لضبط الأمور!!
في خضم هذه الملحمة المعيشية، يستوقفنا العديد من الحالات الصحية التي نرصد من خلالها الكثير من المخالفات، سواء من ناحية التسعيرة أو من ناحية الأخطاء الطبية التي تثير الغرابة وتدعونا لطرح ألف سؤال وسؤال، وخاصة عندما نرى تفاقم ظاهرة التخلي عن القيم وأخلاقيات المهنة الإنسانية بطريقة فاضحة. ولم تتوقف تداعيات هذا الواقع الاستثماري الذي نقرّ بأنه ليس حالة جديدة، سواء على الصعيد الفردي أو صعيد المؤسسات الطبية كالمشافي والمراكز الصحية الخاصة، وهناك آلاف القصص التي تروي معاناة الناس نتيجة تسلّل المفهوم التجاري للقطاع الصحي الذي يشهد ما يمكن تسميته الحالة الانغماسية التجارية المسيطرة على عقلية الكثير من الأطباء تحت حجج ومبررات مختلفة.
ولا شك أن ما يحدث في القطاع الصحي يتطلّب وقفة مطولة وتحركاً سريعاً من النقابة ووزارة الصحة للمعالجة وضبط الأمور، وخاصة في هذه الأيام العصيبة والانصياع التام لرغبات البعض، ولاسيما أولئك الذين يؤمنون بأن ما نعيشه اليوم ليس إلا فرصة سانحة لحصد الثروات وبوابة واسعة للاستثمار. وطبعاً، هذا الواقع ليس غريباً في حياة الحرب، ولكن ما يدعو للاستغراب أن ينضمّ بعض الأطباء إلى قائمة المتاجرين بآلام الناس وتطويع إنسانية مهنتهم لخدمة جيوبهم التي تغذيها أوجاع المرضى، الذين وإن تفهموا أسباب هذا الجشع وتقبلوا مستجداته، متسلحين بالأمل في مواجهة التحديات التي لا تُعدّ ولا تُحصى، إلا أنه لم يعد بإمكانهم تحمّل تمادي البعض في استغلالهم والإمعان في إدخال حياتهم دائرة المحن والكوارث الشاملة، فعندما يرفع الأطباء أسعار المعاينة لتتخطى كل الخطوط الحمراء، بحيث بات التعاطي مع المعاينات الطبية كبورصة تجارية تعتمد لغة الرقم التصاعدي والربح الخيالي الذي لا يستند إلى أخلاقيات المهنة أو الأنظمة المعمول بها.. لابد أن نسأل: إلى متى؟.. وهل تتحرك الجهات المعنية، أم يبقى الحبل على الغارب كما يُقال؟.
بشير فرزان