إشارات استفهام كثيرة لمستقبل الخريج الجامعي
“البعث الأسبوعية” ــ ديانا رسوق
في وقت تسعى معظم العائلات لإيصال أبنائها للمرحلة الجامعية والحصول على الشهادة متخذة من عبارة “العلم يرفع بيوتاً لاعماد لها والجهل يهدم بيت العز والكرم” دافعاً لها بهذا الاتجاه، بات الحصول على الشهادة في أيامنا هذه، بشكل أو بآخر، عاجزاً عن فتح أي باب من أبواب الأمل، ولا يطرق جرس تغيير في الحالة الاجتماعية، بل أصبح تخرج الطالب أقرب لصدمة جديدة بواقع حال دون تحقيق طموحه الرامي لاقتناء “مفتاح الفرج” بعد تخرجه، وليكتشف أن الحصول على فرصة عمل ليست بسهولة ما كان يراوده من أحلام، وأن ثمة صعوبات بالحصول على عمل يتناسب مع شهادته، ليضطر بالتالي إلى القبول بأي عمل مهما كان، محاولاً بذلك استغلال أية فرصة تتاح أمامه ليستطيع أن يتدبر أمور معيشته, فهناك مهندسون يعملون بالتدريس، ومدرسون يعملون بشركات خاصة بعيداً عن شقاء وكد سنوات من التعب.. وهنا تتراود لأذهان الكثير من طلاب المرحلة الأكاديمية مخاوف حول مصير الشهادة لجهة أن مصيرها سيكون “تزيين حائط” أو أنها ستكون بالفعل “فيزا” عبور إلى الحياة العملية وتوظيف ما اكتسبه من تعليم سيكلل بخبرة عملية..!.
تساؤل..؟
لاشك أن سبب عدم توفر فرص العمل يعود إلى الازدياد المستمر بأعداد الخريجين بشكل يفوق مقدرة واستيعاب سوق العمل، ولكن ما دور المؤسسات التعليمية المعنية بمخرجات التعليم في هذا الشأن من جهة، وما دور المؤسسات المعنية بمدخلات سوق العمل، لجهة تحقيق التوازن في هذه المعادلة من جهة ثانية..؟.
لابد من الشراكة..!.
رغم أنه ليس من مهام التعليم العالي إنتاج سوق وفقاً لما أشار إليه معاون وزير التعليم العالي الدكتور رياض طيفور، إلا أنه أكد أن هذا الأمر بحاجة لشراكة حقيقية بين مؤسسات التعليم العالي وبين سوق العمل, وأن المشكلة الحقيقية في سورية في هذا الشأن تتمثل بأن سوق العمل موجود إلا أنه غير موصف، فهو لا يزال مجهولاً ولاسيما لجهة عدم وجود بيانات دقيقة له, مؤكداً على استعداد الوزارة دوماً لاستقبال أي شراكة, لافتاً إلى وجود بعض المبادرات المحدودة بهذا الخصوص، منوهاً إلى أن المشكلة القائمة بين التوصيف الوظيفي وبين الاحتياجات العاملة، تشي بوجود خلل ما في هذا الشأن.
خارطة
وأكد طيفور على حاجة الوزارة لخارطة توزع الاحتياجات من مخرجات التعليم العالي على مستوى سورية، فمن شأن هذه الخارطة على سبيل المثال أن تحدد أن محافظة حلب بحاجة خلال خمسة سنوات قادمة لاختصاصات “الاتصالات والميكانيك أو الغزل والنسيج”، إلى جانب ذلك تقوم الخارطة بتحديد عدد الطلاب في كل فرع حسب الحاجة، لتقوم وزارة التعليم بناء على ذلك بزيادة القبول بهذه الاختصاصات لتغطية الحاجة, مبيناً -كمثال آخر- أنه في حال زودت هذه الخارطة وزارة التعليم حاجة المنطقة الشرقية لاختصاص “زراعة الزيتون وإصلاح التربة” تقوم الوزارة بإحداث هذه الاختصاصات في تلك المنطقة، وهكذا الحال بالنسبة لسوق العمل فعليه تزويد الوزارة باحتياجاته وملاحظاته حول الخطة الدرسية لتوصيف الاحتياجات، لتقوم الوزارة بإعداد الخطة الدرسية التي توافق هذا التوصيف وإعداد الخريج وفقاً للاحتياج لتأمين فرصة عمل لذلك الخريج من الجهة المعنية.
مشروع تعاون
وأشار طيفور إلى وجود مشروع تعاون بين الوزارة والاتحاد الوطني لطلبة سورية لدراسة المخرجات الجامعية وتحفيز الطلاب الخريجين لاختيار مشاريع التخرج الرائدة على مستوى الكليات ومنحهم مكافآت مادية ومعنوية على أن يتم وضع نظام لإدارة هذا المشروع على مستوى سورية، بالإضافة لإقامة معارض لعرض مشاريع التخرج التي تحمل أفكار ذات قيمة مضافة, والعمل على تحويل تلك المشاريع إلى رائدة مستقبلا قد تكون مشاريع صغيرة يعمل بها صاحب المشروع مع ورشة عمل محدودة، وقد تكون مشاريع كبيرة تحتاج لتبني من جهة أخرى.
منافسة
وبالنسبة للدراسات العليا والدكتوراه بين طيفور وجوب العمل على توجيهها لخدمة احتياجات السوق من خلال معرفة المشاكل والنواقص الموجودة، وبعدها تطلب الوزارة من طلاب الدراسات العليا (ماجستير – دكتوراه) لدراسة هذه المسائل وتقديمها على شكل أبحاث من خلال رسائل الماجستير والدكتوراه، منوهاً إلى أن هذا العمل قد تم بدء به ووصول إلى مرحلة التوصيف، متوقعاً أن يكون نهاية العام منافسة على المستوى المحلي بالاختصاصات المتماثلة لاختيار المشاريع الرائدة.
وبين طيفور أن الوزارة تقوم وبتوجيه من رئاسة مجلس الوزراء على دراسة احتياجات سوق العمل من أجل توجيه الاستيعاب في الجامعات وقد تم تقديم مذكرة بهذا الأمر تضمنت اقتراح إحالة الموضوع إلى الجهة المعنية بسوق العمل (وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل) مشيراً إلى أنه بالوقت الحالي تتم متابعة هذا الأمر من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من خلال لجنة تساهم فيها وزارة التعليم العالي من أجل متابعة دراسة احتياجات سوق العمل لتوجيه الاستيعاب الجامعي.
رصد
ولدى تواصل “البعث الأسبوعية” مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بينت مدير مرصد سوق العمل حلا المصري أنه تم تشكيل لجنة برئاسة وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وعضوية كافة الجهات المعنية بالقرار رقم /2877 / تاريخ 10/11/2020، مهمتها رصد احتياجات سوق العمل، ووضع الأسس اللازمة لتنظيمه وإمكانية البناء على هذه المعطيات لوضع السياسات اللازمة لمعالجة اختلال سوق العمل وتوجيه سياسة الاستيعاب الجامعي وفق ذلك.
أولية
وبينت المصري أن اللجنة عقدت اجتماعاً ناقشت من خلاله ورقة عمل أولية حول آليات تنظيم سوق العمل، وأنه تم لاحقاً مواءمة ملاحظات ومقترحات أعضاء اللجنة مع الورقة الأولية من خلال عدة مداولات ورقية وإعداد ورقة عمل مفاهيمية سيتم مناقشتها خلال الأسبوع الحالي لاعتمادها حسب الأصول ورفعها للجنة التنمية البشرية ليتم مناقشتها تمهيداً لاستكمال أسباب صدورها.