“القطاع الخاص والسينما السورية” في جلسة حوارية
همومُ وهواجس صناعة السينما السورية، وأسباب توقف الإنتاج السينمائي الخاص مع محاولة استشراف حلول لما يعترض القطاع الخاص من مشكلات، هو ما ركزت عليه الجلسة الحوارية التي أقامتها مؤخراً جمعية بيت الخط العربي والفنون برعاية وزارة الثقافة- مديرية ثقافة دمشق بعنوان “القطاع الخاص والسينما السورية” في ثقافي كفرسوسة، بإدارة الإعلامي والناقد السينمائي نضال قوشحة، وأوضح فيها أن السينما السورية استطاعت أن تحقق نجاحاً كبيراً في فترة سابقة ضمن الإمكانيات المتاحة وعرّفت العالم بحضارة سورية.
نهضة سينمائية
تحدث قوشحة باختصار عن تاريخ السينما السورية وأفلامها الأولى مروراً بفيلم “عقد اللولو” الذي حقّق أرقاماً قياسية في دمشق وبيروت، الأمر الذي لم يتكرّر مع أي فيلم سوري عام أو خاص، وصولاً إلى إحداث المؤسسة العامة للسينما، مبيناً أن السينما السورية ولدت مع القطاع الخاص ولكن نتيجة لظروف معقدة وبعد أن وصلت إلى الذروة تقهقرت إلى الخلف، ومن المعيب لبلد حضاري كسورية أن يمرّ عام كامل من دون إنتاج فيلم سينمائي روائي طويل، لذلك يمكن القول إن الوضع السينمائي السوري كارثي تماماً، لافتاً إلى أننا في هذه الندوات لن نعتمد على الذكريات والحنين إلى الماضي، بل سنسلط الضوء على صناعة السينما وليس فن السينما لننشط التعاون المادي ولكي ندير عجلة الإنتاج مرة أخرى، فنحن بحاجة إلى ضخ مادي وتحقيق أرباح مادية، لأن المنتج دون ذلك لا يمكنه الاستمرار، حيث سنستعرض وقائع تحمل ملامح تجارية مالية وسنشرح آلية صناعة الأفلام، وسيكون هناك ضيوف من المنتجين وأصحاب المال، كي يعرفوا كيف كانت السينما السورية وأقطابها الإنتاجية لكي يتمكنوا من كسب المال، بينما نكسب نحن فناً سينمائياً، كما أننا في نهاية هذه السلسلة الحوارية سنخرج بمجموعة مقترحات نقدّمها للجهات المعنية من أجل نهضة سينما القطاع السينمائي الخاص.
شوق للإنتاج
استضافت الجلسة المنتج السينمائي ياسر الغانم الذي تحدث عن مرحلة سورية سينمائية مزدهرة ومساعدة للإنتاج، حيث كان هناك رواد للسينما واهتمام ثقافي، إضافة للدعم المعنوي والمردود المادي، وكانت هناك مشاركة للنجوم العرب والنجوم المطربين، مما كان يعطي رونقاً جميلاً للفيلم وخصوصية ولوناً جديداً، وأفلامنا كانت تعرض في مهرجانات عربية وأجنبية، وكان هناك اتفاقية تبادل سينمائي مع الاتحاد السوفييتي ومصر، لكن للأسف في الوقت الحالي الإنتاج معدوم نهائياً، وعلى الرغم من وجود أسباب عديدة أدّت إلى ذلك، إلا أن السبب الرئيسي هو غياب صالات العرض لأنها الدافع الأساسي للمنتجين لكي يقوموا بالإنتاج، فهي الضمانة أن ما سأتكلف به مادياً سوف يعود لي، ولاسيما أن الاعتماد على المنصات الإلكترونية لعرض الأفلام لا يحقق إيراداً، واليوم هناك مبالغ كبيرة يتمّ دفعها لصناعة الفيلم، وإذا لم يكن هناك صالات للعرض فالمردود سيكون معدوماً. وأضاف الغانم: ومع أننا كقطاع خاص دافعنا الأساسي تجاري، لكن فكرتنا بالطبع نشر ثقافة الفن السينمائي والعلاقة التي تربط المشاهد بالفيلم، لذلك نحن نحتاج صالات عرض، والصالات التي كانت موجودة في السبعينات والثمانينات كانت تجذب المشاهد إضافة للفيلم، والآن لا وجود لصالة تستقطب الرواد وهذا كان سبباً رئيسياً لضعف الإنتاج، لذا لابد من إعادة تأهيل الصالات بشكل كامل ولائق ومناسب. ودعا إلى وجود تشاركية بين القطاع الخاص والعام في ظل الظروف الحالية لتجاوز العقبات إضافة إلى تطوير البنية التحتية، لأن الاستثمار في السينما حالياً خاسر ونحن بحاجة إلى مقومات تعيد المنتجين إلى الحركة الإنتاجية، ومن دون متابعة حثيثة من وزارة الثقافة سيبقى حال السينما الخاصة سيئاً، مؤكداً في نهاية حديثه: يسكننا هاجس دائم للعودة إلى السينما ونحن في غاية الشوق لهذا، و”الغانم للسينما” ستكون مستعدة دون تردّد للمشاركة في أي عمل سينمائي إذا كانت نسبة النجاح مضمونة بنسبة خمسين بالمئة، وستختار القيام بذلك، على أن تدخل في إنتاج عمل درامي مضمون بنسبة مئة بالمئة.
دور الجمعية
من جانبها أكدت الفنانة التشكيلية ريم قبطان رئيسة جمعية بيت الخط العربي والفنون أن هذه أول ندوة من سلسلة ندوات حوارية تتناول موضوع السينما، وستركز على واقع السينما السورية والسعي نحو الارتقاء بالفن السوري وتسليط الضوء على المشكلات وإيجاد حلول لها مع استشارة الخبرات والجهات الخاصة. كما أكد الإعلامي سمير طحان أمين سر الجمعية أن الجمعية تسعى لتحريك المشهد الثقافي لنكون شركاء في بناء سورية الجديدة، ونحقّق تشبيكاً وعلاقة تبادلية مع مختلف الجهات على مستوى الوطن لكي تعبّر الثقافة عن الإنسان السوري وطموحاته، وهدفنا من هذا الحوار خلق حراك ثقافي وفكري حول المشكلات التي يعاني منها القطاع السينمائي الخاص، ولكي نحدث نوعاً من الخرق تجاه إنتاج سينمائي خاص وانتعاش جديد لهذه الصناعة العريقة، لعلها تواكب نجاح الدراما السورية في الوطن العربي.
لوردا فوزي