الاقتصاد التونسي يواجه “صدمة نفطية” حادة
يواجه الاقتصاد التونسي فجوة عميقة بين توقعات وزارة المالية التي اعتمدت أسعار نفط مرجعية بحدود 45 دولاراً للبرميل خلال السنة الحالية، والواقع الحالي الذي اعتمد أسعاراً ارتفعت تدريجياً لتبلغ 65 دولاراً، في ظل توقعات بأن ترتفع الأسعار مجدداً لتبلغ 75 دولاراً خلال الربع الثالث من العام، وهو ما سيخلط كل الحسابات الحكومية، ويجعل الاقتصاد التونسي يواجه “صدمة نفطية” عميقة، وسيجبر الحكومة على مراجعة معظم مكونات الميزانية، وربما اللجوء المبكر إلى قانون مالية تكميلي لتجاوز أزمة الأسعار التي ستطال معظم السلع والمنتجات.
ويتوقع عدد من خبراء المالية والاقتصاد أن تعمّق الفرضيات الخاطئة عجز المالية العمومية التونسية، وفي هذا الشأن تؤكد جنات بن عبد الله الخبيرة الاقتصادية على التأثير القوي لأسعار النفط على ميزانية البلاد، من ذلك تجاوز هذه الفرضيات بدولار واحد في سعر برميل النفط إلى ارتفاع نفقات الدعم إلى مستوى 129 مليون دينار تونسي (أي نحو 47 مليون دولار)، أما الزيادة في سعر الدولار بنحو 10 مليمات (الدينار التونسي يساوي ألف مليم)، فإنها تخلف انعكاسات مالية لا تقل عن 25 مليون دينار (حوالي 9.1 مليون دولار) على مستوى نفقات الدعم، وتضيف بن عبد الله بأن المالية العمومية التونسية ستكون في حاجة ملحة للمراجعة، وإعادة بناء الفرضيات التي كانت خاطئة في تقييمها لمستقبل الاقتصاد العالمي وتطوراته المقبلة، ومن المنتظر أن تلجأ الحكومة إلى زيادة شهرية على مستوى أسعار المحروقات المتداولة، وذلك وفقاً لما تنص عليه آلية التعديل في حال واصلت الأسعار الصعود، رغم أن هذا الإجراء قد لا يكون كافياً لردم الفجوة المالية العميقة، على حد تقديرها، وكانت السلطات التونسية قد اتفقت مع صندوق النقد الدولي خلال الفترة الممتدة بين 2016 و2020 على اعتماد آلية التعديل الآلي لأسعار النفط كل ثلاثة أشهر، وهو ما جعلها تختلف من فترة إلى أخرى تماشياً مع أسعار السوق الدولية.
وفي السياق ذاته، أكد عز الدين سعيدان الخبير الاقتصادي التونسي في تصريح إعلامي على أن تأخر السلطات التونسية في إعداد مشروع قانون المالية التكميلي والمصادقة عليه في أقرب الآجال سيعمّق المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، مذكراً بالاختلال الكبير الحاصل على مستوى الأرقام والفرضيات التي بنيت على أساسها ميزانية الدولة للسنة الحالية، حيث يفوق حجم النفقات بكثير حجم الموارد الذاتية المتوفرة، في غضون ذلك، أعلنت وكالة التصنيف “موديز” مؤخراً عن تخفيض تصنيف إصدار العملة الأجنبية والعملة المحلية لتونس من “B2” إلى “B3″، مع الإبقاء على آفاق سلبية بالنسبة للاقتصاد التونسي، ووفق معايير هذه الوكالة فإن هذا التخفيض يؤكد على أن المرحلة المقبلة قد تتسم بمزيد من تخفيض التصنيف السيادي، أي أن تونس قد تصبح مصنفة ضمن الاقتصادات عالية المخاطر، بمعنى عدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات المالية.