“وتترنح الأرض” في صالون سلمية الثقافي
البعث – نزار جمول
استهلّ نادي القراءة في صالون سلمية الثقافي جلسته في شهر نيسان بدراسة رواية الكاتبة دعد ديب “وتترنح الأرض”، هذه الرواية التي يمثل عنوانها انفتاح على مدلولات تأخذ القارئ للعبة تأويلية تشابكت خيوطها مع الميثولوجيا السومرية “الثور” الذي حمل الأرض على قرنيه، وهذا الأمر يوضح تراط فكرة الرواية مع صورة الغلاف.
اعتبر مدير النادي الشاعر عبد العزيز مقداد أن الرواية كُتبت بعناية فائقة وبلغة شاعرية جزلة تضمّنت حوارات فلسفية واجتماعية وسياسية وإنسانية من خلال بطليها ممدوح وبارعة، وأضاءت على النماذج الفاسدة في المجتمع، وبيّن أن الانطباع الأهم الذي وصله من الرواية هو المخزون الفكري والثقافي الذي تمتلكه الكاتبة باستحضارها أقوالاً وحكماً لشعراء وفلاسفة ومفكرين عالميين، كذلك الرواية غنية بالميثولوجيا وأسطورة الثور السومرية وأسطورة ليليت وقابيل وهابيل.
ورأى الشاعر سليمان الشيخ حسين أن الرواية تنتمي للشعرية والبلاغة، إذ يمكن أن يتمّ إنتاج قصائد كاملة من نصوصها والفصول مستقلة عن بعضها ولا يربطها سوى موقف الكاتبة من العالم والواقع المعاش وهي أقرب إلى الإيديولوجيا، بينما اعتبرت الشاعرة ميساء سيفو لغة الرواية أقرب للوصف السردي وبين ثناياها جمل جميلة على لسان البطلين، كما ركزت الكاتبة على صراع الأوان الذي بدأ بعد أزمة الحرب، ولم ينتهِ التشويق إلا بنهاية الرواية عندما أعادت الكاتبة القارئ للبداية، ولم يخرج أسلوبها من جلباب الشرح للمشروح أصلاً، خاصة عندما صوّرت الفساد بطريقة عادية ولم تطرح تساؤلات وأفكاراً جديدة.
وأكثر ما لفت انتباه الشاعرة جمانة حيدر ذكر الكاتبة للزيتون المقدس في أكثر من مكان في الرواية وهو الذي يمثل الترابط المقدس المذكور في كل الأديان السماوية لأهميته ودلالته العميقة على الإيمان، بينما ركز الباحث نزار كحلة على العنوان ولوحة الغلاف، معتبراً أن اختيار العنوان “وتترنح الأرض” اختيار ذكي، لأن الكاتبة قصدت به سورية أنها لم تقع بل تترنح محاولة التوازن بسبب ما عصف بها من أزمات وفساد، وأشار كحلة إلى صورة الثور الذي هو كالأسطورة من خلال قرنيه الموجود ذكرهما في كل الميثولوجيات التي ترمز للآلهة. وأكد كحلة على العمق الثقافي التي تمتلكه الكاتبة عندما استعانت بأفكار وحكم شعراء وفلاسفة أمثال المتنبي وكافكا ورافييل وديكارت ودريدا وغيرهم.
ورأى الشاعر عدنان الخطيب أن لغة الكاتبة تميّزت بالشاعرية أحياناً والرمزية أحياناً أخرى، ولم توفق في النهاية لوضوح قلقها في التعبير، ومع ذلك جاءت الرواية كنص نثري جميل في مونولوج روائي متقن، وعبّرت الباحثة هناء حمود عن رؤيتها بأن الرواية تتشابك مع الميثولوجيا السومرية المتمثلة بقصة قرني الثور، وهي محاولة جدّدت فيها الكاتبة سرديات لا تحكي الحكاية وإنما تصفها، والنص تأرجح بين الشعر والفلسفة والمونولوج والحبكة الوامضة، فالرواية شاعرية توحي بنص تأملي يبدأ بحوار بين عاشقين، حوار عن قضية وطن يحتضر، وفيها تحولات نحو إسقاطات لشخوص متناقضة مثقلة بالخيبات، كما أن الحوارات فيما بين الشخصيات تدلّ على قدرة الكاتبة الثقافية والنقدية الكبيرة، حيث وصلت إلى حدّ كبير من فلسفة المعنى وجدليته، واختتم إسماعيل خدوج المداخلات بالتأكيد على أن الرواية عمل نثري يسرد قصة في زمان ومكان ما، وتتفاعل أحداثها إلى أن تصل للمغزى والهدف الذي عملت عليه الكاتبة في روايتها من خلال طرح مشكلة الفساد ضمن إطار من الوصف والتحليل وسبر أعماق النفس البشرية والطبيعية التي استطاعت وصفها بجمالية وروعة كبيرة.