الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

لآخر العمر.. وعد شرف

سلوى عباس

قبل خمس سنوات تشارك قلم حساس يلتقط التفاصيل برؤيةثقافية وأدبية عالية عبر معايشته للأحداث، فجسد نبض ما يجري على الورق لتترجم إلى مشهدية بصرية بعدسة ساحرة تشكلت منها منمنمة سينمائية بعنوان: “وعد شرف” بتوقيع المخرج باسل الخطيب والكاتب سامر محمد إسماعيل، الذي أنتج بالتعاون بين الجمعية السورية لدعم أسر الشهداءتموز،وشركتي الهاني وجوى فيلم” هذا الفيلم السينمائي القصير ينتمي لسينما الحرب التي نحتاجها في حالة الحرب التي نعيشها في سورية منذ عشر سنوات في رسالته التي تشير  إلى أن الحب هو مخلّصنا الأول مما نعيش فيه من ضغائن سببتها الحرب، والإنسان هو الغاية والقيمة الأسمى في هذه الرسالة، إضافة لتوثيقه أحداث الحرب من كل الجوانب والإضاءة على الحقيقة في مواجهة ما يجري من تزوير وتزييف للأحداث من وجهة النظر الأخرى المعادية التي تسعى لطمس الحقائق.

اليوم عادت الشراكة بين المخرج باسل الخطيب والكاتب سامر محمد إسماعيل عبر الفيلم الروائي الطويل “لآخر العمر” من إنتاج وزارة الإعلام- الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون- مديرية الإنتاج التلفزيوني، الذي قُدم بعرض خاص مؤخراً في دار الأوبرا بدمشق، وهذا ما يُحسب للفيلم أنه من إنتاج القطاع العام، رغم أهمية ما قدمه صُناع الدراما السورية في شركات الإنتاج الخاصة والجمعيات الأهلية، ومازالوا يقدمونه خلال سنوات الحرب على سورية بنقل جوانب عديدة من المعاناة السورية عبرالمسلسلات والأفلام.

“لآخر العمر” شهادة ووثيقة تاريخية يجسد تفاصيل اختطاف الصحفية لارا والفريق التلفزيوني الذي كان معها من قبل المجموعات الإرهابية أثناء تأديتهم لمهمتهم في تغطية الأحداث وما تعرضوا له من تعذيب قبل أن يقوم رجال الجيش العربي السوري بتحرير الصحفية وإعادتها إلى أهلها فكان الفيلم مرآة عاكسة للدور الفعال للإعلام الوطني السوري في نقل الصورة الحقيقية لأحداث الحرب، فكانوا رديفاً لأبطال الجيش العربي السوري في مهمتهم الأسمى في دحر الإرهاب، وكانت تضحيات الإعلاميين كبيرة حيث استشهد منهم الكثير ومنهم من لايزال يتابع مهمته بكل حب لإيصال الرسالة الوطنية التي آمن بها كل إعلامي سوري في نقل الصورة الحقيقية لما يحصل في مواجهة التضليل الإعلامي الخارجي.

في الفيلم تتقاطع مصائر الإعلاميين المختطفين مع مصائر رجال الجيش العربي السوري إذ جمعهم نبل الرسالة والهدف الإنساني، هذه الهامات التي تعلو على جراحها النازفة، وآمالها تتسامى لتطاول الشمس في عليائها، تنسج منخيوطها وشاحاً يرفرف راية بيضاء في سماء الوطن، وكان لي شرف لقاء مجموعة من أبطالنا على الجبهات الساخنة.. شباب بعمر الزهور لكنهم بإقدامهم واستبسالهم كانوا بعمر التاريخ، هؤلاء الشباب المحلقون في أفق الروح، ينسجون للوطن الذي تعاهدوا معه على الوفاء وشاح النصر ولملمة الجراح لتنهضسورية من حومة الحرب قوية ومشرقة بمحبة أبنائها لها الذين ظلوا يحملون رايتها بيرقاً موسوماً بالحلم.. كان اللقاء بهم وجهاً آخر للحياة والنصر، يمثلّون الحقيقة التي تتجلى في إرادة لاتكل ولاتمل عن العطاء، فكانوا مثالاً للإقدام والعنفوان والإباء، يعطون ويجزون العطاء، وتنبت بطولاتهم شجرة من عبق الحياة

“لآخر العمر” وعد شرف من الإعلاميين والجيش والشعب لسورية، عبر فريق العمل الذي اختاره المخرج باسل الخطيب لينسج هذه التحفة السينمائية المتكاملة من تصوير وإضاءة وغيرها، إضافة لموسيقا المايسترو سمير كويفاتي المترافقة مع كلمات أيمن زيدان والصوت الشجي لميادة بسيليس، ليؤكد هذا الوعد، وليكون الفيلم تكريماً للإعلاميين السوريين ولبطولات بواسلنا الأباة وتضحياتهم. فسلام لأرواح شهدائنا الأطهار من عسكريين وإعلاميين ومدنيين الذين قضوا من أجل وطن تباهوا بانتمائهم له.