اقتصادصحيفة البعث

سرُ غياب “أثرياء سورية”..!

حسن النابلسي

لا نعتقد أن غياب الأثرياء السوريين عن قوائم التصنيف العالمي الخاصة بـ “أغنى أغنياء العالم” التي تصدر بشكل دوري عن مؤسسات مهتمة بهذا الشأن، مرتبط بقلة ثروة رجال الأعمال السوريين أو بتجاهل مقصود من هذه المؤسسات لهم، بل نعتقد أن الأمر مرتبط بعوامل موضوعية لها علاقة بهؤلاء الأثرياء أنفسهم..!.

يعود أول هذه العوامل إلى عدم إفصاحهم عن ثرواتهم لاعتبارات ضريبية، فإخفاء حجم نشاطهم الاقتصادي يأتي قولاً واحداً ضمن سياق التهرب الضريبي، على عكس نظرائهم في العديد من دول العالم الذين يفتخرون وبكل شفافية بتضخم ملاءاتهم المالية على الملأ، لا بل يصبحون من وجهة نظر الرأي العام “ثروة وطنية” نظراً لانعكاساتها المباشرة وغير المباشرة على المجتمع سواء لجهة توفير فرص العمل نتيجة توسع دائرة استثماراتهم، أم لجهة ما يقدمونه من مساعدات إنسانية للجمعيات الخيرية..!.

ربما يرتبط العامل الثاني بما يكتنف ثروات البعض من شبهات خاصة أولئك الذين طفوا فجأة على مشهد عالم المال والأعمال، مع إقرارنا بالوقت ذاته بوجود العديد من ذوي التاريخ الاقتصادي المشرف والذين لهم بصمة لا يمكن إنكارها في الاقتصاد الوطني..!.

وقد يكمن العامل الثالث بالعقلية النمطية التي لا تزال تحكم بعض رجال الأعمال السوريين، وما تمليه عليهم من العمل بعيداً عن الأضواء..!.

أما العامل الرابع فيتمثل – من وجهة نظرنا – بعدم قدرة رجال الأعمال على نسج علاقات من نظرائهم على مستوى يخولهم لتسويق نشاطهم الاقتصادي على مستوى العالم، لذلك يتم تجاهلهم أو تغيبهم عن لائحة التصنيف العالمي..!

لعل اللافت في هذا الموضوع حقيقة هو سطوع نجم عدد من رجال الأعمال السوريين في بلاد الاغتراب، ومساهمتهم الفاعلة باقتصادات هذه البلاد، ليعبروا من خلالها إلى بوابة التصنيف العالمي، وهنا يبرز لدينا العامل الخامس المرتبط بالتشريعات والقوانين النافذة وما تستدعيه من تعديل فوري لتشجيع الاستثمار..!

أخيراً.. طالما خرجت سورية عبر تاريخها الاقتصادي رجال أعمال حقيقيين بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ولا زلنا تفتخر بهم، منهم من رحل وبقيت ذكراه حاضرة في المحافل الاقتصادية المحلية والعالمية، ومنهم من لا يزال بيننا لا ينفك عن ممارسة نشاطه الاقتصادي رغم تقدمه بالعمر.. وما تصدر بعض المتطفلين المشهد ممن ينعتون أنفسهم بـ”رجال أعمال” -وهم في الحقيقة “رجال أقوال”- ما هو إلا حالة عابرة ليس إلا..!.

hasanla@yahoo.com