أحمد منصور عاشق المسرح يحط الرحال
يرحل اليوم الفنان الذي عشق المسرح إلى الحد الذي ضحى فيه بدراجته التي تقله إلى عمله، لتقديم أول عرض مسرحي له، رحل أحمد منصور الذي كانت أعلى درجات سعادته تتجلى في تلك اللحظة التي يقف فيها على خشبة المسرح، ويصفق له الجمهور بحرارة.
ربما قلة هم الذين يعرفون أحمد منصور على خشبات المسارح، وهذا يعود إلى تجاهل الإعلام لنجوم المسرح، لكنه يعتبر أحد أهم المؤسسين لأول فرقة مسرحية في حمص، وهي فرقة المسرح العمالي ١٩٧٣، مع الكاتب والمخرج المسرحي فرحان بلبل، وكان أول عرض لهم، مسرحية “الجدران القرمزية” إخراج بلبل، وأدى فيها دور العم أحمد، في ثلاثة عروض على مسرح سينما الزهراء بحمص. وقد احتاجت الفرقة أثناء البروفات – كما روى في إحدى المرات – إلى ٢٠٠ ليرة، فقام ببيع دراجته بمبلغ ٨٠ ليرة ليساهم في تأمين المبلغ واستكمال البروفات، وكانت مكافأتهم بعد العرض “صدر كنافة نابلسية”.
المسرحية التي شكلت نقطة تحول في مسيرته المسرحية كانت عرض “الحلاج” مع فرحان بلبل مخرجاً لنص من تأليف المصري صلاح عبد الصبور، ونال عنها جائزة أفضل ممثل في سورية عام ١٩٧٣، واستقبل العرض بحفاوة جماهيرية كبيرة في ذاك الحين.
قدم الراحل خلال مسيرته الفنية الطويلة أكثر من ثلاثين عرضاً مسرحياً، وبقي وفياً للمسرح عشقه الوحيد حتى آخر يوم في حياته حيث كان مواظباً على حضور معظم العروض المسرحية التي تستضيفها مسارح حمص من داخل المحافظة وخارجها، ظل متواضعاً لتلك الخشبة التي رافقت أحلامه وأهواءه منذ اليفاعة حتى المشيب.
دخل إلى عالم الدراما التلفزيونية وحنينه للمسرح لا ينقطع، شارك في الكثير من الأعمال التلفزيونية التي كان يرى في أغلبها مردوداً مادياً يلبي حاجته وعوزه الذي عجز المسرح عن تأمينه، وكانت البداية في سهرة “النزاع” مع المخرج محمد فردوس أتاسي، عن نص للكاتب عبد النبي حجازي، ثم مسلسل “الذئاب” للمخرج بسام الملا، لتأخذ مسيرته في التلفزيون تتألق وتتميز، بتلك اللهجة الحمصية التي رافقته في كل مراحل حياته الفنية المهنية، ليظهر بعدها بأدوار أساسية في العبابيد، وعدالة الصحراء، والمحكوم، وثلوج الصيف، وليل المسافرين، وليس سراباً، والحوت، وغيرها الكثير، واليوم يحط الرحال في مدينته التي ولد فيها عام ١٩٤١، وحمل ملامحها معه في حله وترحاله، وعينه دائماً على حجارتها السوداء التي ستضم رفاته، ويستريح مطمئناً بين جنباتها.
آصف ابراهيم