عروض تشكيلية في آذار
شهدت صالات دمشق افتتاح عدد من المعارض التشكيلية هذا الأسبوع، وكانت البداية من معرض الفنان التشكيلي بديع جحجاح في صالة ألف نون بعنوان: “حريق وحرقة ” في خيار عاطفي لم يكن بعيداً عن ذلك التأثير الذي خلّفته حرائق أشجار الزيتون في عدد من قرى ريفنا الجميل، ذلك الحريق الذي أشعل فؤاد كل محب لبلده، منذ ذلك الحين والفنان جحجاح يعمل على التعبير باللوحة محاولاً التخفيف من وطأة هذا الألم على روحه وتعميم تعاطفه مع الطبيعة والجمال وأهل تلك الحقول المنكوبة، واستطاع إنجاز عدد من اللوحات التي صورت النيران وهي تلتهم أشجار الزيتون المقدسة، أكثر من عشرين لوحة منفذة بألوان الأكرليك ضمها المعرض عاشها الفنان حرقة وأملاً بربيع قادم يغطي تلك الأرض المباركة وينعش قلب إنسانها.
المعرض الثاني بعنوان “أنا” أقيم في بهو فندق جوليا دومنا الكائن في السبع بحرات بدمشق وضم كوكبة من الفنانين الذين أطلقوا على مجموعتهم اسم “باريوتا” وهم: اسماعيل نصرة، بشير بدوي، جان حنا، جمعة نزهان، فارتيكس بارسوميان، شادية دعبول، عمار الشوا، غسان عكل، نعمت بدوي، نهى جبارة، نور الزيلع.
هذه الكوكبة التي تضم نحاتين ومصورين تتنوع أعمالهم حسب تقنياتها وأساليبها وعدد منهم من الأسماء المكرسة والمعروفة بتجربتها الراكدة منذ سنوات كما تتصف بعض اللوحات بالحرفية والمهارة وبالأخص أعمال التصوير الزيتي، وربما تحتسب في خانة الصنعة الماهرة أكثر مما تنتمي لفضاء الإبداع والتجريب والمواكبة قضايا الإنسان المعاصرة كما بدأنا نشهد لأعمال تعبيرية جديدة لفنانين شباب تقترب من طروحات المفاهيمية والحداثة التشكيلية والمعاصرة.
المعرض الثالث للفنان بشير بشير في صالة الشعب، “صالة اتحاد الفنانين التشكيليين العريقة” حيث امتلأت باللوحات الجدارية في عرض مزدحم واستعراضي واضح لهذه اللوحات الكبيرة قياساً لما يعرض في صالات العاصمة، وقد تمحورت الأعمال حول تجربة محددة عرف بشير بشير بها، وهي محاولته استثمار ما يحققه الحرف العربي وصورة الكتابة الغرافيكية من ملئ لمساحة اللوحة والتوليف اللوني مع مساحات أخرى تتراصف وتتعامد ضمن تكوين محكم وبناء لا يخلو من العقلانية الهندسية والمعمارية، وسبق للفنان معارض كثيرة حول هذه التجربة القائمة على ما تحققه الكتابة الحروفية الملونة ضمن سياقات ديكوراتيفية واضحة حتى وإن تمازجت مع بعض السطوح الغرافيكية التي تغازل لغة الحفر التجريبية، وقد حمل هذا المعرض الجديد عنوان “سيميائيات“ .
“حرقة وحريق – أنا – سيميائيات ” ثلاثة معارض تحمل عناوين أدبية وتتقارب فيما بينها ببدعة الإعلان من خلال عنوان المعرض الذي يظن البعض أنه يحمل جديداً ومختلفاً..! وحسبي أن اللوحة بقيمتها الخلاّقة تحمل بحد ذاتها ما يكفي ويزيد عن تلك التسميات التي لا يدرك البعض من الفنانين مضمونها الحقيقي ودلالتها.
أكسم طلاع