“التجارة الإلكترونية”.. “السوق الاجتماعية” تزدحم بالرسائل الترويجية والدعوات الموجهة للمستهلكين!!
“البعث الأسبوعية” ــ أحمد العمار
على المستوى الرسمي الهادف لتقليص الاعتماد على الأوراق في المعاملات وتنشيط التجارة الداخلية، لم تخرج الحكومة الإلكترونية إلى النور، اللهم من بعض التطبيقات المحدودة هنا أو هناك، في وقت باتت المنشآت الخاصة، على اختلاف مستوياتها وأحجامها، أكثر إنجذاباً لممارسة أنشطتها التجارية إلكترونياً، مستفيدة من القوة الصاعدة لوسائل التواصل الاجتماعي والانتشار الواسع للهواتف المحمولة، وفي ظل تباعد الجمهور المستهدف بالتسويق جغرافياً، سواء بفعل التباعد الطبيعي أم الإجباري (الوقاية من كورونا)؛ وعليه، فقد بات أمراً اعتيادياً أن تزدحم – افتراضياً – هذه “السوق الاجتماعية” برسائل تدعو المتصفحين- المستهلكين للشراء، أو التعرّف على قائمة المنتجات والخدمات التي تقدمها المنشأة، أو طرق البيع وآليات الدفع.. وهكذا دواليك!!
رقمنة “الأعمال”
ويرى رجال أعمال وصناعيون أن قطاع الأعمال يتجه شيئاً فشيئاً نحو الرقمنة، لأن سيطرة التجارة الإلكترونية على نظيرتها التقليدية أصبحت في حكم المؤكدة، فصفحات المنشآت على مواقع التواصل الاجتماعي بدأت تسجل طلبيات مهمة، سواء للسوق الداخلية أم الخارجية، كما أن مخاطبة الجمهور المستهدف أصبحت أكثر سرعة وتأثيراً، حيث مكّنت التقنيات الحديثة من عرض البضائع عبر هذه المواقع بطريقة قريبة جداً من الواقع وتحاكيه، إلا أن المستهلك الإلكتروني هو أقل جدية ومصداقية من نظيره التقليدي، كما أن الجانب الشخصي ومعاينة السلعة من الأشياء المهمة لإقناع العميل والمستهلك معاً، وهو ما لا توفره الإنترنت مهما طورت تقنياتها..
يعرض سجلاً تجارياً
كتب رجل أعمال على صفحته: لدعم التسويق الإلكتروني وتطويره، نقدم سجلنا التجاري وتراخيصنا ومكاتبنا ومستودعاتنا وكادرنا بالمجان، لكل من يرغب بالتسويق الإلكتروني، وليست لديه القدرة المالية على استخراج سجل تجاري وتراخيص، شرط الالتزام بالقوانين، وشروط هذا التسويق، وبتوقيع عقد وتصريح خطي، وتسويق المنتجات الوطنية حصراً.. وهذه المبادرة مفتوحة للجميع دون استثناء.
كما كتب الصناعي عاطف طيفور أن اعتماد الصناعيين والتجار لهذه الخطوة يأتي إيمانا منهم بأن العالم الإلكتروني يمكنه توفير فرص العمل ومكافحة البطالة ورفع القدرة الشرائية للمستهلك، ودعم الدورة الاقتصادية الداخلية، ومنافسة أغلب التجار والصناعيين المحتكرين والمضاربين، كما يمكنه توفير مستوى معيشي كريم لفئة كبيرة من المجتمع، وتطوير المنتج اليدوي والريفي والحرفي، وتوفير فرص استثمارية للشباب والجامعيين وسيدات البيوت والعمالة النسائية والريفية، وأخرى لا تحتاج جهداً جسدياً وتناسب جرحى الحرب..
يطلق متجراً للإسمنت
في تجربة جديدة من نوعها، أطلقت شركة مختصة بالخدمات المساندة لتجارة وصناعة الإسمنت متجراً إلكترونياً يستهدف العملاء والزبائن الراغبين بشراء الإسمنت المكيّس، مع خدمة التوصيل إلى موقع العمل الذي يريده الزبون، وضمن تسهيلات الدفع التي تناسب العميل، فقد يختار الدفع نقداً، أو عبر حوالات بالليرة السورية، أو الإيداع والتحويل المصرفي عن طريق أحد المصارف المرخصة في السوق المحلية.
