كورونا يعيد خلط أوراق المدربين
“البعث الأسبوعية” ــ سامر الخيّر
يعيش محبو كرة القدم هذه الأيام على أصداء التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى مونديال 2022، على اعتبار أن تصفيات أمريكا الجنوبية تأجلت كحال معظم مباريات المنتخبات الآسيوية، وتقام ثلاث جولات في فترة التوقف هذه. وبعيدا عن أخبار النتائج والمستويات التي ظهرت فيها المنتخبات، انشغل عالم الساحرة المستديرة بتداعيات انتشار جائحة فيروس كورونا، فقد اضطرت معظم البلدان لاتخاذ تدابير صارمة لمحاربة كورونا، ما كان له أثر مباشر على هذه التصفيات، لأنها نصت على عدم السماح للاعبين الأجانب المحترفين في أوروبا بمغادرة أنديتهم والالتحاق بمنتخبات بلادهم. والمشكلة لم تقف عند هذا الحد، فالاتهامات طالت الجميع من الأندية إلى الاتحادات في البلدان الأوروبية، والسبب ببساطة أن هناك من سمح بتخفيف القيود المفروضة على المغادرين والقادمين، وهناك من لم يسمح؛ وبمعنى آخر: الكل يعرف أن أي دوري من الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى (الإسباني والإنكليزي والإيطالي والألماني والفرنسي) يضم لاعبين من كل أنحاء العالم، وبخاصة من القارة العجوز، ومشاركة هؤلاء اللاعبين مع منتخبات بلادهم ستجعلهم يخضعون للحظر الصحي مدة أسبوعين على الأقل – طبعا بحسب البلدان التي سافروا إليها – ما يؤخرهم عن مشاركة فرقهم في البطولات المحلية والقارية، هذا إذا تناسينا خطر الوفاة مع ازدياد احتمالية إصابة اللاعبين، وكان من المتوقع سفر نحو 400 لاعب من أوروبا لتمثيل منتخباتهم، لكن تعديلات “فيفا” فرضت الاعتماد على تشكيلات مختلطة بين اللاعبين الأساسيين والاحتياطيين في مباريات مهمة.
وسبب ازدواجية المعايير تحقيق المصالح الاقتصادية الناتجة عن الصعود لمنصات التتويج من جهة والحفاظ على الاستثمارات بالنجوم من جهة أخرى، وليس المصالح الرياضية بطبيعة الحال؛ والبداية كانت من بقاء الاتحاد الدولي للعبة “فيفا” على قراره في تخفيف القوانين التي تفرض على الأندية تحرير لاعبيها خلال نافذة المباريات الدولية حتى نهاية نيسان، فالمنظمة الدولية التي ترعى شؤون اللعبة لا تستطيع تجاهل الأزمة الصحية العالمية التي يعيشها العالم بأسره، وهنا بدأت الأمور بأخذ منحى مختلف تماما عن المراد من القرار.
وكانت رابطة الأندية الفرنسية قد أعلنت أن لاعبيها الأجانب من خارج الاتحاد الأوروبي لن يستطيعوا العودة لمنتخبات بلادهم خلال فترة الالتزامات الدولية، فهم غير معفيين من الخضوع للحجر الصحي عند عودتهم، ولكن الغريب أن هذا القرار يؤثر بشكل كبير على العديد من لاعبي القارة السمراء الذين سيخوضون مع منتخبات بلادهم المرحلة الأخيرة من تصفيات كأس الأمم الأفريقية، ولا يتعلق بالدوليين الفرنسيين الذين سافروا مع منتخب فرنسا للعب مباراتين خارج المنطقة الاقتصادية الأوروبية أمام كازاخستان ثم أمام البوسنة والهرسك.
وطبعا بعد هجوم الصحافة، خرجت الرابطة بعذر يبرر قرارها، فسفر المنتخب الفرنسي إلى الآستانة ثم ساراييفو لا يخضع لاعبيها إلى الحظر ما لم تظهر عليهم الأعراض، أما سفرهم إلى دول الاتحاد الأوروبي أو الدول التابعة للمنطقة الاقتصادية الأوروبية فتجبرهم عليه القيود المفروضة من تلك البلدان على الخارجين والداخلين إليها، ما كان سيؤثر سلبا على المنتخبات الأفريقية التي تخوض تصفيات كأس الأمم الأفريقية، إلّا أن وزارة الرياضة الفرنسية، وبعدما لمست عدم صوابية قرارها أعلنت عن السماح لأنديتها تحرير لاعبيها الدوليين مؤكدة أنهم معفيون من الخضوع للحجر الصحي مدة 7 أيام إذا احترموا الإجراءات الصحية الصارمة والبروتوكول الصحي لدى عودتهم.
الأمر نفسه ينطبق على ألمانيا التي غيرت قرارها شريطة التعهد من قبل اللاعبين ومنتخباتهم بالالتزام التام بإجراءات الوقاية والسلامة، فيما قامت دول أخرى بالالتفاف على القيود، كما فعلت البرتغال التي نقلت مباراتيها اللتين كانتا ستقامان على أرضها إلى مدينة تورينو الإيطالية، لأنها لو أقيمت في عاصمتها لشبونة لكان فرض على 10 لاعبين يمثلون أندية انكليزية الخضوع لحجر صحي لدى عودتهم إلى المملكة المتحدة.
أما في إيطاليا فقد اختلفت نهاية القصة، فبعد منع السلطات الحكومية في إيطاليا العديد من اللاعبين الدوليين من الالتحاق بمنتخباتهم من أندية إنتر وروما ولاتسيو وساسولو وجنوى من السفر بسبب وجود حالة إيجابية داخل تلك الأندية، كما منعت السلطات المحلية في فلورنسا لاعبي فيورنتينا من الالتحاق بمنتخباتهم بعد ظهور حالة إيجابية تخص الإسباني كاليخون، لكن الغريب أن العديد من اللاعبين استطاعوا كسر هذه القيود وغادروا للالتحاق بمنتخباتهم.
نقطة أخرى أثيرت مع هذه الفوضى، ويجب أن توضع في الحسبان، وهي إمكانية خوض اللاعبين أساسا لنهائيات كأس أوروبا في حزيران المقبل في أفضل جاهزية بدنية بسبب الموسم الشاق والمضغوط من جهة وتأثير الإجراءات الوقائية من جهة أخرى.