مجلة البعث الأسبوعية

سيكولوجية السلوك القهري.. هكذا تختلف الدوافع القهرية عن الإدمان والعادات السيئة

السلوك القهري هو فعل ما يشعر الشخص بأنه “مضطر” أو مدفوع إلى فعله مراراً وتكراراً. في حين أن هذه الأفعال القهرية قد تبدو غير منطقية أو لا فائدة منها، وقد تؤدي إلى عواقب سلبية، فإن الفرد الذي يعاني من هذا الإلحاح يشعر بأنه غير قادر على إيقاف نفسه. ولكن كيف نفرق بين السلوك القهري والعادة أو حتى الإدمان؟

 

ما هو السلوك القهري؟

يمكن أن يكون السلوك القهري فعلاً جسدياً، مثل غسل اليدين أو قفل الباب، أو نشاطاً عقلياً، مثل عد الأشياء أو حفظ أرقام الهواتف، وعندما يصبح سلوكاً غير ضار أو مستهلكاً لدرجة أنه يؤثر سلباً على الذات أو على الآخرين، فقد يكون أحد أعراض اضطراب الوسواس القهري.

 

السلوك القهري مقارنة بالإدمان

ويختلف السلوك القهري عن الإدمان؛ فالأول عبارة عن رغبة جامحة (أو شعور بالحاجة الجسدية) لفعل شيء ما، بينما الإدمان هو اعتماد فيزيائي أو كيميائي على مادة أو سلوك.

يستمر الأشخاص الذين يعانون من إدمان متقدم في سلوكهم الإدماني، حتى عندما يدركون أمدى إضرار سلوكهم بأنفسهم والآخرين.

وربما يكون إدمان الكحول وتعاطي المخدرات والتدخين والقمار من أكثر الأمثلة شيوعاً للإدمان.

 

فرقان رئيسيان

هناك فرقان رئيسيان بين الإكراه والإدمان هما المتعة والإدراك.

في ما يتعلق بالمتعة: نادراً ما تؤدي السلوكيات القهرية، مثل تلك المرتبطة باضطراب الوسواس القهري، إلى الشعور بالمتعة، عكس الإدمان. وعلى سبيل المثال، الأشخاص الذين يغسلون أيديهم قسرياً لا يستمتعون بذلك. على النقيض من ذلك، فإن الأشخاص الذين يعانون من الإدمان “يريدون” استخدام المادة أو الانخراط في السلوك، لأنهم يتوقعون الاستمتاع بها.

وتصبح هذه الرغبة في المتعة أو الراحة جزءاً من دورة الإدمان الدائمة، حيث يعاني الشخص من أعراض الانسحاب الناجمة عن عدم استهلاك المادة الكيميائية المعينة أو الانخراط في السلوك.

في ما يتعلق بالإدراك: عادة ما يكون الشخص المصاب باضطراب الوسواس القهري على دراية بسلوكياته وينزعج من عدم معرفة السبب المنطقي للقيام بها.

من ناحية أخرى، غالباً ما يكون الأشخاص الذين يعانون من الإدمان غير مدركين أو غير مهتمين بالنتائج السلبية لأفعالهم.

وكما هو الحال في مرحلة إنكار الإدمان، يرفض الأفراد الاعتراف بأن سلوكهم ضار، وبدلاً من ذلك “يستمتعون فقط”. وفي كثير من الأحيان، ينتهي الأمر إلى الأمر عواقب وخيمة مثل القيادة في حالة سُكر، أو الطلاق، أو خسارة العمل ليصبح المدمن على دراية بعواقب أفعاله.

 

وماذا عن العادات؟

على عكس السلوك القهري والإدمان، فإن العادات هي أفعال تتكرر بانتظام وبشكل تلقائي.

وعادةً ما تتطور العادات بمرور الوقت، من خلال عملية طبيعية تسمى “التعود”، حيث تصبح الإجراءات المتكررة التي يجب أن تبدأ بوعي، في نهاية المطاف غير واعية، ويتم تنفيذها بشكل اعتيادي دون تفكير محدد.

وعلى سبيل المثال، يحتاج الأطفال التذكير بتنظيف أسنانهم بالفرشاة، ثم تنمو لتصبح عادة يومية.

ولكن قد تتحول بعض هذه العادات إلى سلوكيات ضارة، كالمبالغة في التمارين الرياضية، وتؤدي بعض العادات الأخرى إلى التقاطع مع درب إدمان الكحول أو المخدرات غيرها. وقد تتطور عادة تدخين السجائر إلى إدمان طويل الأمد، الأمر الذي يضر بالصحة، وهكذا دواليك.

لكن الفرق بين العادة والسلوك القهري هو القدرة على الاختيار، إذ يستطيع الإنسان أن يختار التوقف عن عادة سيئة أو اختيار البدء بعادة صحية، عكس الوسواس القهري.

 

السلوك القهري الخارج عن السيطرة

الأكل القهري: عندما يلجأ المريض إلى تناول الطعام بشراهة للتنفيس عن غضب ما أو التعامل مع أمر يقلقه، فلا يستطيع السيطرة على كمية الأكل.

التسوق: وهو سلوك قد ينتهي بصاحبه بمتاعب مالية وديون.

تفقُّد الحاجيات: وهو أمر متواصل يجبر صاحبه على تفقد المعدات الكهربائية أو قفل السيارة أو البيت، وهو نابع من شعور بالخوف وفلة الأمان.

التخزين: وهو شراء وتخزين أشياء فوق الحاجة بحيث لا يفسح مجالاً للحركة بحرية داخل المنزل.

القمار: وهو ببساطة عدم القدرة على مقاومة الرغبة في القمار. حتى عند الربح، لا يستطيع المقامر القهري التوقف، الأمر الذي ينتهي بمشاكل شخصية ومادية واجتماعية تدمر حياته.

النشاط الجنسي: يُعرف السلوك الجنسي القهري أيضاً باسم اضطراب فرط النشاط الجنسي، ويتسم بالمشاعر والأفكار والرغبات والسلوكيات المستمرة حول أي شيء متعلق بالجنس.

وفي حين أن السلوكيات المتضمنة يمكن أن تتراوح بين السلوكيات الجنسية العادية وتلك غير القانونية أو التي تعتبر غير مقبولة أخلاقياً وثقافياً، يمكن أن يسبب هذا الاضطراب مشاكل في العديد من مجالات الحياة.

 

متى يصبح السلوك القهري وسواساً قهرياً؟

اضطراب الوسواس القهري هو شكل من أشكال اضطراب القلق الذي يسبب شعوراً متكرراً غير مرغوب فيه أو فكرة ضرورة القيام بعمل معين بشكل متكرر “مهما كان الأمر”.

في حين أن العديد من الأشخاص يكررون سلوكيات معينة بشكل قهري، فإن هذه السلوكيات لا تتدخل في حياتهم اليومية وقد تساعدهم حتى في تنظيم يومهم من أجل إكمال مهام معينة.

ومع ذلك، فإن الأشخاص الذين يعانون الوسواس القهري يعانون من هذه المشاعر المرهقة، لدرجة أن الخوف من الفشل في تطبيقها المتكرر يجعلهم يمرضون جسدياً.

ورغم أن هناك العديد من الخصائص التي تجمع بين السلوك القهري والإدمان والعادات، فإن الإدمان والعادات يختلفان عن السلوكيات القهرية.

ويساعد فهم هذه الاختلافات في اتخاذ الإجراء المناسب أو البحث عن العلاج.