ثقافة

نقد الدراما التلفزيونية كتاب جديد لـ ماهر منصور

بمجموع 156 صفحة يتكون منها كتاب الناقد الدرامي ماهر منصور “نقد الدراما التلفزيونية بين مرجعيات المسرح والتلفزيون” نجد أن الصفحات موزعة كالتالي: من سبع إلى عشر تحت عنوان “هذا الكتاب” ثم يبدأ فصل تحت عنوان “المقدمة” ويستغرق من الصفحة 11 إلى الصفحة 16، وبعده فصل عنوانه “البناء الدرامي” فيستغرق من الصفحة 19 إلى 24، في موضوع البحث الذي يخبرنا عنه عنوان الكتاب، ليتوقف بعد هذه الصفحات الخمس، فيقضي من الصفحة 25 إلى 44 في مواد نقدية له منشورة سابقا في الصحافة، أي: 19 صفحة، ثم يحين وقت البحث مجددا، فيتوقف الكاتب 6 صفحات، ويعود مجددا إلى مقالاته المنشورة سابقا، فيستغرق من الصفحة 53 إلى الصفحة 76، أي 23 صفحة، ليعود إلى موضوع الكتاب طيلة 6 صفحات، من 79 إلى 84، ثم تشرق علينا مقالاته مجددا، وذلك من الصفحة 85 إلى 114، أي: قرابة ال 30 صفحة، هنا لا بأس من التوقف قليلا مع موضوع الكتاب، وهذه المرة، يزداد عدد الصفحات التي تتناول البحث، على خلاف سابقاتها، فتبلغ 19 صفحة، وبعدها يكمل “منصور” في مقالاته إلى آخر الكتاب، وذلك من الصفحة 137 إلى الصفحة 156، أي: 19 صفحة أيضا.
بعد المقدمة المزدوجة للكتاب، وعند الدخول في موضوع البحث، في الصفحة 19، سنجد أن توزيع الصفحات عدديا هو : 36 صفحة تتناول موضوع الكتاب، وسنجد أن عدد الصفحات التي تتناول مقالات الكاتب المنشورة سابقا، هو 91 صفحة!!، وإذا نظرنا للرقمين وفق نسبة مئوية، سنجد أن 69 بالمائة، يعني تقريبا 70 بالمائة من الكتاب هو عن كاتبه، و30 بالمائة عن البحث “نقد الدراما التلفزيونية بين مرجعيات المسرح والسينما” ما يعني أن الكاتب يفترض نفسه أنه هو شخصيا من مرجعيات المسرح والسينما، ليس ذلك فقط، بل وينظر أيضا إلى نفسه، أن رأيه يتفوق بنسبة 70 بالمائة على بقية المرجعيات مجتمعة.
سنفترض أنه فعلا قد ظهر بيننا باحث في النقد الدرامي وشؤون التلفزيون، بحجم ومستوى يتفوق على هذه المرجعيات بنسبة 70 إلى 30 غير أن المواد التي يستشهد بها والتي هي أيضا من تأليفه، ليست لا من مرجعيات المسرح، ولا من مرجعيات السينما، بل من مرجعيات التلفزيون، وبالتالي فإن هناك خللا في عنوان الكتاب، كان يجب أن يكون هكذا (بين مرجعيات المسرح والتلفزيون، والسينما) فالمواد الممهورة بتوقيعه، والتي تؤكد موهبته في النشر في أكبر عدد من الصحف، أغلبها عن نقد الدراما التلفزيونية، وإن كان بعضها يتضمن إشارة إلى المسرح، غير أن المادة نفسها عن المسلسل، وهناك مواد عن مواضيع تلفزيونية لا علاقة لها بالمسرح، مثل مقالة عنوانها “بان أرب” في الصفحة 150، كان قد نشرها في موقع “نقاد الدراما”، وعند قراءة المادة، نجد أنها لا علاقة لها بإشكالية، مسلسلات “البان آرب” ولا بتتمة العنوان الذي يقول أيضا:”دراما بلا هوية لمشاهد لا يعنيها” فالمقالة عن إشكالية اقتصار المسلسلات على الترفيه، وضياع هويتها، ومحدودية زمن عقد الشراكة بين المشاهد والعمل، وعن أنها دراما بلا هوية، وأنها من النوع الجمهور يكتفي فقط بنوع الفرجة المسلية؛ عنوان المقال لا يمت للمضمون بصلة، فالمضمون عن: اقتصار الدراما العربية على شرط الترفيه فقط، دون الاعتناء بالمضمون والرسالة، إن مادة كهذه هي ما ينشره المؤلف على أنه من مرجعيات في المسرح والسينما، سنفترض أن ذلك صحيحا، غير أن العنوان الـ “بان آرب” ليست لا من المسرح في شيء ولا من السينما في شيء، إذا تأملنا الكلمة الأولى منها عنوان المقالة: “مسلسلات”.
إن تأليف كتب من هذا النوع على عجالة، تحت عناوين ضخمة، قد يقبل عليها الباحثون والنقاد للتزود بالمعرفة النقدية التلفزيونية، يكشف حجم ورطة الدراما التلفزيونية السورية نفسها، فإذا كانت الكتب النقدية التلفزيونية، التي يفترض أن تكون مراجع، بهذه السوية، فلا عجب في أن يكون النتاج أيضا في هذه السوية، لأن مستوى النتاج الفني، من مستوى النقد الفني، والعكس صحيح، كان من الأجدر أن يكون عنوان الكتاب هو “مقالاتي عن الدراما التلفزيونية” أو يبقى احتمال صعب، وهو: كان على الكتاب أن يتضمن، ما يلمح له العنوان.
إن عدد المراجع التي اعتمد عليها المؤلف في بحث من هذا النوع،هو قليل نسبيا، وعلى قلته، -فقط 13 مرجعا- فإن 5 مراجع فقط، هي الأجنبية، مقابل 8 مراجع عربية؛ الثقة بالذات جميلة، والاعتراف بأن هناك باحثين عرب، يستحقون أن يكونوا مراجع في هذا الفرع من المعرفة، أمر جيد، غير أنه ليس لعاقل أن يقول إن العرب هم السباقون في هذا المجال، حتى يصار إلى أخذ العدد الأكبر من المراجع، من باحثين عرب، نحن نتمنى أن يكونوا الأفضل، لكن الحقيقة نحن الأضعف بالعالم في مجال الإعلام، وعندما نقول نحن، هذا يعني دول الجنوب كلها، أو ما يسميه الغرب: “العالم الثالث” ما يعني أن المراجع التي اعتمد عليها الكاتب في هذا الكتاب، ليست جيدة.
الاستعجال في تأليف الكتاب دون ضبطه أو حتى إعادة قراءته بعد تنضيده، واضحة، ففي الصفحة 47، وتحت عنوان فرعي”تحولات الصورة” ثمة اقتباس من مرجع، وفي هامش الصفحة السفلي، هناك ذكر للمرجع (المرجع السابق-صفحة 89) مع أننا لم نزل في الصفحة 47، وعندما ذهبنا في الصفحات للعثور على المرجع السابق، وجدناه هناك، على شكل رابط يوتيوب، المرجع لا يخطئ فقط في الاتجاهات –حسب طباعته-بل ويتحول إلى يوتيوب، وهذه تحسب للمؤلف، فالمراجع أصبحت مقاطع يويتوب.
تمّام علي بركات