عمر بن أبي ربيعة في عيد الحب
قصيدة “ألا حبذا” لعمر بن أبي ربيعة التي خلّدت مطلعها الدراما السورية بشارة مسلسل أهل الغرام بألحان طاهر مامللي الساحرة، وصوت نورا رحال الذي يأخذ المتلقي إلى شطآن بعيدة وهي تغني مفرداتها، وتشدّ الروح الحزينة المنكسرة من زلزال العشق المدمر:
“ألا حبذا حبذا حبذا
حبيب تحمّلت منه الأذى”.
هذه المفردات التي بقيت خالدة في أذهان الكثيرين من مشاهدي سورية والوطن العربي وبلاد الاغتراب، ولم تستطع أية شارة أخرى أن تنتزعها من قلوبهم، وتطويها في متاهات النسيان، هذه القصيدة العشقية التي مزجت بين أسلوب المدح والألم:
“ويا حبذا من سقاني الجوى
ونبضاً من الحزن منه اغتذى”.
وكشفت وجهاً مغايراً للحب المألوف عند عمر بن أبي ربيعة، الفارس الجميل الذي لُقب بالعاشق، واشتُهر بالغزل الفاضح والصريح، وامتلك فن التغزل بالمرأة ووصف مفاتنها وقوامها، ففاضت قصائده بالصور الحسية المرتبطة بكل أنثى على حدة، يعترف بأبياتها بعشق أبكاه، وهو موضع اهتمام نساء عصره، فكانت قصيدة “ألا حبذا” مرآة روحه، وصفت قلبه المنفطر حزناً:
“غذاه بدمع وقلب بكى
على غصن روح تبث الشذا”.
وقد أخذ شخصية الراوي بضمير المتكلم، فباح من خلال السرد الشعري المركز بأوجاع العشق والحنين رغم الرحيل:
“تماديتُ في حبه بعدما
تغنى الرحيل له هكذا”.
والأكثر إيلاماً أنه بقي أسير المناداة والتمني:
“فغنى فؤادي ونادى الهوى
لابن ربيعة: يا حبذا”.
ويقفل القصيدة بمطلعها الذي كرره مرات عدة في القصيدة.
اليوم تعود إلى ذاكرتي هذه القصيدة في ظل مظاهر عيد الحب التي نراها في كل مكان، باللون الأحمر الذي هيمن على المحال والتجمعات والمقاهي، يعكس حالة الفرح بالعيد، ويحمل مشاعر مختلفة، فكثيرون يضيئون شمعة عيد الحب وهم يشعرون بالملاذ والسكن قرب الحبيب، وبالمقابل يوجد كثيرون يبكون فراق الحبيب الأبدي، وآخرون عاشوا قصيدة عمر بن أبي ربيعة، وربما يبتسمون لصورة مختبئة في إحدى زوايا صندوق الذاكرة رغم مرارة الذكرى، وهناك من يحلمون بأن يعيشوا هذه اللحظة، كل هؤلاء يتفقون على أن وميض العشق، ذاك السر الإلهي الذي يخضع لمتغيرات القدر، هو أجمل ما في الحياة.
ملده شويكاني