أردوغان.. تأجيج الصراع في كشمير
د. معن منيف سليمان
يسعى رئيس النظام التركي أردوغان إلى استغلال الخلاف بين الهند وباكستان لإيجاد موطئ قدم لبلاده في المحيط الهندي ومنطقة جنوبي آسيا يمكنه من التدخل العسكري وفرض سيطرته بالقوة، من أجل تحقيق مشاريعه وأوهامه العثمانية. ولذلك لم يتوانَ عن التدخل السافر في الصراع حول إقليم كشمير، لضمان السيطرة وتحقيق أعلى المكاسب.
حين يتعلّق الأمر بكشمير، لا يتردّد أردوغان في ارتداء قناعين، أحدهما إسلاموي والآخر علماني. فتارة يرتدي القناع الأخير ويدعم الهند في نزاعها مع باكستان حول كشمير، مقابل إقامة علاقات اقتصادية متينة وفتح أسواق جديدة للأتراك في هذا البلد. ولكن حين يلتقي الباكستانيين، يلقي بالوجه العلماني ويظهر آخر إسلاموياً، ويتقمص دور الشقيق الأكبر ورجل السلام والمحبة، سعياً منه للتقارب والتحالف أملاً في الحصول على التقنية النووية الباكستانية، لكنه في الحقيقة يعمل على دعم جماعات إرهابية ناشطة في الإقليم، فتقوم هذه الجماعات الإرهابية بشن هجمات تحرج إسلام آباد، التي تجد نفسها متهمة من قبل الهند بدعم الإرهابيين، ليستمر مسلسل العداوة بين الجانبين، وتجد الهند نفسها مجبرة على توقيع اتفاق مع تركيا، نهاية 2017، لمحاربة الإرهاب.
إن أردوغان ينتهج سياسة اللعب على الحبلين لامتصاص عشرات المليارات من الهند ذات الاقتصاد القوي على شكل استثمارات تنقذ اقتصاد بلاده المنهار، وفي الآن ذاته الحصول على المزيد من الصفقات والعقود العسكرية والاقتصادية من إسلام آباد، وعلى موطئ قدم في المحيط الهندي ومنطقة جنوبي آسيا.فيسعى إلى استقطاب مسلمي الهند، في خطوة يروج من خلالها لزعامته الواهمة على العالم الإسلامي، ومستغلاً المؤسسات التركية التي تتوغل في الهند، إذ إنه على مرّ السنوات الماضية عمدت إدارة أردوغان على تمويل المؤتمرات والندوات وتجنيد الأصوليين المتطرفين، لا بل نقلت عدداً كبيراً من القياديين الأصوليين والمتطرفين إلى أراضيها لتعليمهم وتدريسهم في المراكز التركية تمهيداً لإعادتهم إلى مناطقهم في الهند والبدء في العمل على نشر أفكار أردوغان التوسعية. واستكمالاً لهذه السياسة بدأت السلطات التركية في خطوات لنقل أعداد من المرتزقة السوريين إلى إقليم كشمير.
وكان أردوغان قال خلال زيارته لباكستان في شباط 2020، إن وضع الشطر الهندي من كشمير آخذ في التدهور، وإن تركيا تتضامن مع شعب كشمير. وقد تجاوز جميع الخطوط الحمراء في تصريحاته، عندما صرّح إن أنقرة ستدعم موقف باكستان لأن المنطقة تشكل مصدر قلق لكلا البلدين.
هذا التصريح أثار غضب الهند، التي أعلنت خارجيتها عن رفضها جميع إشارات أردوغان، ودعت النظام التركي إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للهند وتطوير فهم مناسب للحقائق، بما في ذلك التهديد الخطير الذي يشكله الإرهاب الناشئ من باكستان إلى الهند والمنطقة، وحذرت من تبعات ذلك على العلاقات الثنائية.
إن أردوغان يريد تأجيج النزاع عبر الطرفين مقابل حصد مليارات الدولارات تساعده على تخفيف حدة الأزمات الاقتصادية التي تضرب بلاده منذ مدة، وليس ذلك فقط، وإنما يخطو عبر ذلك نحو تجسيد وهمه باستعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية، وتنصيب نفسه سلطاناً على العالم. ولكن تكتيكه هذا وحيله الاستعمارية القديمة باتت مفضوحة وغير مجدية.