300 ألف ليرة شهرياً تكلفة العناية بالحصان العربي المخصص للسباقات 988 عدد الخيول الأصيلة في حماة.. 857 منها مسجلة في كتاب الأنساب
“البعث الأسبوعية” ــ منير الأحمد
لا تزال تربية الخيول واقتناؤها قائمة لدى أعداد لا بأس بها من المربين، ومحافظة حماة ليست بمنأى عن ذلك، إذ تشتهر بكثرة عدد خيولها وإسطبلاتها ومزارعها، إضافة إلى شهرتها الحالية في إقامة سباقات الخيول العربية الأصيلة المسجلة بدليل أن ثلاثة سباقات للسرعة من أصل ستة سباقات أقيمت في حماة هذا العام.
رئيس دائرة الخيول في المحافظة، الدكتور أمين جطل، بين لـ “البعث الأسبوعية” أهم الصفات التي تميز الحصان العربي عن باقي أنواع الخيول، من جمال شكله، وقوة تحمله، ورشاقته، فضلاً عن ميزاته الفيزيولوجية كنعومة الشعر وطول القوائم، والجبهة المسطحة، وقصبة الأنف المستقيمة، والوجه المتوسط الطول، والعنق القوي العضلات، والظهر المستقيم، والصدر الواسع الذي يساعد الحصان على تحمل الركض لمسافات طويلة، كما يقدر متوسط ارتفاع الحصان العربي حتى منطقة الغراب بين 140 إلى 150 سم، وهي منطقة اتصال العنق بالجذع، إضافة إلى خليط من الألوان الجذابة مثل “الأشهب”، و”الكميت”، و”الأشقر”، و”الأحمر”، و”الأسود”، وغيرها من الألوان.
عدد كبير
وكشف جطل أن عدد مربي الخيول في حماة يبلغ 278 مربياً، إلى جانب وجود مزارع خاصة مسجلة، وعدد كبير من الحظائر المنفردة لتربية الخيل العربي الأصيل؛ وجميع هذه الخيول الأصيلة مسجلة في قيود وسجلات منظمة “الواهو” العالمية لتربية الخيول، مضيفاً أن عدد الخيول المسجلة في الدائرة يبلغ 988 رأساً، منها 857 رأساً مسجلاً في كتاب الأنساب، و131 رأساً مؤهلة للتسجيل، مؤكداً أن الدائرة تحتفظ بسجلات وقيود كل حصان عربي أصيل في إضبارة خاصة تحوي شهادة ميلاده وصورتين: أمامية وجانبية، وشهادة تلقيح توضح بعض الخصائص المميزة لهذا الحصان، والتي تمكن من مراقبة حركة الخيول، ونقل ملكيتها من شخص لآخر، كما تقوم الدائرة بمتابعة تسجيل الخيول الأصيلة الوليدة حديثاً، بعد إرسال بياناتها من اسم أبويها ونسبهما وتاريخ ولادتها ومواصفاتها إلى “مكتب الخيول” بوزارة الزراعة، والذي بدوره يكلف لجنة لأخذ عينات من دم وشعر الخيل الوليد حديثاً، ويرسلها لمختبر في ألمانيا لتحليل جيناته الوراثية DNA، لمعرفة مدى مطابقة تحاليله الوراثية مع التحاليل الوراثية للأب والأم، والتي لها قيود ومواصفات وسجلات وراثية في منظمة “الواهو” العالمية؛ وفي حال كانت هناك مطابقة لهذه التحاليل مع تحاليل الوالدين، ترسل لجنة لوشم “المهر الصغير” على عنقه من الجهة اليسرى برقم مرمز، ويتم تسجيل قيوده كحصان عربي أصيل مع تحديد نسبه ورسنه واسم أبويه ورسنهما، فضلاً عن تقديم الاستشارات للمربيين حول الولادات والأعلاف والأمراض التي تصيب الخيول.
صعوبات بالجملة
وللوقوف على واقع مربي الخيول والصعوبات التي تواجه هذه المهنة زارت “البعث الأسبوعية” عدداً من أصحاب الإسطبلات والمزارع. ففي إسطبلات الأمير التي تحوي عشرة خيول عربية أصيلة منها خمس أفراس “توليد” وخمسة ذكور لسباقات السرعة، بين صاحبها، سحبان البرازي، أن سعر الحصان أو الفرس في سورية يتراوح بين 5 و20 مليون ليرة، لكن هناك بعض السلالات السورية لا يمكن بيعها، حتى ولو وصل سعرها إلى مئات الملايين، وذلك لندرتها ولعدم وجود أكثر من زوج خيل من كل نوع منها (ذكر وأنثى)، على امتداد الجغرافيا السورية، حيث يتم العمل حالياً على تكاثرها لتضفي مزيداً من الجمال والغنى في ميادين الخيل السورية.
وعن الصعوبات التي تواجهه في تربيته للخيل، يقول البرازي: نعاني كثيراً من نقص مادة الأعلاف، وإن وجدت فإن أسعارها مرتفعة جداً، ونحن نطالب مؤسسة الأعلاف أن تخفض سعر الأعلاف فضلاً عن زيادة المخصصات من المقنن العلفي لتصبح 250 كيلو غرام في الشهر لكل رأس بدلاً من 175 كيلوغرام.
واعتبر المربي شامل المراد أن تربية الخيول عملٌ مضنٍ بقدر ما هو ممتع، كون تربية الخيل تستغرق زمناً طويلاً، يجب خلالها تغذيتها، وعنايتها، وتدريبها دون أي نقصان، مبيناً أنه يملك 6 رؤوس شاركت في أغلب السباقات المحلية، وحققت نتائج جيدة مشيراً إلى أن الخيول العربية الصافية تمتاز بالجمال والسرعات لمسافات طويلة.
