اقتصادصحيفة البعث

لا شفاعة لمخرجات المعاهد التقانية في إنقاذ وزارة الكهرباء من فقر حال العمال الفنيين!

دمشق- نجوى عيدة

لم يشفع النقص الحاصل للكوادر الفنية في وزارة الكهرباء لمنظومتها بشيء، ولا يبدو أن هناك نوايا في الأفق لاستقطاب خريجي المعاهد التابعة لـ”الكهرباء” وهي التي كانت تتغنّى بأن جلّ كوادرها من “صلبها”، لتفتقر -إذا لم نقل تخلو- محطات الطاقة والشركات في معظم المحافظات من اليد العاملة المتخصّصة والفنية خاصة، فيما تمتلئ المعاهد الكهربائية بالطلبة ممن لا حاضنة لهم بعد التخرج سوى للقلة الأوائل!.

أجوبة وزارة الكهرباء الواردة لـ”البعث” جاءت فقيرة لا تروي عطش المتقصي للوصول إلى معلومات حول وضع المعاهد وحقيقة تخلي الوزارة الأم عن تبني طلبتها، رغم معرفتنا التي تعود لأكثر من خمس سنوات عن مسودة رفعت لمجلس الوزراء تبيّن رغبتها بالعودة لمسؤولياتها وتوظيف الخريجين من معاهدها، لكن حتى اليوم لم يطرأ أي جديد، وعند محاولة الوقوف على حال ذلك الملف كان التأني هو الجواب من “الكهرباء”، وبعد الإصرار وصلتنا أجوبة بسيطة من مديرة المعلوماتية والتأهيل الفني والمعاهد التقانية منال شيخ أوغلي تشرح فيها مدة الدراسة في المعاهد الثلاثة (دمشق وحلب واللاذقية) وكيفية توزيع الطلاب على الاختصاصات الموجودة بمفاضلة داخلية، وفق أسس فرز يتمّ الاتفاق عليها في مجلس المعهد، ليُمنح الطالب الذي ينهي دراسته بنجاح شهادة دبلوم تقاني في أحد الاختصاصات المدرّسة، ورغم يقين أوغلي أن المناهج التي يتمّ تدريسها في المعاهد مناسبة للواقع العلمي والعملي ويتمّ العمل دوماً على متابعتها وتطويرها بما يتناسب وواقع سوق العمل، إلى جانب تغليب الجانب التطبيقي الذي يخدم قطاع الكهرباء، إلا أنّ تعيين الخريجين لم يعد كما كان، ففي الوقت الذي كانت الوزارة تستقطب جميع “أبنائها” الناجحين والمؤهلين، بات هذا الانفراد بالقرار رهن مسابقات يتمّ الإعلان عنها وفق الأصول. وبيّنت مديرة المعلوماتية والتأهيل أنه يسمح لنسبة 3% من الخريجين الأوائل بمتابعة الدراسة الجامعية، فيما يحق لـ5%من الأوائل الخريجين تقديم طلبات تعيين لدى دوائر الدولة، بالمقابل يتمّ اعتبار الباقين الحاصلين على شهادة المعهد مؤهلين للعمل في أي قطاع من قطاعات الكهرباء، إضافة لقدرتهم على رفد سوق العمل والإنتاج على الصعيد الصناعي بوصفهم مؤهلين للعمل في أي قطاع، لنعود بذلك إلى ما دار في الكواليس من وشوشات على أن رئاسة مجلس الوزراء هي صاحبة القرار والقادرة على إعادة تبني المعاهد من قبل الوزارة، ليبقى التردّد بالتعاطي مع ملف المعاهد التقانية غير مفهوم لدى البعض في أروقة “الكهرباء”، ومبرراً لدى العمال والفنيين في مفاصل الوزارة “ميلهم” للقطاع الخاص في ظل عبء العمل وساعاته الطويلة والنقص الحاد في اليد العاملة والذي كنّا شهوداً عليه في معظم جولاتنا للفوز بمعلومة وخبر.

في هذا السياق اعتبر الخبير في سوق العمل محمود الكوا أن فكرة إحداث المعاهد التقانية بالأساس جاءت لتأسيس مؤسسات تعليمية وتدريبية تكون مخرجاتها أكثر قرباً من السوق، بمعنى أن مكوناته التعليمية يفترض أن تكون مبنية حسب الاحتياجات الحقيقية والفعلية له، وأحد مؤشرات هذا الكلام –بحسب الكوا- هو مدة الدراسة في المعاهد التقانية، فهي عادة ما تكون أقل من مدتها في الجامعة، لأن المتغيّرات التي تطرأ على سوق العمل متسارعة، وعندما تكون مدة الدراسة أقل فإن سرعة ربطها بسوق العمل وتحديث هذه المناهج ستكون أكبر وأكثر مرونة. وأشار الكوا إلى أنه وفي حال الحديث عن معاهد تخصصيّة مثل الكهرباء، فهي بالأساس تمّ تأسيسها وإطلاقها لتلبية احتياجات قطاع الكهرباء من اليد العاملة، معتبراً كافة المعاهد والمؤسسات التعليمية والتدريبية جزءاً لا يتجزأ من القطاع العام ومخرجاتها مدخلات ضمن الإطار الوطني للإصلاح الإداري، في ظل الجهود التي تقوم بها وزارة التنمية الإدارية لتوصيف الهياكل التنظيمية والشواغر الوظيفية الموجودة لدى جميع مفاصل القطاع العام، ونوه الكوا بأن التوصيف الدقيق لاحتياجات السوق من اليد العاملة سيؤدي حتماً لإعادة النظر بالمناهج والبرامج التدريبية في المعاهد التقانية التي يفترض أن تكون المنطلق وحجر الأساس لإعادة النظر بهذه المناهج، لتغدو أكثر مواءمة للاحتياج الفعلي الموجود بالقطاعات المستهدفة كالكهرباء مثلاً. ومن وجهة نظر الكوا فإن تحقيق التكامل والمواءمة بين المخرجات التعليمية والتدريبية موضوع بحاجة لتحديث وربط ممنهج مع المشروع الوطني للإصلاح الإداري، حيث تُبنى اللبنة الأساسية لهذه الغاية من الحاجة الفعلية للقطاع الإداري بحسب الطلب، وبناءً على إعادة دراسة الهياكل التنظيمية وتحديد توصيف دقيق للشواغر الوظيفية الموجودة، وعليه يتمّ تحديد الاختصاصات الجديدة التي لم تكن متوفرة وأخرى لم يعد القطاع بحاجتها، بشرط التعاون مع عدة وزارات منها التربية والتعليم العالي بحسب تبعية كل معهد للتنسيق مع الوزارة المعنية لدراسة مدى فاعلية هذا المخرج، لأن الخريج والطالب بالنهاية -على حدّ تعبير الكوا- هو منتج المعهد، وعلى الجهة المعنية الاستفادة منه لتحقيق معادلة مخرجات تعليمية وتدريبية توائم وتلبي الاحتياجات الفعلية والمتوقعة لسوق العمل.