تحقيقاتصحيفة البعث

المرأة السورية.. تجارب تثبت تفوقها وإرادة تقهر التحديات

لم يكن نجاحها صنيع اللحظة أو بضع شهور خلت، بل كان حلماً صغيراً لفتاة بعمر 14 عاماً أحبّت اللغة الإنجليزية وسعت لإتقانها، لذلك اتبعت عدة دورات تدريبية، إلى أن نالت شهادة الثانوية العامة والتحقت بكلية الآداب في جامعة دمشق قسم اللغة الإنجليزية. ساندي الحامد (25 عاماً) مديرة شركة sandy alhamed for translation  قالت: ترعرعت في عائلة محبة للعلم، وداعمة لطموحاتنا، لذلك كانت عائلتي شريكتي بالنجاح، ودعمتني في كل خطوة في حياتي، ووثقت بقدراتي.
وأشارت الحامد إلى أنها بدأت مشوارها المهني بعمر 18 عاماً، حيث شاركت كمدرّبة في قسم الرسم بمشروع “بكرا إلنا” التابع لمحافظة دمشق الذي يُعنى بمواهب الأطفال. وأضافت أنها نالت شهادة التوفل بعمر 20 عاماً، وكان ذلك تحدياً لها وإثباتاً لقدراتها، وهذه الشهادة مهّدت طريقها المهني، وأدخلتها سوق العمل بسرعة أكبر، فعملت في شركات خاصة واكتسبت الكثير من الخبرات، واكتشفت مهارات جديدة لديها.
وفي معرض ردّها حول تأسيس عملها الخاص قالت: بعد عملي لعدة سنوات في مجال الترجمة، واكتسابي الخبرة الكافية لإدارة شركة ترجمة متخصّصة، بدأت المشوار مع أصدقاء محبين للغة الإنجليزية على الرغم من اختلاف مجال دراستهم، ففريق العمل مكوّن من أطباء، مهندسين، إعلاميين، محامين، حيث وفرت شركتنا العديد من الخدمات المتميزة، وتقدم خدمات ترجمة طبية، قانونية، مالية وتجارية، وأيضاً الترجمة الصحفية والإعلامية.

ووجّهت الحامد نصيحة لكل فتاة أو امرأة في بداية حياتها بضرورة السعي والتعب لتحقيق حلمها، وألا تلتفت للصعوبات، لأن الفتاة السورية الآن قادرة على تحقيق ماترغب طالما تمتلك إرادة وعزيمة، وأكدت على ضرورة الموازنة بين الجانب المهني والجانب الأكاديمي، فلا يعوض أي منها الآخر بل يكملان بعضهما البعض.

نجاح أم

“نجاحي نابع من داخلي، لأنني أرغب بالنجاح وأسعى للأفضل”، هكذا عبّرت رهف منديل عن تجربتها، فقد تخرجت من كلية الهندسة المدنية قسم الإنشاء بجامعة حلب، وهي أم لطفلين، وعلى الرغم من ذلك عملت في عدة شركات خلال سنة ونصف تقريباً، منها مديريتا صحة دير الزور ودمشق، إضافة إلى مكتب هندسي استشاري، ونفّذت العديد من الدراسات الإنشائية لبعض المراكز الصحية، وكانت مشرفة في بعض المشاريع، مثل مشروع المركز الصحي في الميادين مع منظمة undp  إلى أن تحسّنت الأوضاع الأمنية في منطقة إقامتها بدير الزور، فعادت مع عائلتها إلى منزلها وتوجّهت نحو العمل التطوعي في منظمات وجمعيات أهلية إيماناً منها بضرورة نشاط منظمات المجتمع المدني.
أما عن تجربتها في شركة الأنوار العراقية، فقد أكدت أن العزيمة والإصرار هما أساس النجاح، ذلك أن بداية عملها في الشركة كانت مهندسة فقط، لكنها عملت جاهدة لإثبات نفسها وقدراتها الهندسية لتكون مديرة فرع الشركة ضمن دمشق، وأن الشركة تتحضر لتنفيذ العديد من المشاريع المهمّة في سورية.

وأضافت منديل: أنتقد كل فتاة أو امرأة تتوجّه فقط للعمل المنزلي أو حتى الطبخ والاهتمام بعائلتها، وأعتقد أن حصيلة أفكارها المتميزة وحسن تنظيمها لوقتها يحسنان من واقعها كثيراً، مشيرة إلى أنها على الرغم من كونها أماً لطفلين، ولديها واجبات منزلية وحقوق لأطفالها عليها، إلا أنها سعت دائماً إلى النجاح والتميّز، لذلك وضعت شروطاً على زوجها ألا يقيّد حريتها ويدعمها كامرأة عاملة وأم في آن معاً، وأكدت أن سر نجاحها هو في تنظيم وقتها وترتيب قائمة أعمالها، وتخصيص وقت لكل واجب تنوي القيام به، مشيرة إلى أنها تفرغ الوقت الكافي لأطفالها المتفوقين في مدارسهم وهي راضية عن تجربتها كأم، وتطمح إلى صقل موهبتها في مجال الأزياء، فقد شاركت سابقاً مع صديقتها في معارض للملابس والمنتجات اليدوية الصنع.
ووجّهت نصيحة لكل امرأة بألا تشعر بالإحباط أبداً، وأن تسيطر على مشاعرها، وتصقل مواهبها وتسعى للنجاح لتكون مثلاً وقدوة لأطفالها مستقبلاً، وتساند زوجها وتكون شريكته.
التسويق الإلكتروني
غزل برجود، مؤسّسة ومديرة شركة DMarketing lines لخدمات التسويق الرقمي، بدأت مشوارها المهني بعمر (21 عاماً) بعد حصولها على شهادة الثانوية العامة، لتختص أكاديمياً في مجال التسويق الإلكتروني، كلية الاقتصاد، جامعة البعث.
وقد تواصلت برجود مع عدة شركات أجنبية تصبّ في مجال التسويق الرقمي، ثم بدأت مشوارها المهني كمتدربة في إحدى الشركات الإماراتية، لتتطور وتصبح موظفة فيها، وتكتسب خبرة مهنية عالية المستوى. وأضافت برجود: لاحقاً الخبرة التي اكتسبتها والدراسة الأكاديمية التي تميّزني أتاحت لي الفرصة لاختيار مايناسبني من عقود العمل، حيث عملتُ مع عدة شركات، كما عملت عن بعد عبر الإنترنت، الذي كان باباً مثمراً لحياتي العملية والاجتماعية والإنسانية، من ثم حصلت على دعم ومحبة وفخر الأهل والأصدقاء والأحبة، على مبدأ “في البداية يتجاهلونك، ثم يحاربونك ثم يصفقون لك”.
ووجّهت برجود نصيحة لكل فتاة بضرورة استغلال إمكانياتها، وعدم التقيّد بامتلاكها للشهادة الجامعية لتدخل المجال الذي تريده، فبعد دخول الإنترنت إلى عالمنا يمكننا التعلم، وتنمية أي مهارة لدينا والاستفادة من خبرات بعضنا البعض.
تجارب سابقة
يبدو أن النجاح الذي حقّقته النساء السوريات، لم يكن بالحدث الغريب على المجتمع السوري، بل كان امتداداً لتجارب أسلافهن اللواتي شاركن منذ عام 1943 بالمنظمات النسائية حول العالم، ونلن حقوقهن بالانتخاب والترشح عام 1949، لتعود المرأة والفتاة السورية وتثبت أحقيتها في كل ميادين الحياة، وتكون سنداً للرجل ومشاركة له في الإنجازات.
يارا شاهين