من يتحكم بالانتخابات الأمريكية؟
هيفاء علي
يعتقد الجميع أن من يحكم أمريكا هو الرئيس، لكن السنوات الأربع الماضية تشير إلى أن السلطة الحقيقيّة في قبضة شركة “بيركنز كوي” القانونية، بحسب المحلّلين والمطلعين على الشأن الداخلي الأمريكي. فما هي القوة الحقيقيّة للرئيس؟.
منذ عام 2016، أصيب الرئيس دونالد ترامب بالشلل بسبب مزاعم وجّهت له من قبل خصومه الديمقراطيين، بالتواطؤ مع روسيا، أسفرت عن مراقبة وإدانة وتغطية إعلامية معادية أدّت إلى خسارة الحزب الجمهوري أثناء الانتخابات النصفية 2018. وبعد ذلك في عام 2020، على الرغم من العدد القياسي للأصوات الشخصية، انتهى به الأمر بخسارة الانتخابات عندما ذهبت الملايين من بطاقات الاقتراع عبر البريد إلى خصمه جو بايدن. لذلك كان هناك أمران أقوى من الرئيس هما: اتهامات بالتواطؤ مع روسيا، وتغييرات في القوانين الانتخابية استقطبت ملايين من بطاقات الاقتراع عبر البريد.
على بعد مبنيين من البيت الأبيض، يقع مقر الشركة القانونية التي كانت مسؤولة عن نظرية المؤامرة الروسية والمحاكمات الانتخابية التي أدّت إلى استقطاب كل هذه الأصوات من خلال الاقتراع عبر البريد. إنها شركة “بيركنز كوي” القانونية، التي يقع بناؤها في واشنطن العاصمة وهو الأقوى في العالم.
في آذار من هذا العام، أدلى كريستوفر ستيل، مفجّر فضائح ترامب، بشهادته تحت القسم في لندن بأن شركة بيركنز كوي هي من دفعت ثمن القضية.
ففي عام 2016، كان ستيل في مكتب الشركة بواشنطن للقاء شريكه مارك إلياس، الذي كان آنذاك المدير القانوني لحملة هيلاري كلينتون، في الوقت نفسه تقريباً الذي كان فيه مايكل سوسمان، محامي بيركنز كوي، أحال نشر المؤامرة الروسية إلى نيويورك تايمز في سالت، وإلى زميل سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي يُدعى جيمس بيكر.
البقية تكمن في القصة حيث أطلق هذا الملف المراقبة، وتحقيق مولر ولائحة الاتهام في مجلس النواب، وقام الإعلام بإشباع البلاد بمعلومات مضلّلة يصدقها حتى اليوم نصف الناخبين. كل ذلك “بفضل” شركة قانونية تعمل لمصلحة كلينتون واللجنة الديمقراطية الوطنية، إلا أن نشاط الشركة لم يتوقف عند هذا الملف، ولأن ترامب ظلّ يحظى بشعبية كبيرة لدى القاعدة الجمهورية التي كانت تزحف على الزجاج المكسور للتصويت له في عام 2020، كان لا بد من القيام بشيء آخر في هذه الانتخابات.
القوانين التي تحكم أمن الانتخابات تقليدياً في الولايات المتحدة مماثلة لتلك المعمول بها في جميع الدول الحديثة الأخرى. إثبات الإقامة، صورة شخصية، التحقق من التوقيع، التصويت بالبريد فقط كملاذ أخير وشفافية في عملية فرز الأصوات.
الحزب الديمقراطي والجماعات الناشطة التابعة له يهاجمون هذه القوانين منذ سنوات، لكن جائحة كورونا وصلت وشكّلت فرصة مثالية لإيقاف أمن الانتخابات وتفجيرها، لكن ذلك لم يمنع من تعرض الولايات الكبرى الرئيسية فجأة لعشرات الدعاوى القضائية.
ظاهرياً، سيتمّ رفعها من قبل مجموعات محلية مثل تحالف بنسلفانيا من أجل الأمريكيين المتقاعدين، ولكن عند النظر خلف الستار، سيكون هناك أنظمة أرشفة الصور والاتصالات الديمقراطية على شاكلة أولويات الولايات المتحدة الأمريكية والناشطين مثل تحالف الديمقراطية المموّل من سوروس.
في ولاية ويسكونسن، مثلت شركة بيركنز كوي اللجنة الوطنية الديمقراطية لإعادة تقسيم الدوائر، وهي مجموعة يقودها المدعي العام السابق إريك هولدر. و في نيفادا، نجحوا في منع محاولة كانت تتطلّب وجود هوية مع صورة شخصية عند التصويت. وفي ولاية ميشيغان والولايات الأخرى، رفع مارك إلياس وشركته القانونية بيركنز كوي أكثر من 50 دعوى قضائية قضت على القواعد التي كانت هي القاعدة في أمريكا ولا تزال موجودة في الديمقراطيات حول العالم.
كانت شركة بيركنز كوي القانونية الممثل الرئيسي في حملة التضليل الروسية عام 2016 والانتخابات المروعة لعام 2020. وقد أظهر مكتبها الواقع في واشنطن، من نواحٍ عديدة، نفوذاً إجمالياً أكبر على البلاد من نفوذ البيت الأبيض نفسه.
على الرغم من أن الانتخابات قد تمّ تحديدها من خلال تداعيات المؤامرة الروسية وتدفق بطاقات الاقتراع البريدية، إلا أن هذه العوامل لم تكن كافية لولا المال الذي تمّ الإغداق به أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة والذي حطّم رقماً قياسياً بلغ 14 مليار دولار، معظمه من نفقات الديمقراطيين.
استمر البحث عن مجموعات المال السوداء المختلفة التي حوّلت كل هذه الأموال إلى الحملات في جميع أنحاء البلاد، وتمّ العثور على اسم مألوف هو بيركنز كوي في نهاية المطاف.
كما أظهرت قاعدة بيانات إحصائية أن أكثر من 50 بالمائة من أنظمة أرشفة الصور والاتصالات، سواء كانت تركز على الحملات القائمة في نيفادا أو جورجيا، تمّ تسجيلها في الواقع في عنوان مكتب الشركة القانونية في واشنطن.
أعطى سوروس لـ بيركنز كوي 5 ملايين دولار لتمويل دعوى قضائية تتعلّق بأمن الانتخابات حيث قطعت شركة بيركنز كوي شوطاً طويلاً منذ عام 2016.
هذا العام، تلقت بالفعل 49.5 مليون دولار من الجماعات الديمقراطية، أي أكثر من ضعف ما تلقته عندما كان شريكها مارك إلياس المستشار العام لحملة هيلاري.
وفي غضون أربع سنوات فقط، دبرت بيركنز كوي مؤامرة روسية مزعومة شلّت رئيساً أمريكياً، وحطّمت بمفردها أمن الانتخابات الأمريكية، وهي التي قرّرت من سيكون الشخص الذي سيدخل البيت الأبيض!.