سوق عكاظ الشعري للشباب مشعله المعرفة وأجنحته القصيدة
حلب- غالية خوجة
الطاقات الشبابيّة الإيجابية تضيء في كل مكان من سوريتنا الحبيبة، فكيف إذا كانت طاقات تتوهّج بمحبة الشعر وحفظه وارتجاله وحيويته المنبثقة من جهود ثقافية وفكرية تبني دواخل اليافعين المتحَدّين لكافة أشكال الإرهاب والحروب والظلام بالشعر والمعرفة؟.
لقد فاجأنا المستوى اللافت لطلاب المدارس الإعدادية والثانوية من كافة وحداتهم الشبيبية في المسابقة الشعرية على مستوى الروابط، والتي أقيمت في رابطة عبد المنعم رياض بحلب، وذلك ضمن خطة مكتب الإعداد وتنمية المهارات الشبابية المركزي، والتي تنافس فيها 100 طالب وطالبة، متفاعلين بروح الفريق، وبحضور واثق، وبمحبة واضحة للغة العربية والعروض والإحساس الشفيف، فمنهم من ردّ بحماسة أبي تمّام، ومنهم من ارتجل الشعر الموزون المنظوم، ومنهم من نافس بأبيات من المعلقات، ومنهم من أجاد الأداء الخطابي، والمسرحي، والشعري.
تلوّنت الأبجدية بحروفها بين الأرواح اليافعة مزهرة صوراً شعرية، وحالات نفسية منتصرة، وسرعة بديهة، وشخصيات من الجيل الشاب تتبلوّر بالوعي الهادف. وكم كان اللقاء بطلابنا مورقاً مع احتفالات آذار المختلفة، مشيراً بكل قوة إلى الحاضر المستمر بثقة قوية بالمستقبل وهو يتحوّل إلى بنيان ثقافي شعري.
بأكثر من هذه الكلمات، كان يشعّ حضورهم المشهدي المؤلف من لوحات مفرحة، وأنا أتابعهم بشمولية كعضو لجنة تحكيم، اتّسعت مجالات تأملاتي في ما وراء محاور اللغة والأداء والثقافة العامة والحضور الشخصي والتناغم كفريق، لأبصرهم يختارون الثقافة والمعرفة مشعلاً، والقصيدة بوصلة لبناء الذوات والأرواح، وإطلاقها طيوراً لمحبة الوطن، رغم كل الظروف والجراح، لأنها أبجدية الشموس والحدوس بماضيها وحاضرها وآتيها. وإضافة إلى ذلك، تستطيع اكتشاف المواهب الفنية الأخرى النابعة من المشاركين بين المسرح والرسم والكتابة، كما تكتشف المزيد من محاولات كتابة الشعر، وإصدار مجموعة شعرية لأحد الطلاب الذي كان يرتجل على البحور الشعرية، أو يجيب بشطر يحفظه ويرتجل شطراً.
وحضرت أسماء الوحدات والمدارس بتأثيرها كونها تختزل أسماء شخصيات شعرية ووطنية مؤنثة ومذكّرة، كما حضرت الحيوية داخل الرابطة موحية بخلية نحل تحلّق بالقصيدة، وتعيدنا إلى الشعر العربي، الأندلسي، الصوفي، الوطني، الرومانسي، وأيضاً، المعلقات.
وبهذه المناسبة، أكد لـ”البعث” الرفيق محمد دحدوح عضو قيادة الفرع رئيس مكتب الإعداد وتنمية المهارات الشبابية الذي أدار المنافسة الشعرية العكاظية على التفاعل المستمر للطلاب، ومنافستهم الإيجابية المتناغمة في المسابقات الثقافية المتنوّعة التي تقام بشكل دوريّ، مشيراً إلى الجهود المتجذرة في توجيه الطاقات، لأن بناء الإنسان هو المحور الأساسي لبناء الأوطان، وهذا أحد أهم المحاور المتجذرة في وطننا الحبيب.
بدوره، قال الكاتب محمد سمية مدير المركز الثقافي العربي بالصاخور- عضو لجنة التحكيم: إعادة الإعمار تبدأ ببناء الإنسان بفكره وثقافته وهويته الوطنية والقومية فالحضارية، ويشكّل جيل الشباب واليافعين الواعي المثقف الواعد حجر الزاوية في هذا البناء. بينما أخبرنا الشاعر جمال الطرابلسي رئيس جمعية أصدقاء اللغة العربية- عضو لجنة التحكيم: إنها لغبطة وأنت تستمع للشباب وترقب مهاراتهم وعبقرياتهم، وسرّني أني ضمن فريق التحكيم في مباريات الشباب، وشكراً لقيادة الرابطة والزملاء المحكّمين، وكل الشكر لمبعث السعادة والوعد المرتجى الشباب الذين هم شموس الغد المأمول.
ورأى رضوان رضوان الموجّه الاختصاصي لمادة اللغة العربية في مديرية تربية حلب- عضو لجنة التحكيم أن مستوى الجيل الشاب يدلّ على ثقافة متأصلة لغوياً وشعرياً، ساهم فيها المشرفون على المشاركين، إضافة إلى الرغبة الداخلية لكل مشارك، وكان لكل هذه العوامل تأثيراتها، مؤكداً على تقارب درجات المتنافسين فرداً فرداً وفريقاً فريقاً.