الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

حضر الجميع وغاب التراث الشعبي الجولاني!

القنيطرة- محمد غالب حسين

احتضنت مديرية ثقافة القنيطرة مؤخراً مهرجان التراث الشعبي الجولاني الأول تأكيداً على أهمية هذا التراث الذي يفوح منه عبق النفل والبخور والرشاد والقهوة، ويتوهج الجولان أغنيات خالدة، وأهازيج وطنية، وأشواقاً لا تنتهي للأرض والماء والسماء والزمان  والمكان والصباحات والمساءات والتراب المضمخ بدماء الشهداء، المطرّز بشقائق النعمان والذكريات البهية، لتشمخ السيدة الجولانية بالشرش والشمبر، يلتمع بيدها منجل يعانق سنابل القمح الذهبية. وتوسّمنا الخير بهذا المهرجان، لكن الخيبة غشت المثقفين والرواد الذين أغراهم عنوان المهرجان لمتابعة فعالياته. فقد حضر الجميع بقيافتهم وابتساماتهم واستعراضاتهم وألقابهم، وغاب التراث الشعبي الجولاني ورموزه وتجلياته ودلالاته الفنية الموحية الثرة الخضراء. واتضح أن غاية المهرجان استعراض وظهور وإنفاق لموازنة المهرجان بأية طريقة لغاية لا يعلمها سوى الراسخين بالعلم والإدارة والمحاسبة. فالفرق الفنية التي دعيت للمهرجان لم تقدم تراثيات جولانية بأزياء شعبية جولانية، وقامت بعقد الدبكة فقط على أنغام هشة هجينة منفرة، بينما حضر واحد فقط من المدعوين للأصبوحة الشعرية التراثية، فألقى كلمات لم تلامس التراث الشعبي الجولاني، لأنه لا يعرفه أصلاً، وصفّق له الحاضرون، وهم كوكبة من مستخدمي مديرية الثقافة وعامليها فقط.

كلمات، أغنيات، مناشط لا تمت بصلة للجولان وتراثه وروحه وأصالته، لأن المدعوين باختصار ووضوح ليسوا من الجولان، ولا يعرفون الأغاني الجولانية التراثية، ويجهلون مفردات التراث الشعبي الجولاني. واستغرب المتابعون للشأن الثقافي بمحافظة القنيطرة استبعاد شاعر وأديب وعضو لجنة التراث الشعبي عن محافظة القنيطرة بوزارة الثقافة من فعاليات المهرجان، مع أنه وثَّق التراث الشعبي الجولاني بكتابيه: التراث الشعبي الجولاني، والأمثال الشعبية الجولانية. لكن يبدو أن وراء الأكمة ما وراءها، فلدى مديرية ثقافة القنيطرة شعراء وأدباء ومثقفون وقصّاصون ومتحدثون وفنانون تحت الطلب، وهم نوابغ بكل شيء، ويعلمون كل شيء، وناجحون بكل شيء، باستثناء الفعل الثقافي المبدع. وآخر القول: عندما يصبح سدنة الثقافة أميين، فإن الثقافة تنتحر.