حضور دولي لافت لمؤتمر الاستثمار والتشاركية.. و”الصناعة” تؤكد مساعيها لاستثمار الموارد
دمشق – بشار محي الدين محمد
كان معاون وزير الصناعة الدكتور المهندس جمال العمر موفقاً بوصفه البلسم الشافي لجرح الصناعة النازف، والكفيل بتدعيم أواصر الصناعة الوطنية وقطاعاتها كافة، وذلك من خلال تشديده على اعتماد الركيزتين “العلمية والتكنولوجية” للنهوض بالقطاع الصناعي كافة، مع الأخذ بعين الاعتبار المحافظة على الجودة والمواصفات القياسية والبيئية في كل السلع والمنتجات الصناعية، وتحسين أساليب الإدارة والإنتاج والتسويق، معتبراً ذلك سبيلاً للتنمية الاقتصادية.
نظرة تفاؤلية
وبثّ العمر -خلال مؤتمر الاستثمار والتشاركية بنسخته الثالثة- نظرته التفاؤلية تجاه الاقتصاد السوري عموماً، والقطاع الصناعي خصوصاً رغم سني الحرب والدمار التي طالت معظم المرافق، مدعماً نظرته هذه بعوامل موضوعية يتصدرها المناخ الاستثماري الذي ما يزال مناسباً ومميزاً، ومساعي الوزارة لاتخاذ كافة الإجراءات للتماهي مع ظروف المرحلة وما يطرأ من المستجدات بشكل يمكّن من استثمار كافة مواردنا المحلية، إلى جانب الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ورجال الأعمال المغتربين والشركات العربية والدولية، بالإضافة إلى الاستفادة من القطاع الزراعي ومخرجاته لتحقيق القيمة المضافة، واستكشاف مسارات جديدة للتصنيع، والتركيز على تطوير وتحديث كافة الشركات عبر إدخال التكنولوجيا، واستبدال وترميم المدمرة منها، وتأمين كل ما يلزم لتشغيلها بكفاءة عالية.
ولعل أهم ما يستوجب التركيز عليه هو المشاريع المتوسطة والصغيرة ونشرها في كافة المحافظات للوصول إلى الصناعات العنقودية والضخمة، نظراً لدورها الإستراتيجي لجهة الابتعاد عن الاستيراد وعن الخبرات الأجنبية، كما شدد العمر على دور القطاع الخاص في هذه المرحلة وحثه على أخذ دور الريادي والاستثماري بشكل واسع يحقق شراكة حقيقية بتطوير صناعتنا الوطنية.
حليف دائم
حظي المؤتمر بحضور لافت لكبرى الشركات المحلية والدولية وعدد من المستثمرين ورجال الأعمال السوريين والعرب والأجانب، وترافق مع إطلاق منصة رقمية لاحتضان الراغبين في ريادة الأعمال ومساعدتهم على تحقيق رؤاهم ومشاريعهم، إضافة لإشراف مركز الأعمال الدولي على ترتيب التعاون والربط بين المشاركين ورجال الأعمال لإنجاح مرحلة إعادة الإعمار.
وفي هذا السياق أكدت ممثلة الوفد الروسي على تضامن روسيا الاتحادية كحليف دائم لسورية، وأنهم هنا اليوم لتوثيق التعاون بين البلدين وخاصة على الصعيد التجاري، إضافة لوجود مشروع تعاون تجاري بين البلدين، كما أن هناك مقترحات بخصوص التعاون الجمركي لتخفيف الضرائب والرسوم على البضائع القادمة من سورية وبالعكس، وناشدت الجميع لتعزيز التعاون وإيجاد كافة السبل المشتركة مع سورية وبما يعود بالمنفعة على الجميع، وأبدت استعدادهم لمناقشة ودراسة كل ما يخص هذا التعاون والإجابة عن كافة الاستفسارات والأسئلة المطروحة.
تبادل
ممثل وفد جمهورية القرم أكد أن دولته تشكل قاعدة ربط وتبادل بين عدد من الجمهوريات والدول الواقعة تحت الحصار الاقتصادي، مشيراً إلى أنه في العام 2017 تم تأسيس مركز تطوير التنمية الاقتصادية كقاعدة أساسية للتعاون الاقتصادي بين روسيا والقرم وتلك الدول المحاصرة، وقد نجحوا بوضع آلية للالتفاف على هذا الحصار بالتعاون مع العديد من الدول ومن ضمنها دول أيدت الحصار خارجياً وترفضه داخلياً وتسعى لكسره، إضافة للأعمال المصرفية والتعاون الجمركي واستعدادهم لتقديم كافة التسهيلات عبر موانئهم وعبر البنك الروسي.
