الرقة.. الثروة الحيوانية في ثالوث الإرهاب والرسوم المختلقة والتهريب إلى الخارج!!
“البعث الأسبوعية” ــ حمود العجاج
تناقصت أعداد الثروة الحيوانية في ريف الرقة المحرر بشكل ملحوظ، حتى وصل قطيع الأغنام الحالي “العواس” إلى ما بين 300 – 500 ألف رأس غنم، و1400 رأساً من الماعز، و4200 رأس بقر، والأرقام الحالية لا تنم عن إحصاء دقيق لقطعان الثروة الحيوانية، بشكل عام، بسبب الأعمال الإرهابية التي شهدها الريف والبادية قبل تطهيرهما من الإرهاب، وحالات السطو المسلح، وإعدام الرعاة بالرصاص في حوادث إرهابية متلاحقة بدأت بالإنحسار بعد الإجراءات التي اتخذت على أرض الواقع، لكن لا يزال هناك هاجس لدى المربين بالإحجام عن العودة إلى المراعي والإقامة في بادية الريف المحرر.. إضافة إلى كارثة الرسوم المترتبة على عبور وانتقال المواشي، والتي تصل إلى عشرات الملايين عن كل قطيع، إضافة إلى النقص بالمقنن العلفي إلى الحدود الدنيا.
وأكد الطبيب البيطري محمد البوعريب، رئيس دائرة الصحة الحيوانية في مديرية الزراعة بالرقة، توافر اللقاحات بشكل دوري ضد الأمراض السارية، حسب الجداول المخصصة للتطعيم ضد الحمى القلاعية والأنتروكسيميا والبروسيللا والباستريلا. أما الحالة العامة للمراعي فهي جيدة ومتوفرة في البادية، إلا أن المجموعات الإرهابية تحول دون وصول المربين إليها والرعي فيها.
وأشار البوعريب إلى أن القطعان تقتات حالياً على مخلفات القطن والسمسم والذره الصفراء والجبس البذري في سرير نهر الفرات، بينما تباع الأعلاف الجافة في الأسواق بأسعار مرتفعة جداً، حيث وصل سعر الكيلو غرام الواحد من الشعير والقمح والنخالة إلى أكثر من 500 ليرة، أما المؤسسة العامة للأعلاف فهي الأخرى رفعت مؤخراً أسعار الأعلاف المقررة خلال الدورات العلفية من 155 ليرة إلى250 ليرة للكيلو غرام الواحد من النخالة، ومن 200 ليرة إلى 350 ليرة لكيلو الشعير، ووصل سعر كسبة فول الصويا إلى 865 ألف ليرة، والذرة الصفراء إلى 485 ألف ليرة، وجاهز حلوب إلى 385 ألف ليرة، وكسبة القطن إلى 600 ألف ليرة، وذلك لكل طن واحد منها.
ومن الصعوبات الأخرى التي تواجه الثروة الحيوانية نقص الأعلاف، وهو ما يتطلب زيادة المقنن العلفي للرأس الواحد أكثر من الكميات المخصصة حالياً، إضافة إلى الرسوم الباهظة التي التي يتم دفعها على المعابر التي تربط الريف المحرر بالمناطق الأخرى، وذلك أثناء نقلها من مكان إلى آخر، ما ينعكس سلباً على وضع الثروة الحيوانية وتواجدها في الريف المحرر، كما يتطلب الأمر سهولة في الحصول على براءة الذمة عليها، ومساعدة المربين، كون الثروة الحيوانية تشكل المصدر الرئيسي للعديد من الأسر في الريف المحرر.
وبالمقارنة مع واقع الثروة الحيوانية في العام 2012، فقد كانت أعداد الأغنام قد وصلت إلى أكثر من مليونين و600 ألف رأس، والماعز 234524 رأساً، و22668 رأساً من الأبقار، بينما كان وصل عديد قطعان الإبل إلى حوالي 5470 رأساً، وقد تناقصت أعداد الثروة الحيوانية بسبب الظروف التي مرت بها المحافظة، حيث أصبحت الأعداد اليوم على مستوى محافظة الرقة، بشكل عام، 1445073 رأس غنم، و164167 رأس ماعز، و15868 رأس بقر، و3500 رأس إبل.
وبين البوعريب أن من الصعوبات الأخرى التي تواجه الثروة الحيوانية في محافظة الرقة أن معظم قطعان الثروة الحيوانية متواجد اليوم في المناطق الواقعة خارج سيطرة الحكومة، بينما يجد المربون صعوبة كبيرة في عبور قطعانهم إلى المناطق المحررة، وكذلك تردي الوضع الأمني في البادية التي نمت فيها المراعي بشكل جيد خلال العام الماضي، إذافة إلى سرقة ونهب العصابات الإرهابية لقطعان الأغنام في البادية، وإعدام الرعاة رميا بالرصاص، أو الذبح، وارتفاع أسعار الأعلاف الجافة بشكل مذهل في المناطق المحررة. وأما في المناطق غير المحررة، فالأعلاف غير كافية للثروة الحيوانية، وأسعارها متذبذبة، وفي المناطق المحررة كمياتها قليلة وأسعارها مرتفعة جداً. وقد قامت المؤسسة العامة للأعلاف بتوزيع المقنن العلفي لمربي الثروة الحيوانية بالاعتماد على جداول إحصاء عام 2019، الخاصة بالتحصين الوقائي والوقاية من الأمراض السارية، بناء على توجيهات وزارة الزراعة، حيث أن المقنن العلفي الوارد في تلك الجداول لا يفي بحاجة الأغنام، حسب جداول الإحصاء، وبذات الوقت لا تعطى الأعلاف – على ندرتها – إلا بوجود براءة ذمة من صندوق تداول الأعلاف، وهذا يشكل عبئاً كبيراً على مربي الأغنام، لأن براءة الذمة محصورة بالمؤسسة العامة للأعلاف، المتواجدة حالياً في مقرها المؤقت بدمشق، بعد أن كانت قبل العام 2013 في مدينة الرقة، أما أسعار الأغنام فقد ارتفعت بشكل كبير بسبب تهريبها إلى خارج سورية عن طريق المعابر غير الشرعية التي تشرف عليها الميليشات العميلة للمحتل الأمريكي، والتي تسهل عبور الأغنام إلى أربيل شمال العراق، ومنها إلى دول أخرى بأعداد كبيرة، وذلك لما للأغنام السورية “العواس” من مواصفات جيدة ومتعددة الفوائد، بينما تناقصت أعداد الثروة الحيوانية، وازدادت أسعارها حتى وصلت إلى أرقام خيالية.