ماذا لو عرفنا ما يجب أن يُعرف..!
حسن النابلسي
طالما تحدّثنا عن هذه المرحلة وما ينتابها من أزمات متسلسلة، وضنك عيش غير مسبوق، وتضخم بالأسعار يُخشى من استمراره بالجموح.. وغير ذلك من أوجاع لا نعرف لها نهاية، مقابل تدنٍّ بمستوى مواجهة هذه التحديات والتعاطي معها بجدية تقلبها رأساً على عقب.. ولكن للأسف لم يتغيّر المشهد بما يتناسب مع مستوى الطموح، وقد يكون سبب عدم التغيير إغفالنا لما يجب أن يُعرف…!.
نعتقد أنه إذا ما أردنا البحث عن الحلول الناجعة والكفيلة بإخراج الوضع المعيشي من عنق الزجاجة، فعلينا أن نعرف المقومات الحقيقية للإنتاج الحقيقي، وليس الريعي، والكامن بالدرجة الأولى بالقطاع الزراعي نظراً لكون بلدنا زراعياً بامتياز، وبتطوير الصناعات المحلية القائمة حالياً ذات القيمة المضافة بالدرجة الثانية بغض النظر عن تصنيفها “صغيرة، متناهية الصغر، متوسطة.. إلخ”، والأخذ بيدها لاعتبارات تتعلق بأنها منتج وطني مئة بالمئة، ولم يغادر أصحابها البلاد تحت أي ظرف.. فهذه هي نقطة البداية الحقيقية، والركيزة الأساسية لأي نهوض تنموي يقينا من تبعات تكالب العقوبات والحصار..!.
طبعاً، ثمة مقومات نستند إليها في طرحنا هذا، يتصدّرها غنى بلادنا بالموارد الطبيعية والبشرية، يضاف إليها فسيفسائية النشاط الاقتصادي القائم على التجارة والصناعة والسياحة، وخاصة ذلك المتعلق بالاستثمار الصغير، والكفيل في حال تم حُسن استثماره –أي النشاط الاقتصادي- بتحقيق قيم مضافة عالية للصناعات الغذائية بداية، والصناعات الأخرى ثانياً، ما سينعكس بالضرورة على تطوير الإنتاج الزراعي ووفرته في حال تم اعتماده كنقطة انطلاق كما أسلفنا، وعلى بقية القطاعات من تجارة وصناعة وحتى سياحة لاحقاً، والتي أشبه ما تكون بسلسلة متكاملة ومتداخلة لجهة التأثر والتأثير ..!.
في محاولتنا لتشخيص التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني والقائمين عليه، نبين أن بعضاً منها موضوعي يتعلق بتداعيات الحصار والعقوبات، وبعضها الآخر ذاتي مرتبط بسوء الإدارة حيناً، وبالفساد حيناً آخر، وبتهميش الكفاءات أحياناً أخرى، وبالتالي إذا ما أردنا المعالجة الفعلية وتجاوز هذه التحديات، فعلينا وضع “الذاتية” منها تحت مجهر التشخيص، والاشتغال على تصويب بوصلة الإدارة، واستئصال الفساد أو الحدّ منه على أقل تقدير، والاستفادة من الكفاءات المهدورة…!.
ربما لا نجانب الحقيقة بتأكيدنا أن استثمار ما يتمتع به الاقتصاد الوطني من خامات طبيعية وبشرية هو بداية طريق الخلاص مما يمرّ به الاقتصاد من ضغوط هائلة، شريطة التعاطي الجدي معها، لا بل إنه كفيل برفع تصنيفه إلى مصافّ الاقتصادات الإقليمية.. وكلنا أمل أن يكون التشخيص حسناً..!.
hasanla@yahoo.com