أخبارصحيفة البعث

كفى نفاقا أمريكيا وغربيا بشأن حقوق الإنسان والديمقراطية

بقلم السفير الصيني في دمشق فنغ بياو

دائما ما تمجد أمريكا وغيرها من الدول الغربية نفسها كمعلم لحقوق الإنسان ومنارة الديمقراطية، وتتخذ ذلك كآلية لسياسة التضييق وإساءة للدول التي لا تخضع لها أو تختلف عنها من حيث النظام، ظهر هذا السيناريو مرات عديدة في تاريخ العلاقات بين الصين والدول الغربية. في الفترة الأخيرة، اتخذت الدول الغربية القضايا المتعلقة بشينجيانغ وهونغ كونغ كذريعة جديدة، وعكفت على اختلاق الأكاذيب والمعلومات المزيفة، ما عرض للعالم مسرحية ساخرة جديدة حول تشويه سمعة الصين السياسية والتدخل الغاشم في شؤون الصين الداخلية تحت مسمى “حقوق الإنسان والديمقراطية”، كما أثارت بالنية الخبيثة ملف زراعة القطن في شينجيانغ وافترت على الصين بالعمل الإجباري والتعقيم القسري في شينجيانغ، حتى اتهمت الصين بما يسمى “الإبادة العرقية”، وادعت أن إجراءات الصين لاستكمال النظام الانتخابي في هونغ كونغ استباحت الديمقراطية فيها؛ وانطلاقا من هذا المنطق، فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي العقوبات على الصين.

غير أن الصين ليست كما كانت عليها قبل 100 سنة، ولا يمكن للقوى الغربية إخضاع الصين بضعة مدافع على الشواطئ الصينية. إن ذلك الوقت قد ولى بلا رجعة، كما تحاول تعطيل مسيرة النهضة العظيمة للأمة الصينية حتى الإحاطة بالنظام السياسي الذي يقوده الحزب الشيوعي الصيني، لكن لن تنجح هذه المحاولة أبدا.

ليس خافيا على أحد أن الدول الغربية والولايات المتحدة تسعى إلى إغلاق الصين في الفوضى والانقسام تحت غطاء “ديمقراطية” و”حرية”. في آب عام 2018، كان لورانس ويلكيرسون، وهو عميد سابق في الجيش البري الأمريكي، ومدير مكتب وزير الخارجية الأمريكية الأسبق كولن لوثر باول، اعترف بدون أي خفاء عند التحدث عن الأهداف الثلاث لنشر الجيش الأمريكي في أفغانستان بأن السبب الثالث للتواجد الأمريكي في أفغانستان هو وجود 20 مليون نسمة من قومية الويغور في شينجيانغ الصيينية، إذ أرادت وكالة المخابرات المركزية الإضرار بالاستقرار في الصين، فيكمن أفضل الطرق لذلك في استخدام هؤلاء الويغوريين بشكل ملائم لاستفزاز بجين، بما يؤدي إلى انهيار الصين من الداخل بدون القوة الأجنبية،

(الرابط https://www.youtube.com/watch?v=7fgwKSonqms)

في هذا السياق، ليس من الصعب فهم أغراض الولايات المتحدة وراء إثارة ما يسمى بـ “العمل الإجباري” تحت ذريعة ملف القطن في شينجيانغ، وبذل قصارى جهودها لتبييض المنظمة الإرهابية “حركة تركستان الشرقية الإسلامية” (يوجد أكثر من آلاف عناصر لهذه المنظمة في إدلب السورية تحت اسم “حزب تركستان الإسلامية”) ومحاولة شطب اسمها من قائمة المنظمات الإرهابية في اللجنة 1267 التابعة لمجلس الأمن الدولي، وتوجيهها التهمة للحكومة الصينية بارتكاب ما يسمى “الإبادة العرقية” في شينجيانغ. غير أن الحقيقة عكس مزاعمها، إذ بدأت زراعة القطن في معظم المناطق بشينجيانغ تعتمد على الأجهزة الهندسية منذ زمن، وازداد عدد سكان قومية الويغور من 10.1715 مليون نسمة إلى 12.7184 مليون نسمة بازدياد 25.04% في الفترة ما بين عامي 2010 و2018، تكون هذه النسبة أعلى بكثير عن نسبة ازدياد السكان لكافة القوميات في شينجيانغ بـ13.99%، و2% لقومية هان. أمام هذه الأرقام، تنهار الأكاذيب حول الإبادة العرقية تلقائيا.

