لإنصاف المستهلك.. المطلوب خطة تسويقية للحمضيات تلحظ احتياجات السوق المحلية
لا تقتصرُ حاجة محصول الحمضيات على اعتماد الجودة والاعتمادية كجسر عبور لهذا المحصول إلى الأسواق التصديرية الخارجية، بل باتت الحاجة مطلوبة وضرورية لخطة تسويقية تلحظ احتياجات السوق المحلية وتحقق التوازن بين مؤشرات الإنتاج والتصدير والتسويق المحلي، في وقت بدأت تعلو أصوات تدعو إلى أولوية تغطية احتياجات السوق المحلية من الحمضيات قبل أي حركة تصديرية، وهذا ما تمّ تداوله في العديد من اللقاءات والمؤتمرات مؤخراً، لأن المستهلك يدفع ضريبة هذا التصدير أولاً، والوساطة والسمسرة وأجور حلقات الشحن والنقل ثانياً. ويعتبر كثيرون هذا التضاعف الكبير في سعر كيلو الحمضيات على مدار موسمين متتاليين حالة مفاجئة وعير متوقعة، حيث يُباع أقل سعر لكيلو الحمضيات في الأسواق بـ١٥٠٠ ليرة، وهو محصول فائض وكاسد حتى وقت قريب، ليتحوّل إلى منتج يتعذّر الحصول عليه في ظل الارتفاع الحاصل لأسعاره، وهذه علامة فارقة تستوجب الدراسة، لأن بعض العارفين بقضايا السوق والتسويق مازالوا يجدون في هذه الحالة فورة سعرية ناجمة عن فتح الحركة التصديرية، وأن المشكلة الكامنة في الفائض يمكن أن تعود لتطفو على السطح مجدداً إذا لم تسارع الجهات المعنية إلى وضع واتخاذ إجراءات وخطوات تضمن استقرار الحركة التسويقية على قاعدة صحيحة ومدروسة، لأن انحسار التصدير إذا ما حصل سينعكس على الاختناق التسويقي، وإذا ما استحضرنا ما كشف عنه بشكل صريح وواضح وزير الزراعة المهندس محمد حسان قطنا قبل عدة أسابيع خلال لقائه الفعاليات الزراعية في اللاذقية وحديثه عن واقع محصول الحمضيات، حيث قال: “إن قلع أشجار الحمضيات من قبل بعض المزارعين بسبب الأسعار كان كارثة حقيقيّة، وبعد تحسنها عادوا لزراعتها”. ولذلك فإن محصول الحمضيات أحوج ما يكون إلى المواءمة بين المؤشرات الإنتاجية والتسويقية والتصديرية، بما يحقّق ديمومة استقرار هذا المحصول إنتاجياً واقتصادياً. أما النشرات الكمية والسعرية التي تصدر تباعاً عن الكميات المسوّقة دوريّاً من خلال سوق الهال ومراكز التسويق على اختلاف أشكالها، فإن هناك من يرى أن هذه المؤشرات السعرية والكمية للمحاصيل والمنتجات الزراعية المتداولة، ولاسيما محصول الحمضيات، هي لرصد مؤشرات حركة البيع والتسويق، وللدلالة على تزايد حركة السوق، وإن الحلقة التي تضاهي بالأهمية هذه النشرة ضرورة بيان سعر شراء المحصول من المزارع المنتج ومقارنته مع السعر المضاعف الذي يخرج به المحصول من السوق إلى الباعة عبر الحلقة الوسيطة (تاجر الجملة) الذي أظهر تجاوبه الشكلي مع خطة دعم سعر محصول الحمضيات بفعل المتابعة الحثيثة والدؤوبة من الجهات المعنية لتحسين سعر شراء المحصول من المزارع المنتج، مستفيداً من التسهيلات والإعفاءات والدعم، ولاسيما تأمين المحروقات المدعومة للنقل والشحن، فعمد إلى تعويض زيادة سعر الشراء من الفلاح وخصوصاً للأصناف المتأخرة النضج بزيادة مضاعفة في سعر بيعه في أسواق (المفرّق)، حتى وصل سعر الكيلو في محال المفرّق لأحد الأصناف “الحامض” إلى أكثر من ثلاثة آلاف ليرة، في حين لا يمكن أن يتخطّى سعر شرائه من المزارع المنتج أقل من ربع هذه القيمة. وهنا تكمن الحلقة الأضعف في المعادلة التسويقية التي يكون المزارع دائماً الثابت فيها، بينما يلعب تاجر الجملة دور المتحوّل في مبدأ العرض والطلب. وفي السياق نفسه فإنه من الضروري جداً الاهتمام باحتساب تكاليف الإنتاج الزراعي وتحديد الكلفة الإنتاجية للمحاصيل والمنتجات الزراعية، لأن عدم احتساب هذه التكاليف وتعميمها وترويجها يشكّل ثغرة كبيرة يستغلّها تجّار سوق الهال وغيرهم ممن يستجرون المحاصيل بحسابات ربحهم المضاعف الذي يقتنصونه من المزارع المنتج المستحق الفعلي لهذا المردود المفقود، والذي من الممكن استعادته واستدراكه فيما لو أخذت المؤسسات المعنية ولاسيما الإنتاجية دورها المنوط بها في حساب كلفة إنتاج الكيلو غرام من المحصول الزراعي وفق المؤشرات الطارئة، وارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج الزراعي التي تتضاعف من موسم لآخر.
مروان حويجة