المتممات الغذائية.. صحة غائبة وسوق غير مراقب!!
“البعث الأسبوعية” ــ ابتسام المغربي
تدخل أسواقنا الكثير من المؤثرات والمواد تحت البند المسمى “صحياً”، ويتم تسويقها كبضائع رغم أنها يجب أن تكون مضبوطة ومراقبة صحياً، ومنها المنشطات ومواد التنحيف وبناء العضلات والمتممات الغذائية، وكثير من المواد الهرمونية التي تحتاج إلى مراقبة دقيقة في تصنيعها، وترويجها، وإلى معامل وآلات خاصة مؤهلة لإنتاجها ولصرف صحي خاص لا يلوث المناطق الزراعية القريبة من معاملها.
هل كل المعامل التي تنتج متممات غذائية مؤهلة لذلك؟ الجواب: لا، فانتاج مواد يدخل فيها أية أنواع من الهرمونات يحتاج إلى تقنيات معايرة وتصنيع خاصة لا تتوافر في كثير من معاملنا، أما أسواقنا وصيدلياتنا وحتى مولاتنا فتفيض بأنواع تبهجك وأنت تقرأ فوائدها، فإعلانتها تروج للقوة والصحة والنشاط والشباب، وضد الزهايمر والباركنسون والسرطان، وغيرها من الأمراض المستعصية عن المعالجة، واذا سألنا من يراقب دخول هذه المواد؟ ومن يحللها؟ لا نجد أية إجابة، لأن قليلها يدخل استيراداً وأكثرها تهريباً.
تباين
هناك تباين بالآراء حول المتممات الغذائية، بين مؤيد لهذه الصناعة ومحذر من تركها بلا رقابة استيراداً وتصنيعاً، حيث يشير الدكتور رامي فنري مدير شركة طبية إلى أن جميع المواد تصنع بموجب امتياز، وصناعتها محلياً تحقق وفراً، لأن الشركات العالمية تتبع نظام رقابة صارم وتخصص مبالغ كبيرة للبحث العلمي وتطوير الدراسات أما عندنا فهناك صعوبة في مجال البحث والدراسات كما أن الأدوية المصنعة لدينا أثبتت جودتها! وأوضح فنري أن هناك تجربة في دولة مجاورة ولم تنجح لأنها لم تستطع منافسة الأسواق الصينية والهندية من حيث الإنتاج، إذ تصنع هذه الأسواق مواد تحت الطلب، ووفق ما يتم طلبه من مواصفات.
أما الدكتور صفوح السباعي، رئيس اللجنة الوطنية للمكملات الغذائية والمنشطات، وممثل اليونسكو بهذا الشأن، فأكد مناهضته لاستخدام هذه المواد عشوائياً ودون متابعة دوائية وعدم خضوعها للرقابة، فكيف يتم قبول متممات تخفض أمراض الضغط والسكري، وغيرها الكثير من الأمراض الخطرة؟ وأكد أن هناك ثلاثين لاعباً قضوا في العالم بسبب استخدام المنشطات، فإدخال هذه المواد يحتاج إلى رقابة ودراسات وتحاليل، وعدم بيعها بهذه السهولة التي تتم في أسواقنا، وأكد السباعي أننا نحتاج إلى قسم خاص بالرقابة الدوائية لمتابعة هذه المنتجات، فمنها ما يسبب قصوراً كلوياً، وهناك استخدام كبير لها، ولا يجوز أن تبقى أسواقنا بلا سيطرة.
اتفاق
كثر من المهتمين والإختصاصيين أكدوا أن إنتاج هذه المواد يحتاج إلى رقابة ودراسة خاصة، وأن المعامل المصنعة لها تحتاج إلى خصوصية في التعامل من حيث الصرف الصحي، وهناك محاذير من استخدام مياهها في إعادة السقاية، وقد امتلأت السوق بهذه الأصناف التي تصاحبها دعايات كثيرة، ومصروف عليها، لأن عائداتها المالية عالية، والمؤسف غياب الدراسات العلمية المطلوبة لإنتاج مثل هذه المواد، والتفات الصحة إلى قضايا التسعير، ودخولها إلى هذا المجال. سألنا الدكتور معاون وزير الصحة عبيدة الكاطع عن آلية الرقابة، وهل لدى الوزارة إمكانيات لذلك؟ ولماذا تكتفي بالتدخل في التسعير؟ أجابنا إجابة مقتضبة أن هناك إجراءات تعتزم الوزارة اتباعها في هذا الشأن!!
.. ليس تسعيراً فقط
القضية هامة وتحتاج إلى اهتمام فعلي لقيام وزارة الصحة بكبح سعار هذه السوق التي ملأت دعاياتها الشوارع، وأصبحنا سوقاً لتصريفها رغم ثبوت عدم فعاليتها – وفق ما يعلن عنها – وهناك ماركات مشهورة مستوردة ثبت عدم صلاحيتها، وهناك أنواع ثبتت خطورة استخدامها صحياً ولها محاذير كثيرة، ولدينا إنتاج وطني من هذه المنتجات وسورية مشهورة بإنتاج الأعشاب التي تستخدم في حالات كثيرة كمتممات، كما لدينا صناعة دوائية ناجحة، منها من ينتج مثل هذه المواد المراقبة صحياً، والمطلوب الحد من تسويق المنتجات غير المراقبة وعدم بيعها خارج الصيدليات وأن تلتفت وزارة الصحة إلى مخاطرها وضرورة قوننة إنتاجها ودخولها لأسواق سورية، وتشكيل لجنة مشتركة من التموين والصحة والصناعة لتسعيرها.
الواقع يشي بأن الإجراءات بدرجة متدنية، والمتابعة شبه معدومة، والسوق وأرقام المبيعات الكبيرة تؤكد أننا ضحايا سذج في ابتلاع طعم الترويج لشركات تنتج المتممات من خارج سورية، رغم وجود شركات إنتاج وطنية تتعامل مع المتممات.. ولكن بحذر!!