استراتيجية بايدن للحفاظ على الهيمنة
تقرير إخباري
مع كل يوم تصبّ الولايات المتحدة الأمريكية النار على العلاقات المتوترة أصلاً مع جمهوريتي الصين الشعبية وروسيا الاتحادية. ومؤخراً كان التصعيد الكلامي والتصريحات المتلاحقة يشيان بأن إدارة بايدن تخوض المعركة بشراسة، وبكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، للحفاظ على موقع الهيمنة ضد من اعتبرتهم “أعداء” استراتيجيين ترى فيهم منافسين حقيقيين لها في نظام عالمي متعدّد الأقطاب بدأ يتشكّل من جديد.
الولايات المتحدة تحاول صدّ الاندفاعة الصينية القوية بكل إمكاناتها، لأن الوقت لا يعمل لصالحها أمام التطور الصيني الهائل على الصعيد الاقتصادي والعسكري والتقني، الذي قد لا تستطيع اللحاق به، كما لا تستطيع مجاراتها في خطط التنمية والتوسّع المتسارعة جداً في علاقاتها مع كل دول العالم، من خلال إقامة بكين شبكة ضخمة من المشاريع التنموية والاقتصادية والمالية والطرق التجارية التي تربط العالم بعضه ببعضه الآخر، مثل مشروع “حزام واحد.. طريق واحد- والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية”.
فمن جهة يعتبر مشروع “حزام واحد.. طريق واحد”، أو ما يُعرف بمبادرة الحزام والطريق، مبادرة صينية قامت على أنقاض طريق الحرير في القرن التاسع عشر من أجل ربط الصين بالعالم ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، وهي محاولة لتعزيز الاتصال الإقليمي واحتضان مستقبل أكثر إشراقاً. وقد تمّ وضع تاريخ الانتهاء لهذا المشروع عام ٢٠٤٩م المتزامن مع الذكرى المئوية لتأسيس الصين. أما “البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية” فهو بنك دولي تأسّس عام ٢٠١٤م قامت الصين بإنشائه برأس مال وصل إلى ٥٠ مليار دولار ويضمّ أكثر من ٣٥ دولة، يقع المقر في بكين.
وأمام هذا الواقع، لا تخفي واشنطن قلقها البالغ من الصين، وفي هذا السياق تعترف مديرة جهاز الاستخبارات الوطنية إيفريل هاينز بتفوّق الصين علمياً على الولايات المتحدة، نظراً “لاستراتيجيتها الفريدة في دمج التطورات العلمية بين القطاعين العسكري والمدني، وتوظيف ثمارها في مزيد من البحوث لتحقيق أهدافها الوطنية الأبعد”، مشيرة إلى أن واشنطن “لا يتوفر لديها تدابير وآليات لكبح استثمار الصين في قطاع التكنولوجيا عبر لجنتها للاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة”. ولهذا وضعت واشنطن الصين، في كل خططها، كعدو أوليّ وخطر داهم على الأمن القومي الأمريكي، من دون أن تغفل روسيا كعدو آخر في أوروبا الغربية.
وقبل أيام أعلنت إدارة الرئيس بايدن الموازنة العسكرية والتي بلغت ٧١٥ مليار دولار للعام القادم ٢٠٢٢، وأحالتها إلى مجلسي النواب والشيوخ للتصويت عليها وإقرارها قبل شهر أيلول القادم، حيث أشارت بشكل مباشر إلى ما أطلقت عليه “مواجهة تهديدات الصين وروسيا”، أي أن الإدارة الأمريكية ترى أن هناك احتمالاً كبيراً لمواجهة عسكرية مع هذين البلدين، وهذا يتطلّب استدعاء القوى العسكرية للاستنفار ووضع كل الإمكانات العسكرية بكل تشكيلاتها اللازمة لدى البنتاغون، كي تكون كل الأسلحة البرية والجوية والبحرية والنووية في حال استعداد تام، مع الإشارة إلى أنّ هذه الميزانية الضخمة التي وصلت إلى ٧١٥ مليار دولار تشمل تحديث وتطوير السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل الكيماوية والجرثومية.
وفي أول ردّ فعل، سخرت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية من حجم ميزانية الدفاع الأمريكية لمواجهة الصين وروسيا، ووصفتها بأنها تعبير صريح عن ثمن الخوف والقلق الأمريكي، وقالت: “إن تدمير العلاقات مع جمهورية روسيا الاتحادية وجمهورية الصين الشعبية سيكلف دافعي الضرائب الأمريكيين 715 مليار دولار إضافية، وهذا مبلغ ضخم جداً، إضافةً إلى ديون الحكومة الأمريكية المتزايدة والتي ارتفعت منذ أيلول ٢٠٢٠ إلى ٢٦ تريليوناً و٩٠٠ مليار دولار”.
ريا خوري