الإهانة والإفراط في المحاسبة يُدمرانه.. نصائح لتربية طفل سويّ النفسية
العناية بالأطفال مُرهقة ولكنّها تصير مُثيرة بفضل كل التجارب التي تُعاش للمرة الأولى، والمراحل التي يجتازها الوالدان، وكل كلمة جديدة يلفظها الطفل. ولكن طوال الرحلة يحوم شعور داخل الأم بأنها ليست مثالية كما كانت تحلم أن تكون، ولكن هناك نصائح لتربية طفل سوي يمكن أن نستلهمها من تجارب الآخرين، للمساعدة على تربية الطفل نفسياً بالتوازي مع تأمين حمايته وتغذيته جسدياً.
من الشجار الصباحي للذهاب إلى الحضانة، وصولاً إلى الإرهاق النفسي نتيجة الفوضى التي يخلقها الأطفال مروراً بعدم الحصول على ليلة نوم متواصل دون انقطاع، يصبح التواصل أحياناً مشحوناً يتخلله صراخ وأوامر تخفي الحب الذي يجب أن يكون بلا أي قيود أو شروط.
ولأن الأطفال لا يعلمون كمية الحب الذي يكنّه الوالدان – رغم تعبهما وغضبهما – فلا بد من الحرص على إظهاره، وتحمُّل تجربة العناية بالطفل بأفراحها وأتراحها ومشاعر الذنب والمشاعر الجارفة التي تتضمن الكثير من الضحك والكثير من البكاء!
نصائح لتربية طفل سوي النفسية
– كُن مرآةً لطفلك:
الطفل مرآة أبويه، ولتحسين سلوك الطفل يجب أن يبدأ المرء بنفسه، ويجب أن يكون قدوةً يُحتذى بها، فالأطفال يميلون إلى تقليد الكبار عادةً، وسلوكهم يُخبرنا في الأصل عن سلوك الأبوين.
ويصبح التعامل مع الطفل أسهل كثيراً عند السيطرة على الغضب والانجراف في فخ إصدار الأوامر. ولن يقبل أحد التحكّم فيه لمجرد أنّك لا تملك وقتاً للحديث والإقناع، وهذا يشمل أطفال الحضانة.
– عالِج المشكلات والإحباطات الشخصية:
من الضروري الاهتمام بمشكلاتنا الشخصية، وإحباطاتنا، وصراعاتنا الداخلية. وسواء كان الأمر يتعلّق بتغييرات حياتية أو صدمات من زمن الطفولة فيجب التعامل مع الأمر، إذ يحتاج الطفل إلى أبوين سليمين عقلياً ليعيش طفولةً طبيعية، ويبلغ بشكلٍ صحي لاحقاً.
لذا يجب علاج المشكلات حتى لا يصُبّ الوالد كامل شكوكه، ومشاعره المكبوتة، وشعوره بانعدام الأمن على الطفل البريء. فالأطفال مرتبكون بما يكفي ويُفسّرون سلوك الأبوين مباشرةً لحظة حدوثه.
– خصِّص وقتاً للعائلة:
لا معنى للحب من دون قضاء وقت جيد للاستمتاع به. وهذا يعني توفير الوقت اللازم والطاقة اللازمة للطفل؛ ويمكن في سبيل ذلك تخفيف الدوائر والعلاقات الاجتماعية غير الضرورية التي تستغرق الكثير من وقت الوالدين. إن عليك أن تحافِظ على الصداقات التي تحترم حاجتك إلى وقتٍ ومساحة شخصية دون تنازلات.
والأهم هو الفصل بين وقت العمل ووقت العائلة، وتخصيص ذلك الوقت للمشاركة في نشاطات مع الطفل كقراءة كتاب، أو اللعب على الدراجة، أو حتى تحضير بعض المخبوزات الشهية، وإطلاق العنان للطباخ الذي بداخله.
