اقتصادصحيفة البعث

أية معادلة هذه؟!

قسيم دحدل

على قدر ما يثلج الصدر مشهد السلع والمنتجات السورية بمختلف أنواعها وأصنافها، وتحديداً الغذائية، متربعة على رفوف عدد من المتاجر في ألمانيا، وما لذلك من دلالات اقتصادية وتجارية وتصديرية لهذا الحضور الملفت لصناعاتنا الغذائية في أهم الدول الصناعية بأوروبا والعالم، على قدر ما يطرح أسئلة حول موضوع التسعير والأسعار التي تباع بها تلك المنتجات هناك.

إن كانت لها هذه السوق والمكانة بعد مرور نحو عشر سنوات على أشرس حرب إرهابية مركبة تُشن على بلد كسورية، فهو أمر يكاد لا يُصدق، خاصة في ظل متلازمة العقوبات الظالمة، والحصار الجائر، والمقاطعة اللئيمة!.

أن نكون هناك يعني أولاً: وجود طلب على صناعاتنا ومنتجاتنا، وثانياً: تحقيقنا للمعايير والاشتراطات الغذائية الأوروبية (مواصفات ومقاييس) المعروفة بتشددها ودقتها، وثالثاً: القدرة على المنافسة جودة وسعراً.

إنه اعتراف ليس بالمنتج السوري فقط، بل أيضاً بقدرة الدولة السورية، رغم كم الويلات التي مرت بها، والمحاولات المستميتة لإظهارنا كدولة فاشلة، على الصمود والضبط والتنظيم لكل مفاصل الحياة فيها، وأنها متمكنة تشريعياً وقانونياً ورقابياً، وبالتالي صناعياً وتجارياً، وهذا إنجاز يكاد يُسجل في خانة ” شبه المستحيل”، تُقرّ به دول كبرى لاتزال تظهر العداء، على الأقل بقراراتها، للدولة السورية.

كذلك لا يجب أن يغيب عن بالنا عامل الثقة، المُنتزع انتزاعاً بجدارة من مثل تلك الدول، بالمنتجات والسلع السورية التي لو كانت غير مُستحقة (الثقة) لما شاهدنا منتجاتنا وسلعنا تحتل وتنافس منتجات دول عريقة بالصناعات الغذائية لم تمر بما مررنا به، وإنما تعيش حالة من الازدهار الصناعي والاقتصادي والتجاري.

الآن نأتي للشق الآخر الذي يستحق منا الطرح، ويستحق بالمقابل من الجهات المعنية، بما سنسأل عنه، الاهتمام وأخذه على محمل الجد، لكوننا نعتقد بوجود أمر يتصل بإيرادات خزينتنا العامة، وبموضوع دعم الصادرات، وقبل ذلك إعفاء المستوردات الداخلة في الصناعة، ونسب تلك الإعفاءات، وارتباط ذلك بالتكاليف والأسعار.

على سبيل المثال لا الحصر، أحد أصحاب المتاجر التي تعرض المنتجات السورية في ألمانيا، وحين سؤالنا عن ثمن أحد المنتجات (مرتديلا) قال: سعر الـ 380 غراماً منها 2 يورو، وسعر الـ 830 غراماً 4 يورو و5 سنتات، بينما يصل سعر الـ 380 غراماً في سورية لنحو 3 آلاف ليرة، وهذا السعر قبل أسبوع!.

لا نخفي أننا تفاجأنا بالسعرين كثيراً لناحية الرخص الكبير، ومرد ذلك المقارنة السريعة التي أجريناها للسعرين في السوق المحلية، والبيع بأكثر من الضعف على الأقل؟!.

لن ندخل في حسابات السعر التمويلي ولا التصديري، ولا إن حسبنا على سعر المركزي للقطع الأجنبي، ولا سعر السوق السوداء لصرف اليورو، ولكن وددنا لفت الانتباه لهذا الفارق الكبير ما بين الأسعار المحلية والأسعار الخارجية للمنتج نفسه، إذ لا يعقل أن يكون سعر المنتج ذاته في السوق المحلية أغلى بكثير مما يباع به خارجياً!.

والسؤال: هل هكذا يتم دعم التصدير؟! وهل هناك شبهات في ذلك؟!.. نأمل الإجابة من خزينتنا العامة، إن كانت نطقت، أو من أحد المسؤولين إن كان يتناول هذه “المرتديلا”؟!.

Qassim1965@gmail.com