مجلة البعث الأسبوعية

شكران بلال.. بين الرسم والكتابة حكاية لا تنتهي

“البعث الأسبوعية” ــ غالية خوجة

تتسم أعمال التشكيلية شكران بلال بالانطباعية التعبيرية المعتمدة، غالباً، على الألوان الزيتية والمائية بدلالات تحاكي الطبيعة والفلكلور، وهي تبتكر اللحظة من البيئة الواقعية اليومية للناس لاسيما الأطفال والنساء، معبرة عن آلامهم وآمالهم، وكيفية استمرارهم في الحياة متحدين الصعوبات والظروف، مؤكدة أن البساطة هي العمق البعيد للعمل الفني، خصوصاً، عندما يكون أبطالها وشخوصها من النساء وهن يغسلن بأدوات بدائية، أو يقطعن الخضار، أو يساهمن في العمل ما بين الطحن بالحجر والحصاد.

 

بانوراما فلكلورية وجدانية

ونتيجة لذلك، يجد المتلقي في أعمالها سلسلة توثيقية من حياة الناس وتراثهم، وتشكلات الطبيعة من مسارات النهر والأشجار، ومن طريقة الحياة المنعكسة من لوحاتها المعمارية، من بيوت وجدران ونوافذ وأبواب، ومساحات بيئية مفتوحة على الأفق الأرضي والأفق السماوي، وملامح وجوه تتحاور مع بعضها “ديالوغياً” – حواراً خارجياً مسموعاً – كما في لوحتها لامرأتين عجوزتين، وملامح لوجوه تحاور الزمن والتعب “مونولوغياً” – حواراً داخلياً ذاتياً – كما في إحدى لوحاتها التي تبدو فيها المرأة الريفية العجوز في لحظة من العمر خريفية، وكأنها تستعيد ذاكرتها موقنة باقتراب الغروب بكل رموزه، فتروي للمشاهد سيرتها بأثر رجعي.

كما يتسم نصها اللوني باشتباك فني بين الألوان الأساسية والثانوية، الحارة والباردة، وما يترتب عن ذلك من تدرجات موحية بعدة معانٍ، بصرية وذهنية ووجدانية، بعضها يفصح عن دلالات زاهية، وبعضها يوشوش دلالاته الواضحة.

 

أسلاك شائكة

لم تكتف شكران بلال بالكتابة بالألوان، بل اتجهت إلى عالم الكتابة، منطلقة من القصة القصيرة، وفازت أول قصة كتبتها “أسلاك شائكة”، في مسابقة “هذي حكايتي 2020 / وثيقة وطن”، لأفضل قصة واقعية قصيرة، حيث نالت الجائزة البرونزية عن الفئة العمرية الرابعة التي تتجاوز سنها الستين.

وعن قصتها مع هذه القصة، أجابت: لم أصدر أعمالاً أدبية بعد، رغم أنني كتبت 9 قصص قصيرة تشكّل مجموعة، والقصة التي فزت بها كانت أول قصه أكتبها، وهي قصة واقعية حدثت معي منذ عدة سنوات، وعند كتابتها، منذ عدة شهور، كانت دموعي تسقط على الورقة التي أدوّن عليها الأحداث. لقد كتبتها بكل محبة، وتصورت تفاصيل كثيرة، وسهوت عن تفاصيل أخرى، لذلك، خرجت القصة بواقعية كاملة.

 

كيف تكتبين؟ وماذا يعني لك النسق النصي بأبعاده الواقعية والمتخيلة؟

لأول مرة أكتب قصة عن حالة جرت معي بطريقة السرد الروائي، وذلك لأحداث جرت منذ عدة سنوات، أثناء توجهي من معبر “كلس” التركي إلى مدينة عفرين، مسقط رأسي، ولم يكن للخيال بالقصة مكان، لأن من شروط المسابقة أن تكتب أسماء وأماكن وتواريخ لتكون مادة توثيقية للاحتفاظ بها في مكتبة “مؤسسة وثيقة وطن”.

 

ما أهم عنصر فني برأيك، في اللوحة كنصّ لوني، وفي القصة كنصّ كتابي؟

بلا شك، يجب أن يكون هناك عنصر أساسي في القصة التي كتبتها، وكذلك في أغلب لوحاتي، وهو العنصر الإنساني بكل أحواله وحالاته ومعاناته، إضافة لعنصر الفلكلور والتراث المحلي الذي يحيط بنا وببيئتنا. وتابعت: كذلك اهتمامي بالكثير من التفاصيل الصغيرة التي تكمل اللوحة لإيصال الهدف بشكل جميل، وربما أصل لبغيتي من خلال رسم وجه لمسن تعب، لطفل قد مزق الفقر ملابسه ولكنه فرح بلعبة صغيرة، أو بقطعة حلوى حصل عليها من أحدهم، من ضحكة وفرحة بسبب بسيط، ربما بجلوس امرأة مسنة، أو سيدة متعبة من مشاغل الحياة.. أحب أن أجسد كل جمالية وبكل تفاصيلها المجروحة.

 

الفن كلٌّ متكامل

ثم رأت أن تشابك العلاقة بين الكتابة والرسم ناتج عن دقة الانتباه والملاحظة؛ والفنان، دائماً، يكون دقيق الملاحظة، وينتبه لكل جمالية من حوله، ينقلها باللون على السطح الأبيض ليجعل منها بهجة للنظر، كما الكتابة، كونها تتعلق بالملاحظة الدقيقة بكل التفاصيل.

واختتمت بلال: الفن، بشكل عام، بكافة أنواعه وأجناسه متمم لبعضه البعض، والكثير من طلابي في السنوات الماضية بكلية الفنون بحلب، ممن تخرجوا وذهبوا إلى دمشق لدراسة التمثيل أو الموسيقى أو التصوير السينمائي أو التصوير الفوتوغرافي، يبدعون ويتميزون بما يقدمونه، ومنهم الموزع الموسيقي هاني طيفور، والطالب بالمعهد العالي للفنون المسرحية سامر سالم، والمصور المبدع سامي بيرقدار.

 

بطاقة

شكران بلال تشكيلية من مدينة عفرين. منذ طفولتها ولها حكايتها التي ترويها للألوان. تخرجت من مركز فتحي محمد للفنون الجميلة بحلب، ثم درّست في كلية الفنون الجميلة – مادة التصوير، وهي عضو اتحاد الفنانين التشكيليين، ومنتسبة للأكاديمية العالمية للفنون والعلوم والآداب. أقامت عدة معارض فردية، وشاركت بمعارض جماعية، محلية وخارجية، في حلب، وبيروت، وباريس، وأنطاكية.

فازت بالجائزة الفضية في الأكاديمية العالمية للفنون والعلوم والآداب 2012، باريس، كما نالت جوائز أخرى محلية وعالمية، منها جائزة في معرض أطفال العالم بإيطاليا.