.. بإرادة الله والوطن والشعب
رئيس التحرير
بسام هاشم
تلك حالة نادرة واستثنائية أن يكون الترشّح للاستحقاقات الانتخابية واجباً ومهمة، ولكنها تحصل اليوم في سورية، وقد سجّلها أمس الرفيق الأمين العام للحزب، بشار حافظ الأسد.
لا يحمل طلب الترشّح أبعاداً شخصية، بقدر ما هو نزول عند مقتضيات الأمانة التاريخية التي تجعل من الدفاع عن سورية والذود عنها في قلب المعركة، وإحباط المشاريع والمخططات التي تستهدف سيادتها ووحدة أرضها وشعبها، ودورها، وعمقها العروبي والحضاري والإنساني، مهمة لا يمكن التردد أمامها، أو تركها للصدف العشوائية، فسورية اليوم لا تواجه عدواناً بعناوين سياسية محدودة وطارئة، بل تصد هجمة هائلة ومخيفة كتلك التي تمر على المنطقة العربية كل ألف عام. والحرب التي طوت جيلاً كاملاً، وتستعد لطي جيل آخر وراءه، إنما تريد تمزيق الشرق الأوسط في أوردته، ولربما كنسه حضارياً بأبعاده العربية والإسلامية والمسيحية المشرقية.. هكذا وإلى الأبد!!
هنا، يدرك الرفيق الأسد أن التقدّم بالترشّح إلى منصب رئاسة الجمهورية العربية السورية إنما يندرج في إطار متابعة الإنجاز واستكمال المهمة، فلا يمكن للمحارب أن ينشد الراحة في قلب المعركة، ولا مجال للمقاوم أن يعرف معنى للتعب والإرهاق فيما يتناسل المرتزقة والقتلة والإرهابيون من كل أقطار الأرض.
لن تذهب سورية إلى أيدي المجرمين والمتواطئين والمتآمرين، ولن تقترع سورية يوماً ما لـ “جبهة النصرة” أو لـ “هيئة تحرير الشام”، أو للانفصاليين العملاء من “قسد”، ومن جوقة أصحاب الرؤوس الحامية، أقزام “الحماية الديموقراطية”، ولن تقترع أيضاً للخونة – الصغار والكبار!! – الذين باعوا سورية في لحظة تكسّب وجشع، لم تبتسم لهم إلى النهاية. وهؤلاء لا يمكن إدراج رفضهم للانتخابات والاستحقاقات الدستورية أو التشكيك بها باعتباره موقفاً، كما لا يمكن تسميتهم بـ “مقاطعين” أصلاً، فقد كانوا مارسوا “واجباتهم” الانتخابية في صناديق أوباما وترامب وبايدن، على التوالي، عندما هللوا مراراً وتكراراً، وبحناجر ملتهبة، للدفع باتجاه العدوان العسكري السافر، مستصرخين الحرب على سورية، على ما يمكن وصفه مجازاً لهم بـ “الوطن الأم” (إن كان لمثلهم وطن أو أم). وهؤلاء أساساً لا يمكن أن يحوزوا على “الحق” بالتصويت، ولا يمكن لديموقرطية حقيقية، وتحترم نفسها ومواطنيها، أن تخصص لهم صندوقاً، أو أن تقيّدهم على لوائح انتخابية، فالديموقراطيات الحرّة لا يمكن أن تنهض بالعبيد المستزلمين للأجنبي.
هنا، أيضاً، لا معنى للمزيد من سوق أكاذيب أو تخرّصات لا تعبّر إلا عن الغرق في خداع الذات والإمعان في التضليل، فالدولة السورية هي المستهدفة منذ البداية، وكل دعاوى “إسقاط النظام” لم تعدُ كونها، على امتداد فترة الحرب، مجرد ستارة واهية في الطريق إلى تقويض الدولة وتدمير مؤسساتها للوصول الى الفراغ السياسي والدستوري الذي سيمكّن، في أهون الأحوال، من إعادة تطبيق الأنموذج العراقي أو الأفغاني، بل ولربما تكرار مخطط دايتون كوصفة لديموقراطية التقسيم والتفتيت والشرذمة، وعندها يمكن فقط أن نتحدّث عن فساد أبدي يخضع لتنظيم وشرعنة وحماية صندوق النقد الدولي.
لقد دمّرت الحرب سورية خلال عشر سنوات، ولكنها لم تستطع أن تشكك بكيانيتها وشخصيتها السياسية، كما هي لم تتمكّن من القفز فوق وحدة أرضها وشعبها، التي لا تزال عنواناً أولوياً وجوهرياً في أي مقاربة للحل.. وللحقيقة، فإننا نغالط أنفسنا عندما نتحدّث عما يوصف أنه “حل متفق عليه”، أو “تسوية سياسية” أو “حل وسط”، وكل تلك الترهات، التي يصمّون آذان السوريين بها كل يوم، فالحق أن سورية تمارس دفاعاً ملحمياً عن النفس ضد موجة من الحروب الخارجية الحاقدة والمجنونة، التي لم تبدأ في آذار 2011، بل تعود في الزمن إلى بداية القرن الماضي، وهو دفاع يمثّل خلاصة الوقوف في وجه ثلاثة امتدادات استعمارية اجتمعت على مجزرة واحدة: عودة العثمانية الجديدة والفرنسية الحديثة والأمريكية في انتقالها إلى الاحتلال المباشر للمنطقة العربية.
الرفيق الأسد تقدّم بطلب الترشح لمنصب الرئاسة، ومعركة الإنقاذ والبناء مستمرة حتى النصر الكامل.. بإرادة الله والوطن والشعب.