“المنهج التربوي المقاوم” ندوة لاتحاد الكتاب
ضمن سلسلة الندوات الأسبوعية التي يقيمها اتحاد الكتّاب العرب للإضاءة على الموقف السوري “شعباً وقيادة” من التطبيع مع العدو الصهيوني بعنوان “القدس إليك.. سائرون” جاءت الندوة الرابعة مكتملة الأركان من حيث التعليم والتوجيه والتدريس، ليكون “المنهج التربوي المقاوم” هو عنوانها، بإدارة الأديب الأرقم الزعبي وافتتحها بالحديث عن المعاني الشاملة للمقاومة وضرورة العمل عليها وأهمية وجودها بالفكر التربوي.
المقاومة مسؤولية
يزدهر المنهج التربوي الثوري المقاوم في سورية القوية، وعن هذا المنهج تحدث الأب الراهب أنطونيوس حنانيا بالقول: المنهج التربوي الثوري المقاوم مسؤولية كل مقاوم، إنه منهج الفقراء والمحرومين الذين يتوقون للمعرفة الحقيقية المنبعثة من دروب الآلام والحرمان والإخلاص، هذا المنهج ناظراً إلى العلا وعازماً على التغيير من دون تطبيع، والمقاوم يعرف أن التغيير يدخله في معاناة شاقة وطويلة، ولكن مقاومته أفضل من الوضع المهترئ المفروض عليه من الشيطان الأكبر أمريكا بإيحاء من الشيطانة إسرائيل، فالمقاوم لا يستسلم لهيمنة العدو الإعلامية والتربوية والثقافية ولا يذوب فيها ولا يتعاون معها وكأنها واقع مفروض، لذلك المنهج التربوي الثوري المقاوم يساعد المقاومون على تمييز أدوات سلاحهم لكي لا يستعملوا سلاح العدو، والمقاومون يميّزون، يحلّلون، يقرؤون، يقارنون ويمتحنون الأمور من جميع الزوايا، ويكشفون الخبايا والخفايا وجميع الأسرار وألغازها، وعلى المقاوم أن يحسب جيداً لكي يميّز بين عدو وصديق، وألا يستورد أو يقتبس أدوات العدو إلا في حالة خداعه.
وأضاف الأب حنانيا: طموح المقاوم هو العودة إلى فلسطين قلب العروبة بقضيتها المقدّسة، والمقاوم لا يتأثر بعداء العالم له لأنه يعرف انحياز تلك الدول لتأثير العدو وإعلامه وترويج حقوقه غير المشروعة، فنحن بحاجة إلى ثورة أصيلة من طبيعة أرضنا وفكرنا، ثورة مباركة في صراط مستقيم وإيمان قويم، ثورة عربية مشرقية قيامية فوق الأديان لأنها حق، فالتقاعس العربي والتآمر على سورية من دول الخليج باستثناء اليمن يدفعنا إلى إعادة النظر في منهج تربوي ثوري مقاوم يحدّد بدقة العدو الداخلي والخارجي ويرصد كلّ اختراق معادٍ لمحور المقاومة عامة ولقضية فلسطين خاصة، وقد برهنت سورية أنها دولة حضارية علمانية متعدّدة الأديان والشعوب تؤمن بإله التوحيد دون تعصب أو انحراف، وأنا كراهب فلسطيني مقاوم وثائر، ارتأيت أن أرضية المخيم الفلسطيني ملائمة جداً لهذا المنهج التربوي بسبب الفقر والحرمان ومحاولات تهجير اللاجئين المبرمجة لكي يتنازلوا عن حق العودة، ودفعت سورية ثمناً باهظاً بسبب تمسكها بالقضية الفلسطينية.
متطلبات المنهج المقاوم
وقارب د. سام عمار مصطلح المنهج التربوي المقاوم من وجهة نظر أكاديمية تربوية تنظر إلى المنهج بوصفه محتوى متكاملاً من الخبرات التي تهدف إلى تكوين المواطن الصالح، وإذا ترسخ هذا المنهج التربوي في عقول المتعلمين تحول بشكل طبيعي إلى أنماط سلوك أو مهارات موجهة بمنظومة القيم التي حرص على تكوينها لديهم. وربط بين مفهومي المنهج التربوي والمقاومة، ولخصه بأنه المنهج التربوي المبنيّ على عقيدة المقاومة تشكل عموده الفقري معرفياً وقيمياً وسلوكياً، ويبقى: ما هي متطلبات هذا المنهج؟.
في الواقع يتطلب بناء المنهج التربوي إعداد متخصصين تربويين مقاومين، والإيمان بأن الفكر المقاوم لا يتناقض مع التقدم العلمي، والبحث الواعي في التاريخ العربي والإنساني، وأن تكون ثقافة المقاومة مكوناً رئيسياً من مكونات المنهج المقاوم، ودمجها فيه عميلاً لن يكون أمراً صعباً إن توفرت الخبرة المهنية والتخصصية والنية الصادقة، والمقصود بالمفهوم التربوي المقاوم هو قوة العزيمة والصمود، ووعي الذات، ومحبة الوطن والحرص على بنائه والتضحية من أجله، وهذا يتطلب تربية أبنائنا على القيم المقاوِمة وزرع مفاهيمها في عقولهم، والسعي دائماً إلى أن نعطيهم القدوة والمثل من خلال تحويلها إلى سلوك عملي في تعاملنا معهم ومع الآخرين من أبناء الوطن، وأن نربي في أبنائنا شخصية المواطن المقاوم الشجاع الحر الجريء والصادق مع نفسه ومع الآخرين والمخلص لوطنه. أما تنفيذ المنهج التربوي المقاوم فيتطلب إعداداً متيناً للمعلم المقاوم الذي سيتحمل أخلاقياً مهمة إيصال هذا المحتوى بأفضل الطرائق والوسائل وأيسر السبل والإمكانات، وأن يكون الأستاذ الجامعي الذي يعدّ المعلم المقاوم مقاوماً هو الآخر.
دور المؤسسات
بدوره تحدث مدير التوجيه والإرشاد في وزارة الأوقاف د. محمود دياب عن التأصيل الشرعي لتاريخ المقاومة من خلال صراع الحق والباطل، وأضاف: هناك مخاطر تواجهها الأمة في العصر الحديث من طمس الهوية والترويج للتطبيع ومحو هوية المقاومة من خلال نشر الفكر المتطرف عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي واستغلال بعض المثقفين واستدراجهم وسقوطهم في أحضان الغرب، وهنا لا بد من الإشارة إلى الدور الفاعل الذي تقوم به المؤسسات الثقافية والتربوية والدينية لمواجهة هذه التحديات وزرع العقول بقناعة الدفاع عن الشرف والأرض ومواجهة التطرف وتجذير المقاومة.
وفي ختام الندوة أرسل المطران عطا الله حنا رسالة صوتية أشار فيها إلى دور المقاومة في زعزعة الثقة عند العدو وضعف الأمل لديه ودورها في التحرير وما تقوم به سورية في هذا الاتجاه.
جمان بركات