ويؤكد المدير العام للشركة أن تجربة المتجر، بالرغم من حداثتها، لاقت إقبالاً معقولاً حتى الآن. وإلى جانب الخدمات التي يقدمها المتجر، تأتي أهميته من خصوصية السلع التي يتعامل بها، فمعروف أن مادة الإسمنت هي العصب الرئيس لقطاعات البناء والمقاولات والإنشاءات الهندسية، وتتصاعد هذه الأهمية بتصاعد وتيرة إعادة الإعمار في البلاد، ما يفرض الحاجة لضخ استثمارات جديدة في قطاع صناعة الإسمنت الذي لن يلبي، بوضعه الحالي، الطلب المتوقع على هذه المادة الحيوية.
ويقول: إن نمو التجارة الإلكترونية على حساب نظيرتها التقليدية بات أكثر انتشاراً وتوسعاً حول العالم، حتى أن كثيراً من السلاسل العالمية (للملايس مثلاً) أخذت خلال العقدين الأخيرين تغلق متاجرها التقليدية، وتستعيض عنها بأخرى إلكترونية، لتكون قد حققت بذلك عديد المزايا، ولعل أبرزها تخفيض تكاليف التشغيل، والحد من الهدر في الموارد والوقت، وسرعة الوصول للعميل والمستهلك المستهدفين، وإشراك هؤلاء بقرار الإنتاج كماً ونوعاً، بالنظر لأن هذا الإنتاج سيلبي في النهاية رغباتهم واحتياجاتهم..
يعرضون كل شيء
وتكاد تكون السلع والخدمات في أغلبها معروضة عبر الفضاء الإلكتروني (السيارات، الأجهزة المنزلية، العقارات، الألبسة، الجلديات)، وحتى الحيوانات الأليفة والطيور النادرة، وغيرها مما يصعب حصره، ولكن: هل هناك مبيعات كبيرة وملموسة؟ سؤال لا يجيب عليه باعة ومسوقون بالإيجاب، وبأن العروض والمحادثات الكثيرة قلما تترجم إلى طلبيات، كما أنها لا تغني قي كثير من الأحيان عن مقابلة البائع والمشتري، ومعاينة السلعة بشكل مباشر، ما يعكس حالة من ضعف الثقة والمصداقية بين الطرفين؛ وحتى إن حضرتا فإن هشاشة البنية التحتية والاتصالية، اللازمة لإتمام صفقة تجارية إلكترونية، تتكفل بتحجيم هذا النشاط والحد من ممارسته بصورة صحيحة..!
تجربة “الذكية”
تعد مبيعات المؤسسة السورية للتجارة من المواد المقننة شكلاً من أشكال التجارة الإلكترونية. وبالرغم من بعض أوجه القصور في هذه التجربة، إلا أنها مهمة ومؤثرة بالنظر إلى حجم هذه المبيعات الكبير، وضخامة الشرائح المستفيدة من خدمات البطاقة الذكية، حيث تخدم أكثر من 3.4 ملايين عائلة شهرياً, وأكثر من 3 ملايين و657 ألف بطاقة، وأظهر تقرير صادر عن المؤسسة أن إجمالي قيمة هذه المبيعات، خلال النصف الثاني للعام الفائت، بلغ 49.8 مليار ليرة سورية، توزعت بين 25,2 ملياراً للسكر، و23,2 ملياراً للرز، و1,5 مليار للزيت، في وقت توسعت المؤسسة أفقياً في إحداث منافذ بيع جديدة، علماً أن لديها 14 فرعاً منتشرة في المحافظات كافة، يتبع لها 1418 منفذاً، بعد أن افتتحت، للنصف الثاني، 100 منفذ جديد، كما أن هناك 375 منفذاً خارج الخدمة بسبب الإرهاب.
