ثقافةصحيفة البعث

حاتم علي.. رحيل صادم لمخرج الروائع

كان خبر رحيله صادماً ومفجعاً لكل من عرفه مخرجاً وإنساناً، وقد اختصرت كلمات الفنان أيمن زيدان في رثائه حجم هذه الخسارة بالرحيل المفاجئ للمخرج حاتم علي في مصر عن عمر ناهز 58 سنة.

“يا لهذا الرحيل الموجع.. أما سئمت أيها الموت من خطف الأحبَّة؟ حاتم، رحيلك أوجع من كلمات الدنيا”. في حين كتب المخرج الليث حجو في صفحته على فيسبوك: “لم يرضَ هذا العام أن ينتهي دون أن يعصر قلوبنا وأرواحنا بالحزن على فراق الأحبّة”، أما المخرج سمير حسين فقد كتب: ” لم أشعر بهذا الكم الهائل من الحزن والأسى والوجع المبرح منذ وقت طويل.. رحيل أشبه بالصاعقة وغيابه كارثة كبرى، هو أحد العلامات الكبرى والمضيئة في أيامنا الحالكة، كان أستاذاً بحق وموهبة عظيمة لن تعوض، ترك وراءه إرثاً أشبه بالسحر عمل عليه بفكر خلاق وبروح متوهجة أنتج أعمالاً خالدة لن تنسى.. الموت سرقك منا بقسوة مؤلمة وخلف في أرواحنا وقلوبنا وجعاً لن يتلاشى..”

الزير سالم

هو مخرج الروائع في الدراما السورية والعربية، ولا يختلف اثنان على أنه أحد صناعها، واستبشر الجميع خيراً حينما أعلن مؤخراً استعداده لإخراج فيلم سينمائي تاريخي يتناول الشخصية التاريخية الشهيرة الزير سالم وذلك بعد 20 عاماً على إخراجه مسلسلاً حمل الاسم ذاته وهو يُعد من روائع الدراما السورية، وكان المسلسل قد عرض عام 2000 وهو من كتابة ممدوح عدوان، ويُعد نقطة تحول في مسيرته كمخرج إلى جانب الثلاثية الأندلسية، حيث روى على مدار أربعين حلقة حكاية حرب البسوس التي شاركت في سردها نخبة من الفنانين السوريين.

روائعه التلفزيونية

يُعدّ مسلسل “الفصول الأربعة” عام 1999 من كلاسيكيات الدراما السورية وهو مُسلسل عن العائلة الدمشقية، حيث سلط الضوء على العلاقات التي تربط أفرادها مع بعضهم ومع الآخرين ضمن إطار كوميدي، وهو من كتابة ريم حنا وتمثيل مجموعة كبيرة من الممثلين. 

التحفة البصرية

وصِفت ثلاثيّة الأندلس (2002 – 2005) بالتحفة البصرية، وقد أنجزها مع شريكه وليد سيف الذي كتب الأجزاء الثلاثة، وكان من المفترض أن يعمل كلاهما على جزء أخير بعنوان “سقوط غرناطة” إلا أن هذا الجزء لم ير النور. في الجزء الأول “صقر قريش” تناول العمل سيرة عبد الرحمن الداخل وإقامة دولة جديدة في الأندلس، وفي الجزء الثاني “ربيع قرطبة” سلط الضوء على صعود مؤسس الدولة العامرية في الأندلس محمد بن أبي عامر، أمّا في “ملوك الطوائف” فقد تناول مرحلة ما بعد سقوط الدولة العامرية وبدء تقسيم ممالك الأندلس.

أيقونة دراما القضية

من أكثر الأعمال التي حققت جماهيرية لحاتم علي بالشراكة مع الكاتب وليد سيف مسلسله الشهير “التغريبة الفلسطينية ” وأُنجز عام 2004، وصف بأنه أيقونة دراما القضية حيث اعتبره النقاد واحداً من أهم الأعمال الدرامية التي تناولت معاناة الفلسطينيين على مر الزمان، وقد تناول فيه الراحل حقبةً تاريخيةً هامة في حياة الفلسطينيين امتدت ما بين ثلاثينيات وستينيات القرن الماضي.

عمل كبير

في العام 2004 أنجز الراحل مسلسل “أحلام كبيرة” وهو عمل اجتماعي تناولت فيه الكاتبة أمل حنا شريحة من واقع عائلة سورية واحدة وتحديات الحياة التي تواجه أبناءها.

