التغذية الصحية تطرق باب الرياضيين.. والمسؤولية تتعدى اتحادات الألعاب!!
“البعث الأسبوعية” ــ سامر الخيّر
تلعب التغذية الدور الأهم لاستمرارنا وقيامنا بأعمالنا الحياتية على أكمل وجه، فكيف إن كنا من محبي الرياضة وممارسيها، حيث العلاقة مباشرة ومؤثرة ما بين التغذية والنشاط الرياضي، فمن البديهي أن أيّ مجهود معين يزيد من استهلاك الطاقة المخزونة في جسم الإنسان، وبالتالي تصبح الحاجة أكبر للطعام والشراب. وطبعاّ، هذا الاستهلاك يتوقف على شدة ودوام هذا النشاط، وقد ثبتت أهمية الغذاء في زيادة القوة العضلية وزيادة التحمل العضلي، خاصة في الرياضات التي تتصف بطول الفترة الزمنية، مثل ألعاب المضمار والتي ترتفع من حرارة الجسم وبالتالي من استهلاك الطاقة بنسبة عالية.
ومن الصعب أن نكون على دراية بأحدث اتجاهات النظام الغذائي، سواء في محاولاتنا لإنقاص الوزن أو زيادة الكتلة العضلية لأجسامنا، لذا تكون الاستعانة بشخص اختصاصي دارس لعلوم التغذية أحد أهم الركائز في تطوير ومساعدة الرياضيين على زيادة قدرتهم على التحمل، وبالتالي قيامهم بالمزيد من التمارين ورفع لياقتهم البدنية.. وطبعاً، كل ذلك بالطرق الأكثر فعالية وأماناً.
كل هذا قد لا يختلف عليه اثنان، ولكن هل كل من يقدمون النصائح حول التغذية للاعبينا هم مؤهلون وبسوية واحدة؟ والأهم من ذلك هل يجب أن يكون الرياضي نفسه مثقفاً غذائياً؟ وهل تكفي الدورات التي تختص بعلوم التغذية للتعويض عن اختصاصي تغذية بمؤهل علمي؟
بدايةً، لا يحتاج الرياضيون الهواة إلى تغذية خاصة، حيث يكفيهم اتباع نظام غذائي صحي يتسم بالتنوع والتوازن، ولكن في حال ممارسة الرياضة بمعدل يزيد على خمس ساعات أسبوعياً، ينبغي إتباع نظام غذائي خاص غني بالبروتينات والكربوهيدرات، حيث تساعد البروتينات على بناء العضلات وتعمل على تعزيز قدرة الجسم على الاستشفاء، في حين تمد الكربوهيدرات الجسم بالطاقة اللازمة للأداء الرياضي الفائق.
ويقوم خبراء التغذية عادةً بتطوير خطط لوجبات الطعام والتثقيف بشأن التحكم في الأجزاء، وهم مؤهلون لوصف أنظمة غذائية خاصة لعلاج أو الوقاية من الأمراض، مثل أمراض القلب والسكري؛ لذا يمكن لخبير التغذية أن يلعب دوراً مهماً وبنّاءً على أهدافنا واحتياجاتنا الطبية، وإذا حصرنا الحديث عن التغذية الرياضية، فتكون مهمة اختصاصي التغذية ضمان أعلى أداء للرياضيين بغضّ النظر عن الرياضة التي يمارسونها، وطبعاً يتم تطوير الخطط بناءً على احتياجات المغذيات الفردية لكل رياضي، ولا يقتصر عمله على هذه الناحية فقط فهو يتعاون مع المدربين الرياضيين للوقاية من الإصابات ومساعدة الرياضيين على التعافي.
