بين اللعب بالدوري المحلي والمباريات الدولية”، وهذا يؤكد أن سلتنا مقبلة – كما أسلفنا – على نقلة نوعية باعتماد المدرسة الأمريكية التي قد تكون الحل الأنسب لإعادة الألق والهيبة لسلتنا في البطولات الدولية المقبلة، بعدما فقدت سلتنا بريقها خلال السنوات الماضية، والتي اعتمدت فيها على مدربين من أوروبا، مثل الصربي نيناد غراديتش، وآخرهم مواطنه فيسلين ماتيتش الذي أوصل سلتنا لأدنى مستوى لها، دون أي رادع له من قبل القائمين على اللعبة، بل إن منتخبنا كان على أيام ماتيتش ضعيفاً في التحول من الدفاع إلى الهجوم ولم يكن منظماً أبداً.
أفكار جديدة
وللتذكير، فإن سلتنا سبق لها وأن تعاقدت، منذ نهاية خمسينيات القرن الماضي، مع الكثير من المدربين الأجانب الذين حملوا معهم خططاً وأفكاراً جديدة، وكان أولهم البلغاري بيلا بالوك، وصولاً إلى الروسي روزاروف مدرب فريق الأهلي – المجد، في حقبة الستينيات، ومواطنه فالديمير مدرب منتخبنا بالمتوسط، وانتهاء بالصربي ماتيتش.
الانتقال – كما تحدثنا – من المدرسة الأوروبية إلى الأمريكية تحدث عنه لـ “البعث الأسبوعية” عضو اللجنة المؤقتة لاتحاد كرة السلة، طريف قوطرش، قائلاً: في البداية، همنا الأول في الاتحاد هو تطوير اللعبة محلياً، والارتقاء بها على الصعيد الدولي، خاصة بعد أن تراجع المستوى العام، وظهر ذلك من الأداء، أو النتائج التي حققها منتخبنا الوطني في كافة المشاركات القارية والدولية. ومن خلال البحث بشكل علمي مدروس، وجدنا أن من الواجب تغيير الخطط وأسلوب اللعب الذي كان متبعاً في تدريب منتخبنا الوطني، وعندما وجدنا أن الأسلوب كان يعتمد على المدرسة الأوروبية، وتحديداً دول شرق أوروبا، ولم نحقق معها التطور المنشود، كان لا بد من تغيير طريقة اللعب المتبعة، فتم التعاقد مع المدرب الأمريكي ساليرنو.. والحمد الله كانت رؤيتنا في محلها، ورغم الفترة الزمنية التي لم تتجاوز الشهر، وبإشراف من أعضاء اللجنة سواء في معسكر روسيا، ومن بعده مباراتا قطر وإيران، بدا التحسن واضحاً على المنتخب واللاعبين، من حيث التمركز بالدفاع، وكيفية تطبيق الخطط على أرض الواقع، أو الهجوم وكيفية تحرك اللاعبين الجيد من دون كرة، وهذا من أساليب اللعب الذي تعتمد عليه المدرسة الأمريكية؛ في حين سابقاً، وخلال اعتماد سلتنا على المدرسة الأوروبية، لم يكن منتخبنا قادراً على تحقيق أي انتصار، وتلقى خسارات بالجملة وبعضها بفوارق رقمية عالية، وأمام منتخبات كانت تحلم بالفوز علينا.
وبين قوطرش أن التغير الذي طرأ من مدرسة لأخرى من شأنه أن يصب في مصلحة كرة السلة السورية في المستقبل.
تكامل للجميع
أما مدرب منتخبنا الوطني السابق هادي درويش فأوضح بأن العملية ليست تغيراً ما بين مدرسة أوروبية أو أمريكية، سيما وأن كرة السلة عالمياً لم تعد منغلقة على نفسها، أي لا توجد سلة روسية أو فرنسية أو ألمانية أو أمريكية، والدليل أن هناك الكثير من اللاعبين من أوروبا يلعبون بالدوري الأمريكي، وكذلك الحال بالنسبة للاعبين الأمريكيين الذين يلعبون في الدوريات الأوروبية، والقضية تتعلق بالفكر التدريبي لكل مدرب، وأسلوبه في التدريب، ومدى تأقلم المدرب مع الكادر الفني والإداري، وهو ما ظهر جلياً على أرض الواقع، ما بين مدرب منتخبنا وكادر المنتخب في مباريات النافذة الثانية في قطر.
وأضاف درويش: المشكلة التي تعاني منها سلتنا هي مدرسة اللعب، فكل مدرب أجنبي من الذين تعاقبوا على تدريب منتخبنا قدم جهوداً مضنية، فما يهمه بالدرجة الأولى سمعته، فلا يوجد من يرضى بأن يتلقى الهزيمة تلو الأخرى. وأشار درويش إلى أن الأمر متعلق بكادر المنتخب كافة، من مدرب ومساعد وإداري وطبيب وإحصائي.. كلها عناصر مرتبطة مع بعضها البعض وهي التي تصل لتحقيق نتائج جيدة، وهو ما حصل مع منتخبنا.
وختم درويش بالقول: التغير من شأنه أن يطور اللعبة، وهو حالة صحية لتستعيد سلتنا عافيتها وتبقى بين كبار منتخبات آسيا.
فروقات قليلة
من جهته مدربنا الوطني جورج شكر أوضح أن هناك بالتأكيد فروقات بين المدرستين الأوروبية التي تعتمد على الانضباط الكبير بين الدفاع والهجوم، وبين المدرسة الأمريكية التي تعتمد أيضاً على الانضباط، ولكن مع ترك هامش أو حرية للاعب بإظهار خبرته وذكائه خاصة في الناحية الهجومية.
وأضاف شكر: هناك نقطة مهمة تتمثل في أنه، مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت الفروقات قليلة جداً بين جميع المدارس السلوية، لسهولة تبادل الأفكار والخبرات. وعليه، أعتقد أن الفارق المهم لن يكون بالاختلاف بين المدارس بقدر الاختلاف بين شخصية المدربين، والتغيير المدروس دوماً عكس التغيير الناتج عن ردات فعل، فما يهمنا دوما هو التفاعل الإيجابي بين مدرب المنتخب والإداريين واللاعبين بما يؤدي إلى تطور المنتخب، وتحقيق النتائج الجيدة واستمرار هذه الحالة أصعب من الوصول إليها.