مجلة البعث الأسبوعية

نجاحات متنامية لكرة اليد عالمياً.. والرؤية القاصرة وهجرة اللاعبين يعوقان تطورها محلياً

“البعث الأسبوعية” ــ سامر الخيّر

انتهت النسخة السابعة والعشرين من كأس العالم لكرة اليد بفوز المنتخب الدنماركي باللقب للمرة الثانية في تاريخه، بعدما تغلب على نظيره السويدي بفارق هدفين، وكان الدنماركيون قد توجوا أوّل مرة في البطولة التي أقيمت، عام 2019، على أرضهم لكن على حساب النرويج.

البطولة التي استضافتها مصر لفتت الأنظار لمدى تطور اللعبة حيث يعود الفضل للدنماركي هولغر نيلسن في وضع قواعدها كما نعرفها حالياً، وذلك عام 1898، وقام بنشرها عام 1906، إلى أن أقيمت أول بطولة العالم للرجال بكرة اليد عام 1938، لتقام البطولة مرة كل عامين، وفازت اثنتا عشرة دولة خلال تاريخ البطولة.

تعتبر المنتخبات الأوروبية البطل المهيمن على كل مونديالات اليد، وتحديداً منتخبات فرنسا والسويد ورومانيا، حيث حصدت فرنسا ذهبية مونديال اليد 6 مرات، والسويد ورومانيا 4 مرات لكل منتخب، فيما حصدت ألمانيا وإسبانيا وروسيا الميدالية الذهبية مرتين لكل منهما، وفازت منتخبات كرواتيا والدنمارك وتشيكوسلوفاكيا والاتحاد السوفييتي ويوغوسلافيا وألمانيا الغربية بالذهبية مرة وحيدة، أما المركز الثاني فأكثر من حصل عليه هما منتخبا كرواتيا والدنمارك بثلاث مرات لكل منتخب، وأكثر الدول التي استضافت كأس العالم لليد كانت ألمانيا بواقع 8 مرات، تليها السويد 5 مرات، ثم الدنمارك وفرنسا بثلاث مرات لكل دولة.

 

العرب في المونديال

يعدّ منتخب مصر، مستضيف البطولة الأخيرة، المنتخب العربي الأكثر مشاركة في كأس العالم لليد، بـ 16 مشاركة، كما أنه الأول عربياً الذي شارك في المونديال العالمي، خلال عام 1964، في تشيكوسلوفاكيا واحتل وقتها المركز الـ 14، فيما يأتي المنتخب الجزائري ثاني أكثر المنتخبات العربية مشاركة وأفضل مركز حققه كان المركز الـ 13، ويتساوى المنتخب التونسي في عدد المشاركات مع الجزائر برصيد خمس عشر مشاركة، وأفضل مركز حققه هو الرابع عام 2005، ثم تأتي كل من منتخبات السعودية والكويت والمغرب، وأخيراً قطر والبحرين؛ أما أفضل الإنجازات التي حققها العرب، فكان وصول منتخب قطر للنهائي عام 2015، في النسخة التي استضافها على أرضه، وأكثر الدول العربية التي استضافت البطولة مصر، مرتين عامي 1999 و2021، وقطر مرة وحيدة عام 2015، وتونس مرة وحيدة في 2005؛ وقد حققت كرة اليد العربية نتائج في غاية الأهمية بالمونديال الأخير بعد وصول منتخبين عربيين هما مصر وقطر لدور الثمانية للمرة الأولى منذ 21 عاماً.

 

حلقة مفقودة

تعاني كرة اليد واقعاً غريباً في بلداننا العربية رغم التطور الكبير لبعض المنتخبات خلال السنوات الماضية، إذ أنها تفتقر إلى هويةٍ واضحةٍ في عالمنا العربي كشقيقتها كرة الطائرة، فبدلاً من أن نبني على إنجاز تاريخي، هنا أو هناك، نتراجع ونفضل المشاهدة من بعيد، ما يؤكد وجود قصور في الرؤية، وأن ما تحقق كان نتيجةً لجيل ذهبي لا نتيجة دراسةٍ ودرايةٍ وتطلع نحو المستقبل، ويمكن أن نستثني المنتخبين القطري والمصري إلى حدّ ما، فالأوّل عمل على بناء قاعدة للعبة ولو أن هذا البناء كان أساسه من جنسيات مختلفة كحال منتخب كرة القدم الذي استطاع التتويج باللقب الآسيوي، ما يثبتّ أن التطلع القطري يهدف إلى التتويج مستقبلاً بمونديال اليد، وهو أمر غير بعيد في ظلّ وجود رغبةٍ ودعمٍ كبيرين، أما مصر وكونها أوّل الدول العربية التي مارست اللعبة، فمن الطبيعي أن تكون صاحبة إنجازات أكثر من غيرها، وأن تكون صاحبة نظرة أكثر طموحاً مع تعاقب أجيال من اللاعبين المميزين.

 

نظرة عن قرب

على صعيدنا المحلي، انتشرت كرة اليد في سورية في وقت متأخر، فقد نظمت أول بطولة بين فرق المحافظات السورية عام 1959، وتشكل أول اتحاد سوري لكرة اليد عام 1961، رغم وجود طفرة في عالم كرة اليد السورية من العام 2002 وحتى العام 2010، حيث كان منتخبنا مرشحاً دائماً للوصول للمربع الذهبي، سواء في البطولة العربية أو الآسيوية، ولكنه لم يستطع تحقيق شيء يذكر، وكل ذلك مرده لسوء التدبير من قبل المعنيين على اللعبة، فالاعتماد الأكبر كان على تلك المواهب التي آثرت – للأسف – الذهاب إلى خارج القطر واللعب لمنتخبات أخرى حيث الفرص بالوصول إلى المنصات أكبر في ظل دعم مادي ومعنوي كبيرين. والمزعج بالأمر أن تألق لاعبينا المجنسين في الخارج شجع العديد من محبي اللعبة لبذل أقصى ما يستطيعونه للظهور بهدف المغادرة نهائياً، وليس فقط الاحتراف. ومع وجود العديد من المشكلات التي تتطلب حلولاً مستعجلةً، من غير المرجح أن نجد من يفكر في الحفاظ على المواهب الجديدة، فنحن بعيدون كل البعد عن تنظيم دوري لمحترفي كرة اليد لأسباب كثيرة يمكن الحديث عنها لاحقاً، فلم يعد خافياً أن كل ألعاب الكرات لا تتطور إلّا مع وجود الدعم المادي الكبير.