مؤتمر اتحاد الفنانين التشكيليين.. واجهة جديدة وعقبات!!
انتهت أعمال المؤتمر العام لاتحاد الفنانين التشكيليين في سورية منذ أيام، وتمّ انتخاب المكتب التنفيذي الجديد بعد جولة الاستئناس الحزبي التي أبعدت عدداً من المرشحين، بينهم رئيس الاتحاد السابق وعدد من أعضاء المكتب التنفيذي، ولا نغفل أن هذه النتيجة الديمقراطية جاءت نتيجة اصطفافات تنافسية لا تخلو من الشخصانية بين المرشحين أبعدت من أبعدت، وقدّمت ما قدمت من مفاجآت غير متوقعة، برأي أغلب الفنانين.
هذا المؤتمر الانتخابي الثالث الذي عُقد في ظل معاناة نقابية مزمنة لم يتمّ فيه المناقشة والتداول في الحلول الممكنة، وغابت أيضاً مناقشة التقارير الواجب تقديمها من قبل المكاتب المركزية في جوانبها الإدارية والتنظيمية وشؤون المهنة والمالية والثقافية وصولاً إلى العلاقات الخارجية، هذه المناقشات لم تحصل باعتبار أن المكاتب الفرعية في المحافظات على اطلاع بكل هذا من خلال التواصل اليومي بين المركز والفروع التي تتمتّع بشبه الاستقلالية، لكن ذلك غير مبرّر، خاصة وأن السنوات الخمس السابقة كانت حافلة بالكثير من الأسئلة والاستفسارات حول ما تمّ إنجازه واستوجب الحوار في المؤتمر العام، والتداول والمراجعة النقدية والمحاسبة واتخاذ القرار المناسب، ومن هذه القضايا نذكر:
- خلال السنوات الماضية نتيجة تأسيس صندوقي الإعانة الفورية والتقاعد الملزمين للعضو بأن يكون مشتركاً، جرت حين تأسيس صندوق التقاعد مناقشات واسعة بين صفوف الفنانين واعترض عدد كبير منهم عليه، إلا أن هذا الإنجاز فرض تجميد عضوية عدد كبير من الفنانين غير المسدّدين للاشتراك والمنتسبين، ما أدى إلى تراجع عدد الأعضاء المكتسبين للعضوية الكاملة بنسبة الثلث تقريباً، وأثار هذا التراجع ابتعاد البعض عن تسديد الاشتراك السنوي أيضاً مما أوهن الحالة التنظيمية، ولا نغفل أن عدد الأعضاء المتقاعدين الذين يتقاضون حصتهم المالية من هذا الصندوق قد صار بالعشرات بعد التأسيس، وقد طبقت معايير محدّدة ناظمة لهذا المنح تحدّدها عدد سنوات الخدمة والعمر والسيرة الفنية والشخصية للمستفيد منها، وتدير هذا الصندوق لجنة منتخبة من الأعضاء أصحاب الخبرة والثقة ويتبع للمكتب المالي المركزي، وبالتالي كان لا بد من الحوار في هذا الشأن، خاصة وأنه تمّ فتح الباب لضم سنوات الخدمة، ما يعني أن هذا الصندوق سيصل إلى العجز المؤكد.
- تمّ تأسيس جمعية العمارة الداخلية للفنانين المشتغلين في الديكور والعمارة الداخلية، ونُظمت اللائحة الداخلية الناظمة لآلية عملها وتوصيف بنيتها التنظيمية، ولهذه الجمعية أهميتها في دعم التحصيل المالي المساند لميزانية الاتحاد مستقبلاً، والسؤال عن صيغة التعاون التي ستُبنى بين هذه الجمعية ومجالس الفروع ومجالس المحافظات أيضاً؟.
- تأسّست جمعية النقاد والباحثين التشكيليين خلال السنوات المنصرمة وتمّت الموافقة على لائحتها الداخلية التي تُعرف بدورها كرديف ثقافي وفكري بات معه من الضرورة أن يكون اتحاد التشكيليين رائداً في تطوير الذائقة البصرية، وموضعاً موسوعياً وثائقياً وأرشيفياً ورقابياً أيضاً على مستوى وحيوية المعارض، وتعزيز البحث في التجارب التشكيلية السورية الجديدة والتعريف فيها بالتعاون مع المنابر الإعلامية إلى جانب موقع الاتحاد وعلى قنوات التواصل الاجتماعي، ولهذه الأهمية كان من المفروض قراءة حال هذه الجمعية أمام المؤتمر والبحث في دعم دورها!.
- عمل المكتب التنفيذي على إعادة النظر بسياسة القبول حرصاً على نوعيته ومتانة القيمة فيه، خاصة وأن عدداً كبيراً من الأعضاء المقبولين والمسجلين كأعضاء لم يقوموا بأي دور فني بعد قبولهم، وأنهم بعيدون كل البعد عن الفن التشكيلي، ولن يكونوا إلا هواة اكتسبوا عضوية الاتحاد بسهولة لغاية ساذجة في أنفسهم، أوقعت صورة الفنان في الترهل وسطحية الدور والأداء، مما حدا بالمكتب التنفيذي لإعادة النظر في سياسة منح العضوية والتشدّد في جعل المتقدم لفترة التمرين بأن تخضع أعماله للتقييم من قبل لجنة خبيرة يشكلها المكتب التنفيذي، ولاحقاً يكتسب المعنيّ العضوية الأصيلة بعد انقضاء الفترة المحدّدة وتخضع الأعمال الجديدة للتحكيم أيضاً، ونذكر في هذا المقام أنه تقدّم في العام الماضي أكثر من 75 عضواً من غير الخريجين من كلية الفنون الجميلة ولم يقبل منهم سوى عشرة فقط لتواضع التجارب المقدمة، مما أثار حفيظة العديد من هؤلاء وبعض أعضاء الاتحاد الذين شنّوا هجوماً على سياسة قيادة الاتحاد، وتسبب ذلك في إحداث وهن كبير في ثقة البعض باتحادهم!.
- يعاني الاتحاد من غياب التمويل وضعف القدرة المالية التي تمكّنه من لعب دوره النقابي والاجتماعي الفاعل والملموس في تقديم الدعم والإسناد لأعضائه على المستوى الطبي والصحي وعلى المستوى المهني أيضاً، كما يعاني من عدم إمكانية الاقتناء والترويج للعمل الفني وخاصة اللوحة، حتى وصل الأمر إلى عدم إمكانية أي معرض قادم من باقي المحافظات إلى دمشق أو أي مشاركة من بعض الفنانين هناك، على الأقل في معرض الخريف بسبب ضائقة الفنانين المادية، هذا الحال ألا يستحق من أعضاء المؤتمر البحث فيه؟.
أسئلة كبيرة ومهام شاقة في مواجهة اتحاد التشكيليين حتى يلعب الدور المنشود، وستكون السنوات الخمس القادمة أمام المكتب التنفيذي الجديد حافلة بالمواجهة والعمل للحفاظ على ما أُنجز ومتابعة ما يمكن إنجازه، والاستفادة من الخبرات النقابية المتوفرة وفتح باب الحوار والمشاركة وإفساح المجال للمبادرة وتشجيعها والتمتع بروح الشفافية والوضوح.
أكسم طلاع