إن منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة هي ملك لأهلها، لا توجد في العالم إلا الحكومة الصينية التي تولي أكثر الاهتمام بالأمن والآمان الدائمين والازدهار والتنمية في هونغ كونغ. وخلال أكثر من 150 عاما، قبل عودة هونغ كونغ للوطن الأم، هل أي من 28 حاكما في هونغ كونغ أختير من قبل أهالي هونغ كونغ؟ بعد عودة هونغ كونغ عام 1997، أنشأت الحكومة المركزية الصينية منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، وبدأت تطبيق سياسة “دولة واحدة ذات نظامين” و”حكم هونغ كونغ من قبل أهل هونغ كونغ” و”الحكم الذاتي بدرجة عالية”، واختيار الحاكم الإداري لهونغ كونغ وفق القانون الأساسي فيها. لكن في السنوات الأخيرة، قامت العناصر التخريبية والمناوئة للصين بتحريض “استقلال هونغ كونغ” بدعم القوى الغربية الأجنبية، ومارست الأعمال التخريبية بشكل تعسفي باستخدام الخلل والعيوب الواضحة في النظام الانتخابي الحالي في هونغ كونغ، مما قوّض النظام السياسي والقانوني في هونغ كونغ بشكل خطير، وانتهك سيادة البلاد وأمنه ومصالحه التنموية بشكل خطير، والمساس بمحمل الاستقرار الاجتماعي فيها بشكل خطير. إن إقرار المجلس الوطني لنواب الشعب حول استكمال النظام الانتخابي في هونغ كونغ سيسد الطريق المؤدي إلى نزع الحكم الإداري أمام القوى التخريبية المناوئة للصين، ويجنب الوقوع في العبث السياسي والاضطراب الاجتماعي، يضمن إمساك الحكم الإداري لهونغ كونغ في يد الوطنيين والسير المستقر لسياسة “دولة واحدة ذات نظامين”، ويحافظ على الازدهار والاستقرار على طويل المدى في هونغ كونغ. حظى قرار المجلس الوطني لنواب الشعب بدعم من قبل الشعب الصيني في أنحاء البلاد وبينهم مواطنو هونغ كونغ، كما عبر كل من المسؤولين والأشخاص من كافة الأوساط وجميع الجمعيات والمؤسسات عن تأييدهم القوي لهذا القرار، هناك أكثر من 2.38 مليون مواطن في هونغ كونغ وقعوا عبر الإنترنت أو بشكل حضور شخصي للتعبير عن دعمهم، ذلك يعكس تواجد أكثر قواسم مشتركة حول “حكم هونغ كونغ من الوطنيين” في مجتمع هونغ كونغ.

أما بالنسبة إلى “معلم لحقوق الإنسان” و”منارة الديمقراطية” بمقدمتها الولايات المتحدة، فكم هي خطورة انتهاكاتهم لحقوق الإنسان، وكم تغض النظر عن مشاكلها نفسها. هي ليست مؤهلة لتوجيه التهم لقضايا شينجيانغ وهونغ كونغ وغيرها من الشؤون الداخلية الصينية.

في وجه جائحة فيروس كورونا المستجد، جرد أبسط حقوق لعامة الناس في الصحة والحياة، غلب الساسة الأمريكيون مصالحهما على حساب العلم، تركوا أكثر من 30 مليون شخص يصاب بالفيروس و550 ألف شخص يفقدون أرواحهم. تعاني الأقليات في الولايات المتحدة من التمييز المنهجي والطويل المدى، صرخ عشرات الملايين من ذوي الأصول الأفريقية بـ “لا أستطيع التنفس” بعد حادثة جورج فلويد، ازدادت الجرائم الكراهية ضد أشخاص الأصول الآسيوية في 16 مدينة كبرى بـ 150% مقارنة بآذار من العام الماضي، تتراكم حوادث تنفيذ القانون بالعنف ولم تشهد أي تحسن، في الفترة ما بين شباط إلى تشرين الثاني عام 2020، هناك 17 يوما فقط لم تشهد حادث القتل بسبب عناصر تنفيذ القانون. اعتادت الولايات المتحدة على ممارسة التدخل فعليا تحت ستار “حقوق الإنسان” سطحيا، ما أثار كوارث إنسانية عديدة في العالم. ومنذ عام 2001، أطلقت الولايات المتحدة “حملات مكافحة الإرهاب” في أكثر من 80 دولة في العالم، ما أسفر عن قتل ما يزيد عن 800 ألف شخص بسبب الحرب والعنف بينهم 335 ألف مدني، ونزوح 21 مليون شخصا في أفغانستان والعراق وسورية وغيرها. إضافة إلى ذلك، فرضت الولايات المتحدة الإجراءات الأحادية الجانب بصورة تعسفية على سورية وغيرها من الدول، ما أتى بمعانات كثيرة على شعوبها.

قد أثارت الأعمال الخبيثة للولايات المتحدة غضبا عارما في المجتمع الدولي، حيث طرح ممثلون من 116 دولة ووكالة دولية معنية 347 اقتراحا بشأن وضع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة في الدورة الـ 46 لاجتماع مجلس حقوق الإنسان. يدل ذلك بجلاء على أن الولايات المتحدة ليست مؤهلة لتمثل القيمة المشتركة للبشرية، ولا يحق لها إلقاء تهم للدول الأخرى. في نفس الوقت، أعرب أكثر من 100 دولة في هذا الاجتماع من خلال الكلمة الموحدة أو الفردية أو التوقيع على البيان المشترك عن  دعمها لإجراءات الصين في بشينجيانغ وهونغ كونغ، كل ذلك يثبت أن الحقائق أبلغ من اللسان، الإنصاف في قلوب كل الناس.

إن القضايا المتعلقة بهونغ كونغ وشينجيانغ من شؤون الصين الداخلية البحتة، ستحافظ الصين على سيادة البلاد وأمنه ومصالحه التنموية بعزيمة لا تزعزع. حان الوقت لانتهاء مسرحية إساءة وانتقاد الصين التي تعرضها الدول الغربية والولايات المتحدة باستخدام “حقوق الإنسان” و”الديمقراطية”، لو أصرت على ذلك، فستدفع ثمنا لغبائها وتكبرها.