من الصعب الحديث عن الأعمال الكثيرة التي أخرجها ومثّل فيها الراحل حاتم علي ونذكر منها على سبيل المثال: عصي الدمع، على طول الأيام، ندى الأيام، صراع على الرمال، أبواب الغيم، الغفران، عمر، أهل الغرام، قلم حمرة، أوركيديا، والعراب بجزأيه.

في مصر

اتجه الراحل للعمل في مصر، وكان مسلسل “الملك فاروق” تأليف لميس جابر الذي أخرجه عام 2007 من أنجح المسلسلات العربية ونال عليه جائزة أفضل مخرج من مهرجان القاهرة للإعلام العربي، مع الإشارة إلى أن في رصيد الراحل أعمالاً أخرى قام بإنجازها في مصر وهي “تحت الأرض”، “حجر جهنم”، و”كأنه مبارح”، “أهو ده اللي صار” وهو العمل الأخير الذي أنجزه العام الماضي، وجميع هذه الأعمال تعرض حالياً على العديد من المحطات المصرية.

من التمثيل إلى الإخراج

تخرّج حاتم علي من المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق-قسم التمثيل 1986 وعمل مدرساً فيه لسنوات عدة، وبدأ حياته كاتباً مسرحياً وتلفزيونياً وقصصياً، وكممثل بدأ في العام 1988 من خلال مسلسل “دائرة النار” حيث لفت الانتباه على الرغم من صغر دوره، ثم توالت مشاركاته في الأعمال الدرامية التي جسد فيها شخصيات مختلفة، كما كانت له مشاركات كوميدية ضمن مسلسل “مرايا” مع الفنان ياسر العظمة.. وفي منتصف التسعينيات توجه إلى الإخراج التلفزيوني حيث قدم عدداً كبيراً من الأفلام التلفزيونية الروائية الطويلة وعدداً من الثلاثيات والسباعيات، وفي مرحلة متقدمة برز اسمه ليصبح من أهم المخرجين العرب.

في السينما

أخرج للسينما الفيلم الروائي الطويل “العشاق” عام 2005 المقتبس عن مسلسل “أحلام كبيرة” و”شغف” عام 2005 وهو فيلم قصير إنتاج المؤسسة العامة للسينما، و”سيلينا” 2008 وهو فيلم غنائي طويل كتبه الرحابنة وأنتجه نادر الأتاسي، بطولة ميريام فارس و”الليل الطويل” 2008 وهو فيلم روائي طويل وفي العام 2007 أعلن حاتم علي رسمياً افتتاح شركته “صورة للإنتاج الفني” التي بدأت أول إنتاجاتها مع مسلسل “صراع على الرمال” كما أنتجت عدة أفلام: “علاقات شائكة” و”8 ملم ديجيتال” و”ميكي ماوس” إخراج ابنه المخرج عمرو علي و”طوق الياسمين” إخراج علي محي الدين، وأنتج حاتم علي فيلماً وثائقياً هو “عراقيون في المنفى” وعُرض عام 2008.

قاص وكاتب مسرحي

خاض حاتم علي تجربة الكتابة القصصية وله مجموعتان هما: “ما حدث وما لم يحدث” و”موت مدرس التاريخ العجوز” وفي عالم المسرح كتب ثلاث مسرحيات بالتعاون مع المخرج المسرحي زيناتي قدسية بعنوان “الحصار” كما كتب مسرحية “حكاية مسعود” وأخرج: “مات 3 مرات” عام 1996 و”البارحة.. اليوم.. وغداً” عام 1998 و”أهل الهوى” عام 1998.

جوائز

نال جائزة أفضل مخرج من مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون عن فيلم “آخر الليل” ومسلسلات “سفر” و”صلاح الدين” و”صقر قريش” و”الفصول الأربعة” وجائزة أفضل مسلسل وأفضل مخرج عن مسلسل “الملك فاروق” وذهبية مهرجان البحرين عن مسلسل “الزير سالم” وجائزة أدونيا للدراما السورية عن “التغريبة الفلسطينية” و”أحلام كبيرة” و”ملوك الطوائف” و”عصي الدمع” وذهبية مهرجان تونس للإذاعة والتلفزيون عن المسلسل التاريخي “ملوك الطوائف” وفضية مهرجان تونس للإذاعة والتلفزيون عن مسلسل “على طول الأيام” وتنويه خاص عن فيلم “الليل الطويل” في مهرجان روتردام للفيلم العربي.

أمينة عباس