دراساتصحيفة البعث

هل تؤدي فقاعة “أسعار كل شيء” إلى كارثة عالمية؟

ترجمة: عائدة أسعد

لطالما قيل إنه عندما تُصاب أمريكا، التي لا تزال أكبر اقتصاد في العالم، بالزكام فإن باقي الاقتصاد العالمي يُصاب بالالتهاب الرئوي، ولكن مع انخراط أمريكا حالياً في تجربة تحفيز الميزانية والسياسة النقدية سيكتشف باقي العالم قريباً ما سيحدث للاقتصاد العالمي.

لسوء الحظ هناك سبب وجيه للخوف من النتائج بالنظر إلى حقيقة أن تجربة السياسة الاقتصادية الأمريكية تحدث وسط أسعار أصول عالمية، والفقاعة في سوق الائتمان.

في أعقاب إفلاس بنك ليمان في أيلول 2008، كان من الواضح أن هناك تداعيات خطيرة لمشكلات الاقتصاد الأمريكي على باقي الاقتصاد العالمي، وفي الواقع كان لانفجار فقاعة الإسكان والائتمان الأميركية آثار متتالية في جميع أنحاء الأسواق المالية العالمية مما عجل بما يسميه الاقتصاديون الآن الركود الاقتصادي العظيم. وفي عام 2021 من المتوقع أن يتمّ إجراء تجربة السياسة النقدية والمالية الهائلة لأمريكا على خلفية ما يُسمّى فقاعة “أسعار كل شيء” وأسعار الائتمان وهي أكبر بكثير وأكثر انتشاراً من فقاعة الإسكان وسوق الائتمان الأمريكية السابقة.

لقد تمّ تضخيم فقاعة “كل شيء” اليوم بسبب أسعار الفائدة المنخفضة للغاية الناتجة عن الكمية الهائلة من طباعة أموال البنك المركزي استجابةً لوباء فيروس كورونا، ويثير هذا السؤال عما سيحدث عندما تتوقف سلسلة الأموال السهلة وتبدأ أسعار الفائدة في الارتفاع، حيث تشير التجارب السابقة إلى أنه عندما يحدث ذلك ستبدأ الفقاعات بالانفجار وستواجه اقتصادات الأسواق الناشئة مشكلات خطيرة مع إعادة الأموال إلى الولايات المتحدة.

إن المشكلة الأساسية تتمثل في أن حزمة تحفيز ميزانية بايدن البالغة 1.9 تريليون دولار تخاطر بخلق مثل هذا السيناريو الدقيق لارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، والذي سيؤدي إلى انفجار فقاعة كل شيء في العالم، والمخاطرة بحدوث ارتفاع خطير في درجة حرارة الاقتصاد الأميركي.

وفي الوقت الذي لا يزال فيه الاقتصاد الأمريكي يتلقى دعماً استثنائياً للسياسة النقدية، وفي وقت يتميّز فيه بطلب كبير من قبل الأسر بسبب الإغلاق المبكر لفيروس كورونا، فإن تحفيز بايدن يعني أن الاقتصاد الأمريكي سيتلقى دعماً مالياً قد يصل إلى نسبة مذهلة تبلغ 13 في المئة من حجم الاقتصاد الأميركي.

ونظراً لكون تحفيز بايدن يزيد عن ثلاثة أضعاف حجم حوافز ميزانية الرئيس الأسبق باراك أوباما لعام 2009 فإن ذلك يعني ارتفاع درجة حرارة الاقتصاد. وهنا يؤكد جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن خطة بايدن التحفيزية تخاطر بارتفاع التضخم، لكن مسؤولي السندات لا يشاركونه وجهة نظره، فمنذ بداية العام رفعوا سعر سندات الخزانة الأميركية الرئيسية لمدة عشر سنوات من أقل من 1 في المئة إلى أكثر من 1.6 في المئة، وهناك خطر حقيقي يتمثل في أنه إذا ظلّ بنك الاحتياطي الفيدرالي في حالة إنكار للتضخم فإن المسؤولين عن السندات يمكن أن يدفعوا أسعار الفائدة طويلة الأجل في الولايات المتحدة إلى الأعلى، مع توقع ارتفاع التضخم.

في الواقع ليس لدى صانعي السياسة اليوم أي عذر لعدم توقع الخطر الحقيقي المتمثل في أن انفجار فقاعة أكبر قد يؤدي إلى إحداث فوضى في الاقتصاد العالمي، لأنه عندما تنفجر فقاعة “كل شيء” في العالم لن يتمّ القبض عليهم كما حصل مع صانعي السياسة الاقتصادية في عام 2008 بسبب انفجار فقاعة سوق الإسكان في الولايات المتحدة.