مجلة البعث الأسبوعية

إقالة المدربين في الدوري الممتاز.. إدارات الأندية والجمهور في دائرة الاتهام!!

“البعث الأسبوعية” ــ عماد درويش

حالة من الاستغراب تسود الشارع الرياضي المحلي من توالي إقالة أو “استقالة” المدربين في أندية الدرجة الممتازة لكرة القدم، رغم مرور نصف مرحلة الذهاب فقط؛ وقد شهدت الأسابيع الماضية من الدوري إقالة كل من مدرب الاتحاد مهند البوشي، ومدرب الفتوة إياد عبد الكريم، ومدرب الحرجلة فجر إبراهيم، في حين تقدم مدرب الاتحاد – الجديد – أنس صاري، ومساعده أسامة حداد بالاستقالة بعد مباراة واحدة فقط من توليهما المهمة.

موضوع الإقالة – أو الاستقالة – يعد مؤشراً سلبياً ولا يخدم كرة القدم السورية، ويؤكد غياب التخطيط السليم المبني على أسس علمية من إدارات الأندية في المقام الأول.

 

الحلقة الأضعف

ودون شك، فإن أغلب إدارات أنديتنا تفتقد للرؤية الناضجة والاستراتيجية والفكرة الواضحة لقيادة فريقها في منافسات الدوري الممتاز إلى بر الأمان، وعملها يرافقه العديد من الثغرات والهفوات الإدارية وإقحام النفس بالتدخل بالجانب الفني قبل انطلاق الدوري الكروي، وقبلها التسرع في تسمية الطواقم التدريبية للفريق الأول، والقيام بعملية استقطاب اللاعبين لتمثيل الفريق بطريقة غير محترفة، وبأسلوب بعيد عن أفكار المدرب وطريقة اللعب المراد تطبيقها أثناء المباريات، ما يحدث شرخاً بين المدرب والإدارة من نواح عدة منها، فيتعرض الفريق للهزائم فتتجه إدارات تلك الأندية إلى إلقاء تبعات الفشل على المدرب الذي يعد “الحلقة الأضعف” في المنظومة الكروية، لتكون النتيجة السهلة هي الإطاحة بالمدرب وإبعاده والاستعانة بقدرات مدرب آخر لتكملة مشوار الدوري.

 

أسباب عدة

ولعل من أهم أسباب إقالة – أو استقالة – المدربين هو ضعف الشخصية، فهناك إدارات أندية فشلت في اختيار المدرب الأنسب لفكر وطموح لاعبيها، وبالتالي لم يتمكن من الاستمرار مع الفريق بسبب سوء النتائج (وهذه النقطة تنطبق على مدرب الحرجلة فجر إبراهيم)، أو تدخلات الإدارة في عمل المدرب، الأمر الذي يدفعه للاستقالة أو تتم إقالته، أو غياب التوفيق للمدرب حيث يتعرض فريقه لأكثر من خسارة، الأمر الذي يجعل إدارة النادي تبحث عن مدرب إنقاذ، مثلما حدث مع مدرب الاتحاد مهند البوشي.

ومن المتوقع أن تشهد الجولات المقبلة عدداً أكبر من المدربين المقالين – أو المستقيلين – ويبقى السؤال حالياً: هل بات الأمر ظاهرة لا حلول لها؟!

 

معادلة متكاملة

الخبير الآسيوي ومدربنا الوطني مهند الفقير أكد لـ “البعث الأسبوعية” أن كرة القدم السورية تعاني كثيراً، ومن جميع النواحي، ولعل أكثر النواحي معاناة هي الناحية الإدارية.

وأضاف: المقدمات الجيدة تؤدي إلى نهايات جيدة، وإقالة المدربين تتم بسبب عدم الانسجام مع الإدارة أو سوء النتائج، ولكن سوء النتائج له أسباب عديدة، وكلها تتعلق بعدم التخطيط السليم، وسوء إدارة العمل، وعدم توفر السيولة المادية، وربما ضعف أداء المدرب، وعدم توفر البنى التحتية، ونوعية اللاعبين، وغيرها من الأسباب، ولكن مسؤولية كل هذه الأسباب تقع على عاتق الإدارة، وحتى ضعف أداء المدرب سببه تعاقد الإدارة مع هذا المدرب، أي سوء الاختيار. ويرى الفقير أن إقالة المدرب من أسهل الحلول لتهرب الإدارات من مسؤولياتها أمام الجماهير.

 

كبش فداء

أما المدرب الوطني هشام شربيني فأشار إلى أن الموضوع كبير جداً، وفيه تجن وظلم كبيرين، مبيناً أن المدرب هو صاحب اليد الطولى في الفريق، من الإعداد للمنافسات إلى النهايات الموسمية؛ ورغم الضغط الشديد في معظم الحالات فإن المدرب سيكون كبش فداء للكل، لأن تغيير المدرب أسهل من تغيير الجمهور والإدارات واللاعبين، ويحمل الأخطاء عندما يكون التقصير من الجميع، وقد يكون المدرب محظوظاً إذا وقع تحت إدارة متفهمة قويه ومؤمنة بعمله، فتوفر له الغطاء والمال والدعم، وتؤمن بمشروع طويل الأمد.

واعتبر شربيني أن مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دوراً خطيراً في هذا المجال، فقد أصبحت منبر ضغط شديد على صناع القرار في إدارات الأندية، خاصة إذا كانت النتائج سلبية، إذ سرعان ما تقع برأس المدرب، فإما أن يقدم استقالته، أو تتم إقالته، في الوقت الذي تهرب الإدارات من التقصير أمام الجماهير، مشيراً إلى أن مهنة المدربين شائكة معقدة، وعلينا تفهم قيمة العمل الذي يقوم به المدرب، وعدم التجني.

 

حلقة مفقودة

من جانبه، كشف مدربنا الوطني فراس خليل وجود حلقة مفقودة بين مجالس إدارات الأندية والمدرب، كون الاحترافية بالتعامل غائبة إلى أبعد الحدود، كما أن إدارات الأندية في غالبيتها لا تضم لاعبين أو مدربين سابقين إلى مجلس الإدارة، لذلك يغيب الفهم المطلوب لطبيعة العمل.

وأشار الخليل أن هذه الظاهرة غريبة، والبعض ينتظر المدرب ليسقط بأول مباراة ليتم الإطاحة به دون مبرر، فبعض الإدارات تلوح بالإقالة قبل الخسارة، مشدداً على أن أهم أسباب الإقالة هي عدم الاقتناع بالمدرب حتى قبل تعيينه، وعدم وجود خبرات فنية ضمن الإدارة لتقييم عمل المدرب بشكل صحيح، فالإدارات عليها أن تمنح المدرب فترة سنتين على أقل تقدير، ومن بعدها تتم محاسبته، وليس من خلال مباراة أو مباراتين تتم إقالته.