– الألفاظ والأفعال:
يمثل التدارُك أسلوبَ حياةٍ ينصح به الكثير من المُعالجين والمُدرّبين الحياتيين من أجل تعزيز العادات الصحية.
لكن فاعلية التدارك واليقظة في التربية هي أمرٌ بالغ الأهمية. توقف لحظةً للتفكير قبل أن تنطق:
هل يجب أن أقول ذلك؟
هل سيحدث أيّ تغيير كبير نتيجة قول ذلك؟
ما الذي سيحدُث إن قررت الانصياع فقط؟
ما أسوأ ما يُمكن أن يحدث إن قلت لا؟
ما الذي سأستفيده؟
ما الذي سأخسره؟
وهل تستحق لحظة الغضب والأنا عناء الأمر؟
إذ إنّ عقاب الأطفال يُشبه المقامرة إلى حدٍّ كبير. وسنكون محظوظين إذا ربّينا طفلاً عاقلاً ومتسامحاً بما يكفي ليُدرك أنّ عقابنا وإهانتنا له / لها على الفردية كان جزءاً من حبنا ورعايتنا. وإذا لم يحدث ذلك فنحن نعلم جيداً ما سنخسره، ونُدرك الاحتمالات حين نقامر بقلوبنا.
– انزل إلى مستوى الطفل فكرياً وجسدياً:
ينتاب المرء شعورٌ خاص بالراحة والأمان حين ينزل إلى مستوى طفله وينغمس في الحديث معه. الانحناء أمامه، والإمساك بكتفيه، والحديث إليه وجهاً لوجه له تأثير أكبر من الصراخ من علٍ.
إذ إنَّ ذلك يُشعِر الطفل بأنّه يُعامَل باحترام ومساواة، فضلاً عن أنّه يُساعدنا على التفكير من منظور الطفل ومستواه، ما يضمن تواصلاً أكثر فاعلية مع الطفل، وهو أمرٌ ضروري في العلاقة مع طفلنا/طفلتنا.
– عبِّر عن حبك لفظياً:
من الطبيعي والفطري أن نُحِب أطفالنا، لكن الأطفال لا يُدركون ذلك الترتيب الافتراضي.
وبالفعل هناك بعض الآباء والأمهات الذين لا يحبون أطفالهم ويُؤذونهم بمختلف الطرق، وهذه حقيقةٌ لا يُمكن تجاهلها، ما يجعل التعبير عن الحب أمراً حتمياً.
والحب الذي لا نُعبّر عنه سيظل مجرد شعور مكبوت داخلنا. ففي الحب يزداد شعورنا بالتوتّر والقلق على أحبابنا، ونخشى إصابتهم بأيّ سوء. ونغضب حين يفعلون شيئاً يضر بسلامتهم، كما نشعر بالخذلان حين يعصون أوامرنا.
لكن عدم التعبير عن الحب تكون له آثارٌ سلبية أكثر من الآثار الإيجابية، وحين تكون شخصاً لم يُعبّر كثيراً عن حبه ولكنّه يستجيب بعنف للظروف السلبية مستشهداً بحبه؛ فيجب أن تعلم أنّك تمنح الطرف الآخر تبريراً مُبطَّناً على أنك شخص غير لطيف.
سيفقد الآباء والأمهات أعصابَهم عادةً، ولكنّ الأمر سيكون مقبولاً فقط إذا كانوا قد عبَّروا عن مدى حبهم في السابق. وبخلاف ذلك سيجد الطفل من منظوره عادةً أنّه ليس من العدل أن تلاحظ إخفاقاته فقط.
كل ما تقوله وتفعله يُؤثّر على طفلك لأنّه يراقبك، ولا أحدَ يود التعامل مع مُصلحٍ بشكل يومي، كل ما يحتاجه هو الشعور بحب الآخرين له.
لذا سامِح نفسَك، وابدأ من جديد، وأحِبَّ بكل طاقتك.