ثقافةصحيفة البعث

خلف عينيها.. نهاية خارجة عن المألوف

تسعى منصة العرض المشهورة “نتفليكس” لإثارة الجدل بين متابعي مسلسلاتها، فيبدو أن مسلسل Behind Her Eyes “خلف عينيها” الذي عُرض الشهر الماضي وبلغ عدد حلقاته ستاً فقط، أثار ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب النهاية التي كانت غير متوقعة ووصفها البعض بتعليق “ماهذا الجنون؟”.

المسلسل مقتبس من رواية سارة بينبورو التي حقّقت أعلى المبيعات عام 2017، يبدأ العمل الدرامي بحبكة تقليدية جداً تسير أحداثها ببطء خلال الحلقات الثلاث الأولى، حيث إن “لويز” (سيمونا براون) أم عازبة تعمل كسكرتيرة بدوام جزئي في عيادة فاخرة للطب النفسي في لندن، أثناء خروجها لقضاء ليلة نادرة في الخارج تتعرف في إحدى الحانات على شاب اسكتلندي وسيم يدعى “ديفيد فيرغسون” (توم بيتمان)، يتبيّن في اليوم التالي أنه رئيس لويز الجديد.

ما الذي يُفترض أن تفعله “لويز” في هذه الحالة؟ هي لا تستطيع أن تخسر عملها، فتجد أنه من الأفضل أن تتجاهل الانجذاب الذي تشعر به تجاه “ديفيد” وأن يعملا معاً بكل احترافية، لكن عندما تقابل “أديل” (إيف هيوسون) زوجة ديفيد، مصادفةً أثناء إيصالها ابنها “آدم” إلى المدرسة، تعجز عن تجاهل تلك المرأة التي تحاول أن تصبح صديقتها، تبدو “أديل” امرأة وحيدة جداً، فلا أصدقاء لها في الحيّ الذي انتقلت إليه مع “ديفيد” من أجل منصبه الجديد، وسرعان ما تصبح “لويز” عالقة بين الاثنين، فيزيد انجذابها نحو “ديفيد” اللطيف والجدير بالثقة ويزيد إعجابها بشخصية “أديل” الودية. ألا تستطيع أن تتابع مغازلة “ديفيد” تزامناً مع مصادقة “أديل”؟ بعد فترة وجيزة تتساءل لويز، لماذا تبدو زوجته وحيدة وخائفة من أن تفوت مكالماته التي تصل كل يوم في أوقات محدّدة سلفاً؟ لم لا تملك سوى هاتف قابل للطيّ؟ ولماذا تبدو دائماً وكأنها تعرف أشياء ليس لديها طريقة منطقية في معرفتها؟.

في ذكريات الماضي، عندما كانت أديل في سن المراهقة تمّ إرسالها إلى “ويستلاندز” مصحة نفسية بعد وفاة والديها نتيجة حريق اندلع فجأة، هناك تقابل “روب” المدمن والذي يصبح صديقها المقرّب، يربط الاثنان رعبهما الليلي حيث الكوابيس المتكررة إلى أن تتمكن أديل من تدريب نفسها على التحكّم بمسار الحلم وإيجاد باب للخروج إلى عالم جميل تختاره بخيالها، وهذا ما بدأت تعليمه لصديقها روب وفيما بعد “لويز” التي تتشارك معها المشكلة نفسها.

في النصف الثاني من الحلقات تبدأ وتيرة الأحداث بالتسارع، وما كان مملاً وباهتاً بدأ يأخذ لونه ليعطي مشهداً براقاً وأفكاراً لامعة تأخذ المشاهد إلى عالم آخر لم يعتد عليه من قبل، فندخل في فئة المسلسلات الخارقة للطبيعة، حول الأحلام الواعية (lucid dreams)، الإسقاط النجمي أو الأثيري (astral projection) وتبادل الأجساد (body swapping)، في حبكة غريبة بعيدة عن المعتاد، يكتشف المشاهد أن “روب” يعيش في جسد أديل طوال المسلسل، بعد أن أقنعها بتجربة تبادل الأجساد ثم قام بقتلها في جسده بعد إعطائها جرعة قاتلة من الهيرويين، ثم لاحقاً في المسلسل سيسكن في جسد “لويز” منافسته على حب ديفيد.

من الصعب عدم الانبهار بهذا العمل الجريء بمواضيعه والمميّز بأداء ممثليه الذي كان أساسياً للحفاظ على إيقاع ناجح ومتوازن على مرّ الأحداث، وأتى تجاوب الممثلين مع التقلبات الحاصلة في نمط المسلسل بسلاسة مطلقة.

باختصار، يمكن اعتبار مسلسل “خلف عينيها” عملاً ترفيهياً ساحراً في عالم التلفزيون، قد يحب المشاهد النهاية الجريئة على نحو استثنائي أو يكرهها، لكن لا مفرّ من أن تصبح محطّ جدل بين الناس!.

عُلا أحمد