وأضاف المراد: نفقات العناية بالحصان الواحد من الخيل العربي الأصيل المخصص للسباقات تصل إلى 300 ألف ليرة سورية شهرياً، وإذا ما تم إحراز بطولة في أي سباق، فلا يتم الحصول إلا على 200 ألف ليرة، ومع ذلك هناك مشاركات دائمة من أجل المتعة والاستمرارية، داعياً طلاب وخريجي كلية الطب البيطري بحماة لزيارة الإسطبلات والتعرف على الخيول والاستفادة من خبرات المربين، وبالوقت نفسه يطلعون المربي على ما هو جديد.
دعم شخصي
بدوره، أشار المربي وردان جدعان صاحب إسطبلات “أصايل بلادي” إلى أنه يمتلك عشرة رؤوس من الخيل، وهي تشارك باستمرار في سباقات السرعة بمختلف المحافظات، ليس من أجل المال وإنما محبة لرياضة الآباء والأجداد، ولأنه نذر نفسه لرعاية الخيول وتطوير اللعبة، لذلك فهو يقوم حالياً ببناء 8 بوكسات في منشأة الفروسية بحماة على نفقته الشخصية، لكي تعود بالفائدة على النادي وتخفيف الضغط نتيجة قلة بوكسات الإيواء في النادي.
وحول الصعوبات التي تواجه تربية الخيول في حماة أوضح جدعان أن هناك أموراً كثيرة تعيق تطور هذا الاختصاص، أبرزها عملية الفراغ ونقل الملكية من البائع إلى الشاري، وتأمين جوازات السفر لها حيث يستغرق الأمر وقتاً طويلاً، إضافة إلى الجهد الشاق في تأمين الأوراق المطلوبة للفراغ والنقل، رغم أنه يتوجب أن يكون هناك مرونة أكثر بهذا الخصوص، سيما أن الفروسية لعبة عريقة تعبر عن الأصالة والرجولة والشهامة التي كانت يتصف بها العرب، مضيفاً أن دعم مؤسسة الأعلاف للخيول ضعيف ولا يتناسب مع التكلفة الكبيرة لعملية إطعام الخيول، وخاصة تلك التي تشارك في السباقات، لذلك يجب إعادة النظر فيها وزيادة المخصصات من الشعير والنخالة.
سباقات خاصة
أما المربي محمد فيصل زيدان من سلمية، الذي يملك 7 رؤوس من الخيل، فأشار إلى أن تربية الخيول لها طعم خاص لا يعرفه سوى أصحابها، كاشفاً انه أقام سباقات سرعة في بلدة بري الشرقي تحت رعاية شعبة الحزب بسلمية على نفقته الشخصية، ونظم ثلاثة سباقات في السنوات الأخيرة آخرها نهاية أيلول الماضي، وهذا كله بسبب محبته للعبة ولتربية الخيول.
تفعيل الاستثمارات
قي نادي باسل الأسد للفروسية في حماة، أكد رئيس مجلس الإدارة، زاهر جلاغي، أن إدارة النادي تقدم كافة التسهيلات للخيول الرياضية التي تشارك في السباقات خارج المحافظة، لا سيما تأمين سيارات خاصة لنقل الخيول من حماة إلى دمشق، مشيراً إلى أن فرسان حماة دائماً كانوا يحققون نتائج جيدة بكافة المسافات.
وفيما يتعلق بمادة الأعلاف، أوضح جلاغي أن الإدارة سمت مندوباً لها عن طريق محافظ حماة، مهمته تسهيل عملية القطع لكافة المربيين الموجودين في النادي، إضافة إلى الاهتمام الكبير بأرضية مضمار منشأة الفروسية، بحيث تكون مناسبة لسباقات الخيول والتقليل من إصابات الفرسان.
وبين جلاغي أن إدارة النادي تعمل حالياً على تفعيل موضوع الاستثمارات القديمة في النادي، بهدف إيجاد موارد ذاتية تساعد على تطوير اللعبة، حيث بدأت بطرح قسم منها للاستثمار بما يحقق الفائدة المرجوة، وهي دعم خزينة النادي بشكل يؤدي إلى الارتقاء بواقع هذه الرياضة.
منشأة حضارية
وبين مدير منشأة الفروسية في حماة عبد الرؤوف الخاني أن المنشأة تعد من المنشآت الكبيرة في القطر، وقد أنشئت عام 1996، وتبلغ مساحتها 433 دونماً، وتضم العديد من البوكسات التي تحتضن العشرات من خيول المربين في المحافظة، ويتم رعايتها والاهتمام بها كونها ثروة وطنية ومن أجل المحافظة على جاهزيتها للسباقات والاستحقاقات الرسمية، لافتاً إلى التعاون بين إدارة النادي والمربين من أجل الارتقاء بواقع رياضة الفروسية بالمحافظة خاصة مع الدعم الذي توليه الرئيسة الفخرية لاتحاد الفروسية السيدة منال الأسد، ورئيس اتحاد الفروسية عاطف الزيبق، وكافة الجهات المعنية بهذه الرياضة.
وأوضح الخاني أن منشأة الفروسية تحوي مضماراً لسباق السرعة لمسافة 1260 متراً، بداخله ملعب للقفز الدولي بعرض ثمانية أمتار، وبطول 80 متراً، وقد استضافت الكثير من البطولات المهمة، لافتاً إلى أن المنشأة بحاجة إلى بناء “بوكسات” جديدة بهدف استيعاب أكبر عدد ممكن من الخيول، إضافة إلى ضرورة توسيع المنصة الرئيسية لاستيعاب اكبر عدد ممكن من الجماهير التي حضرت بكثافة سباقات السرعة هذا العام.