شركات الاقتصاد الحديث
وتتميز الشركات التي دخلت السوق المحلية، خلال العقدين الأخيرين، باتباع أنظمة عمل حديثة ومتطورة مدعومة بوجود شريك عربي أو أجنبي لديه فائض تجارب وخبرات حول تطبيقات التجارة الإلكترونية، لذا كانت المصارف وشركات التأمين والاتصالات والوساطة والبورصة أفضل – نسبياً – من غيرها في التعاطي مع هذا الشكل من أشكال التجارة، ويسميها البعض بشركات الاقتصاد الحديث، ولربما كان أداؤها عاملاً محفزاً للشركات المحلية الأخرى، ولكن النتائج ما زالت دون المستوى، بالرغم من حرص المصارف العامة مثلاً على المضي في هذا الاتجاه، حتى أن أحدها رفع، قبل سنوات، شعار “عمل بلا أوراق”..!
غش وغبن..
ولكن ثمة غش وغبن كبيرين يتعرض لهما المستهلك الذي يتعاطى بالتجارة الإلكترونية، فقد اشتكى مستهلكون من عدم مطابقة الجودة والمواصفات بين ما هو معروض مثلاً على صفحة الشركة على “فيسبوك”، وبين البضاعة المسلمة فعلياً، وهناك مشكلات تتعلق ببلد المنشأ وصلاحية المنتج والوزن وشروط السلامة وغيرها!! فقد اشترى أحدهم ملابس وجلديات على أنها تحمل علامة تجارية إيطالية مشهورة، ولكن تبين فيما بعد أن البضاعة المسلمة إليه صينية المنشأ؛ واشترى آخر بخاخاً منظفاً لدارة الوقود في السيارة عرضته الشركة على أنه الأقوى والأكثر فاعلية، ثم تبين أنه يخلو تماماً من أية فاعلية، وهناك الكثير من هذه الشكاوى التي تسمع هنا وهناك..
هذه التجارة.. قانونياً
تحذر مديرية حماية المستهلك في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وبشكل دائم، من عمليات الغش والاحتيال التي قد يتعرض لها المستهلكون في الفضاء الإلكتروني، وأوضح مدير الحماية علي الخطيب أنه يمنع العمل بالتجارة الالكترونية (البيع عبر الإنترنت)، دون الحصول على سجل تجاري يحدد من خلاله التاجر موقعه ونوع تجارته، كما أن عدم الإعلان عن سعر السلعة المعروضة للبيع عبر الإنترنت بشكل واضح، يعد مخالفة يعاقب عليها القانون، وأحد الأمثلة على ذلك من يشترطوا أن يعلق الزبون بنقطة ليرسلوا له السعر.
وأكد الخطيب أن أي خلل أو خطأ في عمليات التجارة الالكترونية يخضع للعقوبات المنصوص عليها في القانون 14 لعام 2015، لذا من المهم الحذر في التعامل التجاري مع جهات غير مرخصة قانونياً، أو إجراء صفقات مخالفة وغير قانونية وتحتوي بيانات مزورة، داعياً كل من يتعرض لغبن في السعر أو المواصفات، أثناء التسوق الإلكتروني، ولديه معلومات دقيقة، أن يتقدم بشكوى، حيث يمكن للمديرية الوصول لأصحاب الصفحات الوهمية، الذين يعملون في هذا التسويق، حال وجود شكوى.
وبين الخطيب أنه صدرت اللائحة التموينية لحماية المستهلك الإلكتروني، عام 2019، لتنظيم العملية التجارية بين المستهلك والتاجر، بعد دراسات مستفيضة كونها تحتاج متابعة من قبل جهات كثيرة، إذ من الصعب مراقبة كل الصفحات على مواقع التواصل، لكن يمكن ضبط المخالفات من خلال الشكاوى التي ترد إلى المديرية، لافتاً إلى أن أغلب الشكاوى يتعلق بمخالفة السلع للمواصفات المتفق عليها، سواء ألبسة أم أدوات كهربائية أم غيرها، وأن المديرية وضعت شروطاً لإعادة البضاعة، وعلى الطرفين الاتفاق على طريقة الدفع وإعادة المال في حال كانت الشروط غير مطابقة.