لماذا هذا التجاهل تجاه القرار /2253/؟
د. مهدي دخل الله
لا شك في أنه مع نهاية عام 2015 نشأ توازن جديد على ساحة الحرب على سورية مفاده، عملياً، بداية نهاية حلم القوى المعادية بإخضاع سورية وتقسيمها..
هذا التوازن معناه أن “الأواني المستطرقة” بدأت تسجل ارتفاعاً ملحوظاً في التصدي السوري مقابل انخفاض ملحوظ في أفق تحقيق الأهداف الإرهابية.
وعلى الرغم من أن الأعداء حققوا بعض الأهداف من تدمير للبنى التحتية وللمدن والقرى وقتل السوريين وتشريدهم وضرب اقتصادهم وسرقة ثرواتهم، إلا أن الهدف الأساسي، الذي هو الإخضاع والتقسيم، لم يتحقق. نتج عن التوازن الجديد بعد عام 2015، وخصوصاً عام 2016، تعزيز واضح للموقف السياسي السوري، المدعوم من روسيا في مجلس الأمن، بحيث استطاعت سورية الضغط باتجاه قلب المعادلة القديمة، حيث أضحت الأولوية تركز على محاربة الإرهاب، وليس على “النظام السوري” كما كان سابقاً، في مجلس الأمن (وفي جنيف1)..
تلك كانت نقلة نوعية هامة في التفكير الديبلوماسي العالمي بخصوص “المسألة السورية”. حاول الأمريكيون التغاضي عن هذا التحوّل العملي على الساحة السورية وفرض مشروع قرار معاد لسورية. بالمقابل أكدت سورية ضرورة أن يتم تسجيل هذا التغيير النوعي في الميدان عبر قرار أممي بالإجماع يؤكد أولوية مكافحة الإرهاب، وبأن اتخاذ هكذا قرار شرط ضروري لأي قرار آخر..
على هذا الأساس تم تبني القرار رقم /2253/ قبل تبني القرار الشهير /2254/ بيوم واحد، بمعنى أن الأول شرط الثاني. قرار مكافحة الإرهاب الذي يحمل الرقم /2253/ تاريخ 17/12/2015 قرار مفصل وشامل، وهو من أهم القرارات الأممية لمواجهة الإرهاب وأكثرها تفصيلاً. أهم شيء في هذا القرار هو العمل الدولي على “تجفيف منابع الإرهاب” وليس على مواجهته فحسب.
أكد هذا القرار على توسيع عمل “اللجنة الفنية لمتابعة جرائم القاعدة” لتشمل (داعش)، أما (النصرة) فهي تأتي حكماً ضمن مصطلح “القاعدة”. كما تضمن القرار تشكيل “فرقة رصد” لمتابعة الأعمال الإرهابية التي تقوم بها “القاعدة وداعش والمجموعات التي تحمل فكرها كافة”.
وأكد القرار كذلك على ضرورة أن تقوم الحكومات بالتنسيق الكامل مع الدول التي ارتكبت الأعمال الإرهابية على أراضيها. وهذه إشارة غير مباشرة – لكنها واضحة- إلى ضرورة التنسيق مع الحكومة السورية في هذا الصدد.
والمهم أن لهذا القرار ثلاثة مضامين هامة. أولاً ركز على أولوية مكافحة الإرهاب، ثانياً أنشأ مؤسسات لمتابعة الإرهاب، ثالثاً اتخذ سياسات إجرائية واضحة لمكافحة الإرهاب..
هذا كله يعني أن مجلس الأمن أقر أولوية مكافحة الإرهاب قبل أن يتحدّث عن “الحل السياسي” في سورية، لأن القرار /2254/ يستند نصاً إلى القرار /2253/.
لكن لماذا يتم تجاهل هذا القرار ونسيانه؟؟.. لماذا لا يسائل المجلس المؤسسات المعنية لديه وماذا فعلت في إطار تنفيذه؟ وهل كان تبني هذا القرار من أمريكا وحلفائها مجرد ذر رماد في العيون وتبرير الانتقال إلى القرار /2254/؟؟..
mahdidakhlala@gmail.com