عزل 5 قضاة وإحالة 48 للمجلس الأعلى في 2020.. “سيل” من الشكاوى ربعها “كيدي”
دمشق – ريم ربيع
عادة ما تلقى الأخبار المتداولة حول عزل أو عقوبة قاض ما جدلاً واسعاً لما للسلطة القضائية من استقلالية وخصوصية، ففي الآونة الأخيرة كثر الحديث عن قرارات عزل قضاة وتشكيل لجان رقابية لتدقيق بعض الأحكام وسط جدل واسع، إلا أن هذا ليس بالجديد عموماً، فرغم استقلال القضاء لم تكن هذه الصفة ذريعة لغياب التفتيش والمراقبة، إذ ضَمن القانون أن السلطة القضائية كما غيرها تخضع للرقابة من الجسم القضائي نفسه عبر إدارة التفتيش القضائي، وليس من جهة أخرى.
تفتيش دوري
رئيس إدارة التفتيش القضائي القاضي ماهر بدوي أوضح أن قانون السلطة القضائية أوكل إلى جهاز إدارة التفتيش مراقبة سلامة الإجراءات الأصولية، وتدقيق صحة الأحكام الصادرة عن الدوائر القضائية، وتشمل مهمة التفتيش القضائي مراقبة الأعمال الإدارية والقضائية، واستقلال القضاء، وأخيراً الشكاوى، رغم أن الأغلبية يركزون عليها دون غيرها، فيما يكون تطبيق المهام الثلاث الأولى على عاتق المفتشين القضائيين في جميع العدليات الذين يقومون بتفتيش دوري كل 3 أشهر، أما الشكاوى التي وصفها بدوي بـ “السيل” فيكون أغلبها لخطأ في فهم القانون، أو لمعلومة غير دقيقة وصلت للشاكي، وأكثر من ربع الشكاوى تكون كيدية!.
شكاوى
وكشف بدوي في حديثه لـ “البعث” أن الإدارة تلقت في عام 2020 حوالي 811 شكوى جديدة، إضافة إلى 308 شكاوى في نهاية العام، فيما تم حفظ 285 لعدم أحقيتها أو ثبوتها، وصدر لفت نظر بحق 142 قاضياً، وهو إجراء يُتخذ مع مخالفات لا تستوجب إحالة لمجلس القضاء الأعلى، فيما أُحيل 48 قاضياً لمجلس القضاء الأعلى، وعُزل 5 قضاة، أما في 2019 فوصلت 998 شكوى، وصدر لفت نظر بحق 297 قاضياً، وصدرت عقوبات مسلكية من مجلس القضاء الأعلى لـ 23 قاضياً، وتم عزل قاض واحد.
سرية
واعتبر القاضي بدوي أن عدد القضاة المحالين للمجلس مقبول نظراً لعدد الشكاوى، ولا يعتبر رقماً كبيراً، كما أن الإحالة للمجلس ليست إدانة، فقد تثبت المحاكمة أو لا، مضيفاً بأن العقوبات تتدرج أمام مجلس القضاء الأعلى من عدم مسؤولية، ثم لوم، ثم قطع من الراتب، ثم تأخير ترفيع من 6 أشهر لسنتين، ثم العزل، ولا تكون الإحالة إلا بموجب زلة مسلكية، أو خطأ مهني يستوجب المحاسبة، أما التحقيقات لدى إدارة التفتيش فهي سرية وفق القانون، وحتى مراسيم الإحالة والعزل لا تنشر.
عدم التدخل
وأوضح بدوي أن التفتيش الدوري يضمن سلوك القاضي ومظهره وتقيده بالطابع العام، ثم تتم مراجعة عينة من قراراته، وفيما إذا أخذت كفايتها ليكون القرار سليماً، كما تتم متابعة مسؤولية القاضي في متابعة الدواوين والكتاب التابعين له، بدورهم المفتشون الكتاب يراجعون الدواوين والسجلات، ويراقبون التعاميم والتبليغات والاستلام والتسليم والطوابع.
أما فيما يتعلق باستقلال القضاء فتُعنى إدارة التفتيش بالتأكد من عدم تدخل أية جهة بعمل القاضي، ومراسلة أية جهة تحاول التدخل في عمل القضاء فيما لو تقدم القاضي بشكوى ما.
تدقيق
وبعد مضي أكثر من شهر على قرار التفتيش على أعمال محكمة النقض، أوضح بدوي أنه لايزال هناك لغط بعمل لجنة التفتيش المشكّلة، إذ إن مهمتها تقتصر على الدعاوى والأحكام الصادرة حديثاً، أي بعد تشكيل اللجنة وليس الأحكام القديمة، موضحاً أن اللجنة تقدمت بتقرير أولي للوزير، لكن المدة كانت غير كافية لتقرير نهائي، فتم الاتفاق على استمرار العمل، وتقديم تقرير دوري كل شهرين، وبالنسبة للإشكاليات التي تم تسجيلها في محاكم النقض فهي عدم تدقيق صحة الخصومة، وترك الترويسة والخصوم للكاتب وهي مهمة القاضي، وعدم الإجابة عن أسباب الطعن، إضافة لوجود تناقض في بعض الأحكام، لافتاً إلى تكليف كل عضو في مجلس القضاء الأعلى بالاطلاع على العمل في عدليتين، والوقوف على كافة التفاصيل لمعالجة الظواهر السلبية، والتأكيد على تحسين الأداء والعمل، وتقديم تقرير كل شهرين لرئيس المجلس.
لا يرغبون بالتفتيش!
وأكد القاضي بدوي أن الإدارة تحتاج إلى رفدها بعدد أكبر من المفتشين القضائيين، فالمفتشون المتفرغون في الإدارة 4 فقط، وتتم حالياً مراجعة كافة العدليات لإعادة تنظيم العمل فيها، غير أن بعض القضاة لا يرغبون بمهمة التفتيش لما لها من خصوصية وحساسية مع زملائهم، إذ لا يفتش على القاضي سوى قاض أقدم منه، كما أن أغلب المفتشين يتولون المهمة إضافة إلى عملهم، فتكون الأولوية للأعمال القضائية ثم التفتيشية، مؤكداً أنه إذا وجدت محاباة في تقرير المفتشين، أو أي ضغط على القاضي لسبب ما، تنهى أعمال المفتش، ويوجّه له لفت نظر.
حيادية
وأشار القاضي بدوي إلى إرسال لجان وبعثات تفتيشية من محافظة لأخرى لضمان حياديتها، فضلاً عن وجود مفتش مركزي، وعدد من المفتشين في كل عدلية، مشيراً إلى أنه من الصعب التفتيش الدوري في بعض العدليات كادلب والحسكة ودير الزور، فيتم تكليف قضاة بالتفتيش بأضيق دائرة فيها.
وحول آلية محاكمة القضاة يطّلع القاضي على الإضبارة المتعلقة به، والتقرير التفتيشي، وجوابه، وتقرير مفتش المحافظة والإدارة، وقرار الوزير، وكل المرفقات، ويستمهل للجواب، ثم يتقدم بإجاباته ويناقشها أمام مجلس القضاء الأعلى، ثم يتداول المجلس بالمعطيات ويصدر حكمه.