دراساتصحيفة البعث

لعبة الكيميائي المكشوفة

تقرير إخباري

شكل القرار الذي اتخذ في الدورة الـ 25 لمؤتمر الدول الأطراف في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ضد سورية تطوّراً خطيراً في مسيرة عمل المنظمة كونه يتنافى مع ميثاقها، الذي انحرفت عنه كثيراً، لجهة تقديم معلومات وأدلة كاذبة ضد الدولة السورية، وهو ما شكّل الأساس للاعتداءات التي قادتها الولايات المتحدة ضد سورية، وهي اليوم  أساسية في الرواية التي تُستخدم لإدامة الحرب بالوكالة ولتبرير العقوبات غير الشرعية على سورية.

لقد تم فضح عمل المنظمة من قبل منصات إعلامية كثيرة، وعبر شخصيات سياسية غربية وازنة، منها بيتر فورد سفير المملكة المتحدة في سورية بين 2003 – 2006، حيث قال في لقاء مع موقع “غراي زون” نهاية عام 2020: ” لقد تم لعب هذه القضية مع سورية كما تم لعبها مع العراق. أنا مقتنع تماماً أنها خدعة متقنة، لأنه لم يتم التحقيق في أي من الحالات المزعومة لاستخدام الأسلحة الكيميائية على الأرض من قبل أي تحقيقات للأمم المتحدة أو غيرها من التحقيقات الدولية. بالإضافة إلى كوني مسؤولا سابقا في الأمم المتحدة فإن هذا لا يفاجئني لأنني رأيت من داخل آلية الأمم المتحدة كيف يتم تحريف الحقائق من قبل القوى الغربية، وخاصة من قبل الولايات المتحدة”.

وفي السابق غطى الراحل روبرت فيسك هذه القضية للإندبندنت من سورية مباشرة، وقال: “المفتشون الذين حققوا في الادعاءات توصلوا إلى استنتاج مختلف تماماً عما تم نشره علناً. كان لديهم أدلة وبيانات أساسية خاضعة للرقابة، وتم إدخال استنتاجات خاطئة غير مدعومة لإخبار الجمهور بشكل خاطئ. لكن مع ذلك، فإن وسائل الإعلام، في معظمها، وخاصة في الغرب، كانت صامتة إلى حد كبير بشأن القصة”.

مؤخراً، وفى جلسة لمساءلة مدير منظمة الحظر فرناندو أرياس غونزاليس حول شن هجوم ضد مفتشين مخضرمين اثنين أثبتا عدم صحة رواية المنظمة بخصوص الهجوم المزعوم في دوما، واستبعاد عمل المفتشين العلمي، وإعادة كتابة تقريرهما ومنعهما من إضافة أي مداخلات بعد أن كشفا عن دفن أدلة وتزوير أخرى، أكدت عضو البرلمان الأوروبي عن إيرلندا كلير دالي أن استقلالية ومصداقية منظمة حظر الأسلحة الكيميائية باتت “موضع شك”، وهو ما سيتسبب بعواقب جيوسياسية وأمنية خطيرة في المستقبل.

إن تحريف مسؤولي المنظمة للتقارير التي قدمها محققون زاروا سورية وتوصلوا لنتيجة عدم وجود أي أدلة على استخدام الأسلحة الكيميائية، وفضائح التقارير المزورة التي أصدرتها المنظمة والتسريبات التي خرجت من داخلها وبينت التلاعب بتلك التقارير من قبل مفتشي وعلماء المنظمة، وضع مصداقية المنظمة ومصداقية تحقيقاتها وتقاريرها السابقة والمستقبلية على المحك وسيجعلها عرضة للتشكيك والتساؤلات. وحتى الآلية التي اتبعتها المنظمة في التصويت سيشكل تطوّراً خطيراً في مسيرة عمل المنظمة، لأنه يتنافى مع ميثاقها وإجراءاتها التي اعتادت عليها في اتخاذ القرارات بتوافق الآراء منذ تأسيسها عام 1997. لذلك إن هذا القرار سينعكس كارثياً على عمل المنظمة، وسيزيد من تسييس دورها.