تغيير الصورة
ممثل وفد جمهورية ألمانيا الاتحادية أكد أنه تفاجئ بما شاهده في سورية من استقرار ومظاهر للحياة رغم ما يشاع عنها في الخارج من أنها مكان يعاني الحرب والدمار، وأنه يملك عدة شركات ومستعد للاستثمار في سورية، وسيعمل على طمأنة الجميع حول الوضع في سورية وتغيير الصورة المشوهة التي قد رسموها حول هذا البلد الذي يكن له كل الاحترام والمحبة، ويعد حالياً ساحة مهمة ومميزة للاستثمار وبكافة المجالات الاقتصادية.
متانة
ممثل الوفد التركي أكد على متانة واستمرارية العلاقات السورية التركية، والتي لم تتأثر رغم الحرب والظروف السياسية، مشيراً إلى أن العلاقات بين الشعبين تتجسد عبر هذا المؤتمر الذي سيسعون من خلاله لتأسيس تعاون اقتصادي بكافة المجالات بين الشعبين في المرحلة المقبلة.
تعاون
عبد الرزاق الزهيري رئيس اتحاد غرف التجارة العراقية أكد وقوف العراق بكافة فعالياته من صناعيين وتجار وزراعيين ورجال أعمال ونقابيين مع الشعب السوري، وسعيهم الحثيث لتقديم كل التعاون المطلوب للنهوض بالاقتصاد السوري رداً للجميل الذي قدمته سورية للشعب العراقي أثناء حصاره، وقطع كافة المنافذ عنه لمدة 13 عاماً حيث خرقت سورية هذا الحصار وتضامنت كل التضامن مع الشعب العرقي، مشيراً إلى أن أبرز مظاهر التعاون الاقتصادي بين البلدين هو إعادة الترانزيت السوري عبر الأراضي العراقية لتأمين وصول البضائع السورية إلى كافة الدول العربية، والحضور المشترك في كافة الفعاليات والمعارض والمؤتمرات بين البلدين، وأبرز مؤشر لمسه الزهيري في هذا المؤتمر هو الحضور الدولي اللافت، كما أكد الزهيري أن القوانين الاستثمارية ليست كل شيء بقدر توافر البيئة الاستثمارية والعوامل الاجتماعية والوقت وإقامة المعارض وتنظيمها عبر شركات بعدد يفوق الخمسة سنوياً وتوفير المناخ الملائم، بدليل أن حجم استثمارات العراقيين في الأردن 18 مليار دولار بينما لا نجد هذا الرقم في العراق الذي لا يتوفر ضمنه المناخ الاستثماري.
رجل الأعمال وممثل الوفد اللبناني سامر حداد أكد على أهمية التعاون السوري اللبناني وخاصة في مجال الشحن من كافة الدول لخدمة أي مستثمر أو صناعي في سورية، وسعيهم لطرح كافة الحلول الاقتصادية عبر شركتهم للخدمات اللوجستية.
المحامي محمد وسام كريم الدين رئيس مركز متخصص بالدراسات والاستشارات القانونية، أكد على أهمية المؤتمر في توضيح الأرضية القانونية للمستثمر وخاصة الأجنبي بعد أن تم تجهيزها عبر قانون التشاركية، وعبر سرعة تعديل المواد التي تحتاج للتعديل بعد الممارسة العملية للاستثمار، كون التجارة من المواضيع المتجددة باستمرار وتحتاج كل المواكبة القانونية لنجاحها.
سوسن حلاوة مديرة العلاقات العامة في مجموعة صناعية خاصة أكدت أن مجموعتهم لم تنقطع عن العمل نهائياً رغم ظروف الحرب ورغم ظروف الحصار، وسيساهمون في عمليات إعادة الإعمار دون ادخار أي جهد لتخطي كافة الصعوبات التي تواجههم وخاصة في مجالي الحوالات والنقل التي تعيق تصدير منتجاتهم أو حتى تسويقها داخلياً.
التشبيك ضعيف..!.
أحد أصحاب الشركات “رفض الكشف عن اسمه” أكد أن هذا المؤتمر وغيره من المؤتمرات لم تصل بعد إلى المستوى المطلوب والمرجو منها، فالتشبيك ما يزال ضعيفاً -بحسب تعبيره- وذلك يعود لغموض وضعف دور وزارة الصناعة في قيادة المشاريع الاقتصادية، والتشتت بين دور القطاع العام ودور القطاع الخاص في البناء الاقتصادي، وطالب بدور أكثر حزماً وجدية للوزارة وخاصة أن أعضاء غرف الصناعة لا يمثلون سوى مصالحهم الخاصة دون التفات إلى مصالح بقية الشركات والمصانع، وهذه مشكلة وعائق كبير في وجه التنمية الاقتصادية، وتابع نحن بالنهاية ليس أول بلد قد تعرض للحرب والدمار ويتوجب علينا كغيرنا من البلدان إتاحة الفرص الحقيقية أمام كل سوري أصيل لبناء بلده وخاصة بعد أن أثبت نجاحه وتميزه في العديد من الدول وحقق معجزات اقتصادية في بلدان قد لا تختلف كثيراً عن حالنا كمصر.