اليمن من الاحتلال البريطاني إلى العدوان السعودي
إعداد: سمر سامي السمارة
احتفل اليمنيون في 30 من شهر تشرين الثاني الماضي بالذكرى الثالثة والخمسين لانتهاء الاحتلال البريطاني وحصول اليمن على الاستقلال التام عن بريطانيا. ومع ذلك، لا يمكن اليوم الحديث عن امتلاك اليمنيين السيادة الكاملة، حيث لا يزال البلد، الأشد فقراً في الشرق الأوسط، يعاني من عدوان تحالف آل سعود، وبدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، والمستمر منذ 2015، وفي الوقت نفسه لا يتوقف دور الغرب التحريضي في إطلاق العنان للصراع اليمني وتزويد مختلف الجماعات الإرهابية بالسلاح.
في السادس من تشرين الأول الماضي، قال رئيس اللجنة الثورية العليا في اليمن “محمد علي الحوثي” لوسائل الإعلام: “إن محاربة الولايات المتحدة للإرهاب ليس إلا غطاء للهجمات التي تشنها على المدنيين”. وبالفعل فقد تجاوزت مملكة آل سعود والولايات المتحدة كل الخطوط الحمراء في العدوان على اليمن، إذ أنهما يواصلان الاعتداء على الأهداف الحيوية والمدنيين بالأسلحة المحظورة، وتستخدمان حصار اليمن كأداة للضغط، حتى باتت القناعة للجميع إن أحد أسباب عدم إنهاء الولايات المتحدة للحرب على اليمن هو أنها تريد نهب موارد دول الخليج ووضع مرتزقتها في السلطة في اليمن.
وبحسب مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، لقي 233 ألف شخص حتفهم في السنوات الخمس الأخيرة من الصراع في اليمن، وهو ما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للتحذير من أن اليمن يواجه الآن خطراً وشيكاً لأسوأ مجاعة يشهدها العالم منذ عقود، بسبب الأعمال العدائية المستمرة، وانخفاض تمويل برامج الطوارئ في هذا البلد.
وفي تقريرها السنوي كشفت منظمة حقوق الإنسان في العاصمة اليمنية إحصائيات عن جرائم التحالف السعودي وانتهاكات حقوق الإنسان بحق المرأة اليمنية، إذ أكدت أن الانتهاكات المباشرة وغير المباشرة لحقوق المرأة ومعاناتها نتيجة استمرار العدوان والحصار على اليمن، أدت إلى القتل والتهجير القسري لآلاف اليمنيين وإلى تدهور حالة الصحة والتغذية والتعليم، إضافة إلى تداعياتها النفسية والاجتماعية.
وفي إشارة إلى تقييم تطور الوضع في اليمن، قال نائب رئيس مجلس النواب اليمني عبد العزيز جباري: “إن سيد الموقف الحقيقي للوضع في المناطق التي لا تسيطر عليها اللجان الشعبية، هو السفير السعودي محمد آل جابر الذي يعامل اليمنيين على أنهم من أتباعه، وينفذ تعليمات السعودية والإمارات المتحدة لفرض السيطرة على القرارات السياسية في اليمن”. في الوقت نفسه، شدد نائب رئيس مجلس النواب على أن اليمنيين” لن يطيعوا أحداً”، وأن “السعودية والإمارات تريدان أن تصبحا جهات فاعلة في المنطقة على حساب اليمنيين”.
السعودية ليست الوحيدة التي تحاول تعزيز وجودها العسكري في اليمن، فالإمارات والكيان الإسرائيلي أيضاً يسعيان إلى زيادة عدد منشآتهما العسكرية، لا سيما في جزيرة سقطرى، إذ تخطط “إسرائيل” لبناء منشآتها الاستخباراتية في الجزيرة، كما بدأت الإمارات المتحدة في بناء قواعد عسكرية والاستيلاء على أراض إستراتيجية كبيرة في الجزيرة اليمنية التي يسيطر عليها الانفصاليون من المجلس الانتقالي الجنوبي.
يرى خبراء أنه مع حلول نهاية عام 2020، أصبحت اتجاهات الحرب على اليمن غير مواتية للتحالف السعودي، فالعدوان الذي بدأته الرياض في ربيع عام 2015 مع خطط الاستيلاء السريع إلى حد ما على شرق اليمن وسقوط عدن وعدد من المدن الرئيسية على الساحل، لم يوح في البداية بأن الحرب قد تستمر لفترة طويلة، ولكن اللجان الشعبية أظهرت تقدماً بشكل متزايد واجتذبت المزيد والمزيد من المؤيدين، بما في ذلك من صفوف الخصوم السابقين، الذين يبتعدون بشكل كبير عن القبائل والانقسامات بأكملها.
من المعروف اليوم أن عام 2019 كان بداية لمنعطف جذري في مسار الحرب اليمنية، فقد استطاع الجيش اليمني واللجان الشعبية تحقيق مجموعة من الانتصارات التاريخية، في حين لم يتمكن التحالف السعودي حتى من تحقيق نجاحات صغيرة على الجبهة خلال العامين الماضيين. وبحلول نهاية تشرين الثاني 2020 ، وصلت اللجان الشعبية قرب مأرب، وهناك احتمال كبير أنه حتى قبل نهاية عام 2020 ، ستكون اللجان الشعبية قادرة على السيطرة على مأرب، مما قد يؤدي إلى تدمير كبير لخطط التحالف السعودي.