الحل بانسحاب قوات الاحتلال من سورية
علي اليوسف
عند الدخول في تفاصيل الحرب الإرهابية على سورية، لابدّ من الحديث عن الكذب بين الديمقراطية الغربية والسياسة الواقعية. ففي الديمقراطيات الغربية يظهر السياسيون نواياهم الحسنة من خلال الإدلاء بتصريحات سياسيّة، لكن عندما يتعلّق الأمر بالسياسة الواقعية، فهم غير مستعدين لتنفيذ ما يقترحونه، إلا عندما يتعلّق الأمر بزعزعة الاستقرار، لذلك تبقى معظم تصريحاتهم تصريحات خادعة.
هذا الكلام ينطبق بشكل كبير على افتعال الأزمة السورية وإطالة أمدها، ومن أهمها التصريحات الخادعة للسياسيين الغربيين، والدعم المعلن من دول أجنبية مختلفة لقوى الإرهاب، وتقديم مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات، واحتلال أجزاء من سورية من قبل النظام التركي والولايات المتحدة، وخلق توقعات كاذبة سمحت للإرهابيين بخداع أنفسهم.
هذه الجرعات الزائدة من التمني، وما رافقها من خداع الذات، أدّت إلى إطالة أمد الحرب، بينما كان المطلوب هو عدم الإهمال أو التغافل عن الحقائق الصعبة لسياسة الواقع، إذ كان على كل من لديه معرفة بالدولة السورية أن يدرك أنه لا يمكن إسقاطها بتلك السهولة التي طُرحت به، وهو أمر لم يكن من الصعب التنبؤ به منذ العام 2011.
وبالفعل فقد فشلت معظم الدول الغربية في سياساتها تجاه سورية، لأنها رفضت التواصل مع الدولة السورية، وبدلاً من ذلك لجأت إلى تفعيل الجزء الأكبر من تصريحاتها ومبادئها المعلنة، وفضّلت التدخل العسكري دون الاستعداد لتحمّل النتائج الكارثية لهذا العدوان.
لذلك بعد تصدير الإرهاب المأجور إلى الدولة السورية، وكل الدمار الذي نتج عنه، إضافة إلى العقوبات الاقتصادية، لا يعتقد أحد أنه من الممكن تحقيق حلّ عسكري بعد الآن كما كان يخطّط الغرب، وحتى رفض تقديم مساعدات مالية غربية لمساعدة إعادة إعمار سورية لا يعني أن الدولة السورية ستستسلم لرغبات الغرب أو دول البترودولار، لهذا فإن الحلّ الأنسب يجب أن يكون حلاً يضمن وحدة الدولة السورية، وعبر رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
وما يعزّز هذه الفرضية هو أن مساعدة الحلفاء، وخاصة الروسي والإيراني، التي طلبتها الدولة السورية، لا شك أنها ستستمر ما دامت هاتان الدولتان تؤكدان ضرورة الحفاظ على وحدة الدولة السورية حليفتهما الرئيسية في المنطقة. وعليه إذا استمر الوجود العسكري الأمريكي لبعض الوقت كجزء من جهود الولايات المتحدة لوضع سورية تحت الضغط، فإن أحد أهم مضاعفات هذا الوجود في الجزيرة السورية هو تعرّضهم للتهديد الوجودي عاجلاً أم آجلاً، كون هذا الوجود هو بمثابة احتلال مباشر لدولة ذات سيادة. من هنا لا يمكن للولايات المتحدة أن تبقى في سورية إلى الأبد، والكثير من الحلول تعتمد على سياسات الرئيس الأمريكي الجديد، خاصةً وأن الإدارات الأمريكية السابقة تعاملت مع الملف السوري بتكتيكات آنية بمبدأ الفعل وردّ الفعل.