مشروع متباطىء؟
الرهان على أداء الإدارات في المؤسسات والشركات الصناعية لتحقيق قفزة نوعية والنهوض بواقع هذه المؤسسات التي أشبعت على مدار السنوات الماضية بالخطط الصناعية المكررة، شكل حالة من الاختلاف في الرؤى والمواقف بين الجهات المعنية، وفي الوقت ذاته بين الحالة المتباطئة لمشروع إصلاح القطاع العام الصناعي الذي لم يتمخض عنه “حتى هذه اللحظة” ومنذ أكثر من عشرين عاماً على ولادته في عشرات الدراسات ومئات الاجتماعات .. سوى التصريحات الفضفاضة البعيدة عن حقيقة ما يجري. ويبدو أن اختلاف الظروف، إضافة إلى الكثير من المستجدات التي فرضتها الحرب على واقع المؤسسات والشركات العامة، لم يستطع تحييد ذلك السيناريو الإصلاحي الذي كرس الفشل في جميع جولاته السابقة، وباعتراف كل الجهات المعنية، وبدليل انهيار شركات هذا القطاع وسقوطها المتتالي كأحجار الدومينو في سجلات الخسائر والتصفية الصناعية والإنتاجية والعمالية.
ولاشك أن عدم اجتماع اللجنة الفرعية المشكلة لمتابعة مشروع إصلاح القطاع العام الصناعي، وبقاء النقاش فيه في نقطة البداية، ينبئ بمخاض عسير، وقد ينتهي كما انتهى سابقاً بالموت السريري للمشروع الذي يبدو أنه لن يقلع بأفكاره من مهبط التشخيص وتقسيم الشركات بين رابحة وحدية وخاسرة، وهذا يعني استمرار الدوران في حلقات مفرغة تحت عنوان “فالج لا تعالج”.
والغريب أن تمسك أصحاب القرار بتوطيد الحالة التفاؤلية ورش الأمل في بيادر الإنتاج الصناعي وإصرارها على إنعاش مشروع إصلاح القطاع العام الصناعي لا يستند إلى مقومات حقيقية، خاصة مع عدم توفر السيولة المالية اللازمة للإقلاع بالمشروع الذي يشكل بهذه الظروف وبوقائع العمل الحالية مجازفة ستنتهي وبشكل حتمي بتعزيز خيبة الأمل، فالإخفاق المتكرر في رسم خارطة طريق لمشروع إصلاح القطاع العام الصناعي لم يعد حالة افتراضية بحاجة إلى الإثبات، بل هو حالة واقعية تدعمها حقيقة غياب الخطوات التنفيذية لعملية إصلاح القطاع العام الصناعي التي تحتاج إلى توفر الإرادة والإدارة والتشريعات والموارد.
بالمحصلة، واقع القطاع العام الصناعي لا يحتاج إلى المزيد من الدراسات والنظريات الإصلاحية، بل إلى قرار جريء ينهي مرحلة القطاع الصناعي الاجتماعي، ويعلن ولادة قطاع الصناعة الإنتاجية بعقلية إدارية غير نفعية، وبنهج عمل قائم على المحاسبة والمساءلة الرقابية دون أي استثناء.
بشير فرزان