وفي السنوات الأخيرة، ازداد التركيز على أهمية التغذية في عالم الرياضة، فبتنا نلحظ بشكل كبير بفضل وسائل التواصل الاجتماعي التطور الذي يطرأ على أجسام نجوم الرياضة، كل ذلك بفضل أخصائيي التغذية سواء في أندية الألعاب الجماعية أو الفردية، وفي كثير من الأحيان يستعين هؤلاء النجوم بخدماتهم بحياتهم اليومية وليس فقط ضمن ألعابهم للوصول إلى نتائج أفضل والمحافظة عليها وخاصةً مع التقدم بالعمر، وخير مثال على ذلك نجما كرة القدم الأشهر في العقد الأخير، ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، فالمتابع لمردودهما رغم تقدمهما في العمر بالنسبة لكرة القد إلّا أنهما يقدمان أداءً مشابهاً لما يعطيه زملاءهما الشبان، ويمكن أن نضرب مثالاً مختلفاً يبين أهمية التغذية في حياة الرياضيين، أجاب لاعب بناء الأجسام الشهير روني كولمان حول أفضل لاعب بنظره عبر تاريخ اللعبة، ببساطة: أرنولد شوارزينغر، وليتبع جوابه بأن الرجل لو كان يلعب في الفترة نفسها التي كان يفوز فيها كولمان مع أخصائي التغذية نفسه لما استطاع أحد الاقتراب من مستواه حتى.
فالإنجاز الرياضي والتغذية الصحية أمران مرتبطان ببعضهما بعضاً، فلا تكفي التمارين الرياضية لوحدها لتحقيق النتائج المرجوة، ولا تكفي التغذية لوحدها لتحقيق الإنجاز المطلوب، وكثيراً ما تكون التغذية الخاطئة أحد أسباب الإخفاق الرياضي، وهناك العديد من الرياضيين الذين يملكون المواهب الفذة، ولكن نظراً لسوء تغذيتهم فإن عطاءهم يكون مخيباً للأمان.
ولكن المأزق الذي نعاني منه وخاصة في رياضتنا هو اقتحام مصطلح “أخصائي التغذية” ، فاستُسهل الأمر حتى أصبح البعض يدعي أنه خبير تغذية حتى لو لم يكن لديه خلفية أكاديمية أو سريرية في هذا المجال، وإنما مجرد دورات يقوم بها بعض الاتحادات وخاصة بناء الأجسام ورفع الأثقال، والغريب أن أغلب هذه الدورات يكون على هامش دورات التدريب ولا تكفي إطلاقاً لتأهيل اختصاصي تغذية، فهناك بعض الاعتقادات والممارسات الغذائية الخاطئة التي تؤثر على عطاء الرياضي، وهي منتشرة بين قطاع كبير من الرياضيين والمدربين والمسؤولين عن البرامج الرياضية، وللأسف فإن قلة المصادر التي تتحدث عن التغذية للرياضيين باللغة العربية زادت الطين بلّة، وهناك عيب آخر بتلك الدورات أنها مخصصة للمدربين فقط وليس اللاعبين، فاللاعب المثقف رياضياً وصحياً يزداد وعيه، وبالتالي يصبح التزامه بتعليمات الاختصاصي تلقائياً، لا كما نشاهد عند أغلب نجومنا في كرة القدم والسلّة حيث يختلف مستواهم البدني من جولة لأخرى، والمفروض أن يكون التزامهم أكثر من غيرهم على اعتبار أن الاحتراف لم يدخل إلّا إلى هاتين اللعبتين.
وهنا يتقاسم المسؤولية الاتحاد الرياضي العام لعدم تشديده على التعاقد مع اختصاصيين أكاديميين حتى ولو من الخارج، واتحادات الألعاب التي لم تهتم حتى بهذه الفكرة ، وهذا الأمر لا نراه إلّا بعد أن يحصد لاعب موهوب إنجازاً نوعياً، ليسخر له بعض الاهتمام، وفيما عدا ذلك لا مكان للاختصاصيين المعتمدين في رياضتنا، وإذا أردنا دعم قولنا يكفي أن نبحث في كوادر أنديتنا لكرة القدم، فكل فريق متعاقد مع طبيب ومعالج فيزيائي ولا وجود لأخصائي تغذية، وكيف ذلك والطبيب عند أغلب الأندية غير متفرغ، وفي بعض الأحيان المعالج أيضاً، فيما الاهتمام بالجانب الغذائي للاعبين يتقاسمه الطبيب والمعالج كلٌّ حسب خبرته.