العمل الصحفي…؟!
أخيراً وبعد طول انتظار أثمرت مساعي المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين بتحقيق أحد المطالب الصحفية المتمثّل برفع قيمة تعويض العمل الصحفي، وذلك في إطار الجهود الحثيثة لتحسين الواقع الصحفي، وللإيفاء بوعود رئاسة مجلس الوزراء المتعلقة بإقلاع عجلة التغيير، والمباشرة بالتغذية المادية والمعنوية داخل الجسم الصحفي الذي استبشر بها خيراً لإحداث تغيير واضح في أدائه.
نذكر أن أحد الاجتماعات ما بين اتحاد الصحفيين ورئاسة الوزراء خلص كما صرح آنذاك إلى ضرورة وضع آليات جديدة لتطوير عمل الاتحاد، وإجراء تقييم ومراجعة للآليات السابقة، ووضع صيغة متطورة للعمل الإعلامي بشكل عام، وتعديل التشريعات والقوانين الناظمة لعمل الاتحاد، ووضع رؤية لتطوير عائداته المالية من خلال الاستثمارات لتحسين واقع المنتسبين إليه، وتنظيم دورات نوعية متخصصة لرفع كفاءة الكوادر الإعلامية في مختلف الاختصاصات، ولكن يبدو أن هناك من ارتأى تجزئة هذه المطالب وتقديمها على مراحل، وهذا طبعاً أفضل من أن تذهب جميعها “أدراج الريح”، كما يقول البعض، أي: “عصفور باليد أفضل من عشرة على الشجرة”.
ومن بوابة الامتنان والشكر لكل من سعى وعمل لتنفيذ هذه الخطوة، يحق لنا هنا إطلاق همسة بسيطة في أذن من تناسى لسنوات مطالب من كانوا رأس حربة كما يقال في المواجهة خلال سنوات الحرب من الإعلاميين وهم يواصلون أداء مهامهم الوطنية رغم تشاركهم مع باقي الشرائح الظروف الاقتصادية الصعبة، إضافة إلى صعوبات مهمتهم التي أضحت، مع ضآلة ما يقدم لهم من دعم، وضعف الحاضنة القانونية والنقابية والمادية، أشبه بمحاربة طواحين الهواء، وأقرب في يومياتها المهنية إلى السير في حقل من المفخخات والألغام، وخاصة لمن التزم بميثاق الصحافة، وأدبيات وأخلاق المهنة، وما أكثرهم، واليوم يتساءل العديد من الصحفيين عن سلتهم المطلبية التي لا يمكن تأجيلها أو إخضاعها لانعكاسات الظروف، وذلك لقاعدة مهنية بسيطة تقوم على أساس تحقيق الملاءة المعنوية والمادية للكوادر الإعلامية بما يسهم في تطوير الأداء، والارتقاء بالعمل الإعلامي ليتماهى مع خصوصية المرحلة، فمن المؤلم أن يتكرر تداول السلة الغنية بالمطالب الصحفية التي تحشر في خانة المطالب رغم كونها من الأمور البديهية، ومن المستلزمات الأساسية للعمل الصحفي الذي نجح في امتحان الوطنية والمواجهة والرد على أكبر المؤسسات الإعلامية العالمية بكل مهنية وحرفية؟.
باختصار ليس من باب “رفض النعم” أو الطمع، ولكن من قلب الواقع والحياة المهنية، لابد من إعادة التذكير بمعاناة الصحفي “الإعلامي”، سواء في يوميات عمله، أو في حياته المعيشية، مع الاحتفاظ بحق الخصوصية المهنية التي تمنحه الحق للمطالبة والتشبث بحقوقه، وضرورة تضافر الجهود بين مختلف المكونات الإعلامية للوصول إلى إعلام نوعي يتوافق مع ضرورات المرحلة، وتحديد هوية وطنية لكل وسائل الإعلام ضمن الثوابت الوطنية، إضافة إلى تفعيل دور الاتحاد في الجانب الاجتماعي والتنمية البشرية، وللعلم هناك الكثير من الزملاء الذين باتوا تحت الخطوط المعيشية الحمراء، وهناك الكثير من المعاناة، سواء من الناحية المعيشية أو المهنية، فهل ما قلناه يندرج ضمن دائرة “التنكّر للنعمة؟!.
بشير فرزان